Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 12, Ayat: 82-83)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ واسأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِى كُنَّا فِيهَا } اسأَل أَهل القرية التى كنا فيها وهى مصر على أنهم ردوا إليها للتفتيش ، أو قرية بعدها على أنهم لم يردوا إليها ، وتطلق القرية أيضاً على أَهلها مجازا أَو حقيقة ، وسميت القرية قرية لأنها تقرى الناس أى تجمعهم ، قريت الماء فى الحوض جمعته ، والأَولى أن المراد مصر ؛ لأَن قوله : كنا فيها يناسبه أَشد القرية الأُخرى فلم يطل مكثهم فيها ، وما معنى الكون فيها إلا كونهم فيها حين استخراج الصاع على هذا القول ، ومعنى قولهم اسأَل القريةَ ، أَرسل إِلى أَهلها يجيبوك لأَن يعقوب فى الشام لا فى مصر وأًعمالها ، والمراد أسأَلهم عن القصة { وَالعَِيرَ الَّتِى أَقْبَلْنَا فِيهَا } وأَهل العير التى أقبلنا فيها ، أَو العير التى أقبلنا فيها كله اسم للناس وهم غيرنا جمعنا سفر واحد ، بل الظرفية تدل على أن الأَكثر غيرهم ، أَو فى بمعنى مع فيكون المتبوع هو الأَصل فهم تابعون فتبادر أنهم أَقل والأَصل الظرفية { وَإِنَّا لَصَادِقُونَ } إنا قوم عادتنا الصدق فما يكون ما أَخبرناك به إلا حقا ، وقيل : إنا لصادقون فى قولنا أَنه سرق بحسب الظاهر ، ويدل له قوله : { بل سولت } إِلخ ، وقيل المراد : اسأَل القرية والعير على ظاهرهما بناءً على أَن الأمر ظاهر حتى لا يخفى عن الجماد والإِبل كقوله : @ واسأل نجوم الليل هل زار الكرى جفنى وكيف يزور من لم يعرف @@ وهذا أَيضا مجاز ، هذا آخر كلام كبيرهم الذى أَمرهم أن يقولوا لأبيهم إِذا رجعوا إِليه فقالوا له : نعم نقوله : فرجعوا إٍليه وقالوه له فأجابهم بما قال الله عنه فى قوله : { قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ } ليس الأَمر كما قلتم بل زينت وسهلت أَو خيلت أنه سرق وما سرق ، والإِضراب ببل عن دعواهم الصدق أَى لم تصدقوا بل سولت بمعنى أَن ما شاهدتم ولو صدقتم فيه غير خال عن تضمن ما ينقصه ، أَو الإِضراب عما يتضمنه من البراءَة عن التسبب فيما نزل بأخيهم كما أَفتوا باسترقاق السارق ، وليس من دين الملك وفى معنى ذلك تقدير المحذوف أَى ليس حقيقة كما أخبرتهم بل سولت ، أَو الإِضراب عما طمعوا فيه من الخروج عن التهمة لذلك الإِفتاءِ وما فعلوا بيوسف ، أَو إِضراب عن جعلهم وجود الصواع فى رحله سرقة { لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْراً } فعلتموه كيدا فى إِهلاكه أَو تغييبه ، وهبوا أنه سرق فمن أَدرى الملك أَن السارق يسترق بسرقته ، وإِنما يعلم ذلك من جهتكم ، قيل : وكان استرقاق السارق شرعا ليعقوب والأَنبياء قبله ، وقد علمه من قولهم : { جزاؤه من وجد فى رحله } [ يوسف : 75 ] وإنما سعى فى أن لا يخبروه لأَنه يظن أَن الملك مشرك حاشاه ، والمشرك لا يملك موحدا كما أَن دماءَ المشركين والموحدين لا تتكافأُ { فصَبْرٌ جَمِيلٌ } أَى فأَمرى صبر جميل ، أَو فصبر جميل أَحسن ، أَو فالواجب صبر جميل ، أَو فعلى صبر جميل ، من الصبر الجميل أَن لا تتحدث بمصيبتك ولاتزكى نفسك ، اتهمهم لا رأى منهم فى يوسف ولعلم الملك بالاسترقاق ، واستفيد أَن الظن ، ولو قويت أَماراته وكان من أَفاضل الناس لا يؤمن كذبه فهذا يعقوب صفى الله ظن وأَخطأَ فى هذا الظن لأنه لا كيد لهم فى إِمساك بنيامين { عَسَى اللهُ أَنْ يَأْتِيَنِى بِهِمْ جَمِيعاً } يكمل لى إِتيانهم جميعا فقد جاءَ واحد وهو كبيرهم ، رجع بعد ما قال : { لن أَبرح الأَرض } [ يوسف : 80 ] وبقى اثنان يقدر الله أَن يأْتيانى فيكون قد أَتونى جميعا ، أَو الهاءُ للاثنين بنيامين ويوسف ، أَو لهما وللكبير ، على أَنه لم يرجع إٍلى أَبيه حتى يقولوا له ائْتِ ، وعسى منه عليه السلام جزم لعلمه بحياة يوسف وبأَنه سيجتمعون من الوحى أَو ترجح على احتمال أَن لاجتماعهم شرطا اختل أَو تملق إِلى الله وتضرع ، ولو جزم أَو خاف لعل اجتماعهم بعد موته ، وكذلك قال لعزرائِيل : هل قبضت روح يوسف فقال : لا ، وقد يخشى قبضه بعد قوله لا . إِذا تناهت الشدة أَتى الفرج ، وأَيضاً قال يوسف : إِذا أَتيتم أًباكم فاقرأُوا له السلام وقولوا له إن ملك مصر يدعو أَلاَّ تموت حتى ترى ولدك يوسف فيعلم أَن فى مصر صديقا { إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ } بحالى وحالهم وبكل شىءٍ { الْحَكِيمُ } فى تدبير الأَشياءِ وأَحوالها .