Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 12, Ayat: 68-68)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَلَمَّا دَخَلُوا } مصر { مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ أَبُوهُمْ } أَى من أَبواب متفرقة ثلاث أَو رباع ، أَو مثنى أَو أحاد ، وهو المتبادر ، وحيث بمعنى المكان وهو هنا أَربعة أَبواب مصر ، وجواب لما هو قوله { مَا كَانَ يُغْنِى عنْهُم مِّنَ اللهِ مِنْ شَىْءٍ } وقيل محذوف ، أَى امتثلوا أَو قضوا حاجة أَبيهم ، وفيه أَنه لا فائدة فى هذا الجواب وهى حرف إِذ لو كانت ظرفا لم يوجد لها متعلق ؛ لأَن ما النافية لها الصدر فلا يتعلق فيما بعدها ، فيجاب بأَنا لا نسلم أَن لها الصدر ، وإن كان لها صدر فالظرف الشرطى يخرقه كما قيل فى إِذا ، أَو محذوف أى قصدوا الملك أو حاجة أَبيهم ، وقيل : جوابها أَى وهو أَيضاً جواب للما الثانية لأَن دخولهم على يوسف عقب دخولهم مصر ، كما تقول : لما جئتنى ولما كلمتنى أجبتك ، وما بينهما معترض ، أَو الجملة حال من واو دخلوا ، وضمير كان عائد إِلى يعقوب أَو إِلى رأْيه أَو إِلى دخولهم من حيث أَمرهم أَبوهم وهو اتباعهم رأْيه ، والماصدق واحد ، والمعنى ما أَغنى عنهم فى رفع العين بل رفعها الله ، ولا يقال أَنه لم يغن عنهم ذلك إِمساك أَخيهم بنيامين ، لأَنه أَمسكه يوسف لأَنا نقول : الكلام فى الإِغناءِ بدفع العين خاصة بدليل الأَمر بالدخول من أَبواب إِذ لا يخفى أَن الدخول من أَبواب لا يكون سببا لدفع إِمساك بنيامين ، وأَيضا لا شعور ليعقوب بإِِمساكه حين أَمرهم بأَبواب ، وأَيضاً شىءٌ نكرة فى سياق السلب تعم ، وقد وقاهم الله من إِصابة العين وهى شىءٌ ، وقد يقال : إِن إِمساكه من جملة إِصابة العين لأَن إِصابتها لا تختص بموت أَو ضر فى البدن ، وذكر بعض ؛ أَن المراد السوءُ مطلقا وخصت العين لظهورها ، وحاصل الآية أنه لا يغنى عنهم من قضاء الله شىءٌ بل الله هو الدافع لما دفع من العين ، وما أَغنى شىءٌ مما قضى الله من نسبتهم إِلى السرقة ، ومن إِمساك بنيامين ، ويجوز أَن لا ضمير فى كان لما مر بل للشأْن ، والضمير فى يغنى لما مر وأَن يكون شىءٌ فاعل يغنى { إِلاَّ حَاجَةً فِى نَفسِ يعْقُوبَ قَضَاها } يعقوب وهى دفع العين أَشفق أَن تصيبهم ، ومعنى قضاها أَرادها ، أَو أَظهرها وأَعلم بها أَولاده كقوله تعالى : { وقضينا إِلى بنى إِسرائيل فى الكتاب } [ الإسراء : 4 ] والاستثناءُ منقطع ، ويجوز أَن يكون متصلا من باب قوله : @ ولا عيب فيهم غير أَن سيوفهم بهن فلول من قراع الكتائب @@ فالمعنى ما أَغنى عنهم ما وصاهم به أَبوهم إِلا شفقة ، ومن المعلوم أَن شفقة الأَب مع قدرة الله هباءٌ ، فما أَغنى عنهم شيئاً قط ، وقيل : فاعل قضى ضمير الدخول { وإِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ لِمَا علَّمْنَاهُ } بالوحى ونصب الحجج ، ولذلك لم يغتر بتدبيره ، بل فوض الأَمر إِلى الله عز وجل ، وما مصدرية أَى لتعليمناه أَو اسم أَى الذى علمناه إِياه ، وأَن العلم الحفظ والمراقبة { وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ } وهم المشركون { لاَ يَعْلَمُونَ } سر القدر أَنه لا يغنى عنه الحذر ، فيقصر نظرهم على الأَسباب ، أَو لا يعلمون إِلهام الله - عز وجل - لأَوليائِه ، أَو لا يعلمون وجوب الحذر ، ورد بأَنه يأْباه تخلف المطلوب من المبادىءِ ، أَو لا يعلمون أَن يعقوب بهذه المثابة .