Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 12, Ayat: 70-70)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ فَلَمَا جَهَّزَهُمْ بِجَهَازِهِمْ } أَصلح لهم عدتهم وأَوقر ركائِبهم وذلك تأَكيد قولك نطقت بلسانى ، وتجر بالباء للمبالغة كأنه انتزع من جهازهم لكماله جهازاً آخر والفاءُ لسببية الإِيواءِ لجعل السقاية فهى داخلة على جعل ، ولعدم السبب فى لفظ التجهيز الأَول كان بالواو لا بالفاءِ ، وفى الفاءِ تلويح بسرعة الرجوع ، ولذلك لم يكن الأَول بالفاءِ أَيضاً فإِن الأَول بطول مدة الإِقامة ليتعرف الملك أَحوالهم { جَعَلَ } يوسف ، وقيل غيره لكن أَسند الجعل إِليه لأَنه أَمر { السَّقَايَةَ } وعاءٌ من ذهب مرصع بالجواهر ، وعن عكرمة : من فضة مرصعة بالجواهر ، وقيل مموهة بالذهب ، وقيل من ذهب كان مشربا له ثم جعله مكيالا لعزة الطعام الذى يكال به ، قيل : كانت مستطيلة تشبه المكوك الفارسى الذى يلتقى طرفاه ، وقيل من فضة تسقى الدواب بها { فِى رَحْلِ أَخِيهِ ثُمَّ أَذَّنَ } نادى { مُؤَذِّنٌ } بعد مدة طويلة مثل أَن ينفصلوا عن البلد ، أَو عمرانه أَو دخلوا بلدة أَخرى كما قيل وصلوا بلبيس ، ومعنى مُؤَذن من شأْنه أَن يؤَذن ، أَو رجل معروف بالنداءِ ، ولعله كرر النداءَ بدليل التشديد { أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقونَ } العير هنا الناس الراجعون من السفر مع إِبلهم المحملة للميرة ، وأَصله الإبل المحملة لها لأَنها تعير أَى تجىءُ وتذهب ثم صارت حقيقة عرفية لها مع الذين معها ، ولكن المراد هنا أَهلها الذين معها للخطاب بالسرقة ، أَو الآية على الأَصل المذكور لكن سمى أَهلها باسمها لعلاقة الجوار بالسير والمكث وبالحمل لهم وعليها وبالملك لها ، والرعى والسقى والإطعام ، أَو يقدر مضاف أَى يا أَهل العير ، ويطلق العير أَيضاً على كل ما يحمل عليه من إِبل وحمير وبغال سمى لأَنه يعير أَى يجىء ويذهب ، وقيل : المراد هنا الحمير ، وهو اسم جمع ولا واحد له من لفظه ، وقيل جمع عير بفتحها الحمار فتكون القافلة حمرا فى هذا القول ، وقد تطلق القافلة على المسافرين تفاؤْلا بالرجوع ، والخطاب فى الآية مثله فى قوله صلى الله عليه وسلم : " يا خيل الله اركبى " رواه سعيد ابن جبير ، وعن قتادة ابن النعمان : بعث صلى الله عليه وسلم منادياً ينادى يوم الأَحزاب : " يا خيل الله اركبى " وروى أَن أَنس بن حارثة ابن النعمان قال : يا رسول الله ادع الله لى بالشهادة فدعا له فنودى يوماً " يا خيل اركبى " وكان أَول راكب وأَول فارس استشهد ، فأَطلق الخيل على أَصحابها للجوار المذكور ، وإِذا قيل جمع عير بالفتح فالصلة عور بضم العين كسرت لتسلم الياءُ من قبلها واو ، أَو ذلك كسقف بضم فإِسكان جمع سقف بفتح فإِسكان ، وذلك شبيه بباب فعل بضم فإِسكان فى جمع أَفعل وفعلاء فى الأََلوان والعيوب من معل العين كبيض فى جمع أَبيض وبيضاءَ ، وإِنما قال : اركبى لتأْويل الفرسان بالجماعة ، ولا ظلم فى خطاب الجماعة بالسرقة مع أَنهم لم يسرقوا لأَن الله - عز وجل - أَباح لهم ذلك الخطاب كما أَباح له مَا يزيد به حزن أَبيه يعقوب ، وكما أَباح له نسبة السرقة إِليهم بمعرضة لمصحلة ، وأَما بلا إِباحة من الله فيبحث فيه بأْن المعرضة تضرهم فلا تكون جواباً ، وقيل أنهم لا يتضررون بذلك لظهور أَن ذلك حكم على المجموع ، أَى فيكم سارق فإِنهم تعددوا وأَيضاً معهم غيرهم بدليل قوله : { والعير التى أَقبلنا فيها } [ يوسف : 82 ] ، وبنيامين متفق فى ذلك مع يوسف راض كما مر ، وسمى ذلك سرقة تجوزا للمشابهة ، وأَما ما قيل أَنه أُريد لسارقون يوسف من أَبيه بأْن شبه احتيالهم فى أَخذه بالسرقة فيرده قوله : قالوا : نفقد صواع الملك ، ويجاب بأَنه أَخفى أَولا المسروق ليخرج عن الكذب ، وأَظهر ثانياً المراد وهو الصواع ، ويجوز على ضعف أَن يكون على حذف الاستفهام أًى أَئِنكم لسارقون ، أَو قال المنادى ذلك بلا أَمر من يوسف ، لما فقد الصواع شرع فى البحث والنداء فيهم لأَنهم آخر من اكتال فى ذلك اليوم ولم يخبره يوسف بأَنه هو أَخفاه ، ولا ظلم فىعدم إِخباره بأْنه أَخفاه لما مر .