Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 13, Ayat: 13-13)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَيُسبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ } ثابتا مع حمده أَو ملتبسا بحمده يقول : سبحان الله والحمد لله ، والتقدير يسبح الرعد ويسبح من يسمعه بحمده ، فالحامل على هذا سامعوه ، وتسبيح الرعد حالى لا قالى ، هو دلالته على قدرة الله عز وجل - دلالة ملتبسة بنزول الرحمة هو الصوت ، وإِذا قلنا الرعد ملك فذلك منه قالى . قال صلى الله عليه وسلم : " الرعد ملك موكل بالسحاب معه مخاريق من النار يسوق بها السحاب حيث شاءً الله " ، أَجاب بذلك اليهود السائلين له عن الرعد فقالوا : وما الصوت منه ؟ قال : زجره للسحاب ، وإِذا اشتدت سحابة ضمها ، وإِذا اشتد غضبه طارت من فيه نار هى الصاعقة ، ويقال : إِن بحورا من نار تحت العرش يكون منها الصواعق ، وقال ابن سيناءَ : أَجسام نارية فارقتها السخونة وصارت للاسيتلاءِ البرودة على جوهرها متكاتفة ، وقيل : الرعد ملك والصوت تسبيحه ، وقيل : صوت ضربه السحاب ، وقيل : صوت تقارع الماءِ ، وقيل : ملك والبرق سقوطه كما مر ، وعنه صلى الله عليه وسلم : " إِن الله ينشىءُ السحاب فينطقه أَحسن النطق ويضحكه أَحسن الضحك ، فنطقه الرعد وضحكه البرق " ، والله قادر على إِحياءِ الجماد وإِنطاقه وإِضحاكه ، وإِذا سبح ذلك الملك لم يبق ملك فى السماءِ والأَرض إِلا رفع صوته بالتسبيح فينزل القطر ، وإِذا كان الرعد ملكا فقوله عز وجل : { وَالْمَلاَئِكةُ مِنْ خِيفَتِهِ } عطف عام على خاص ، وذكر الخاص قبل العام والعكس كلاهما تشريف للخاص ، والخيفة نوع من الخوف مقرون بالتعظيم والهاءُ لله عز وجل ، وقيل : للرعد خوفا منه ، والصحيح الأَول ، وليس خوفهم من الله كخوف غيرهم فإِنهم لا يعرفون من يمينهم أَو يسارهم لشدة خوفهم ، ولا يشغلهم شىءٌ عن العبادة { وَيْرْسِلُ الصَّوَاعِقَ } الصاعقة نار تنزل من ماءِ السحاب ، أَو صوت شديد ينزل ثم تكون فيه نار ، أَو عذاب أَو صوت ، وأَمر النار من الماءِ عجيب جدا ، وهى أَقوى من جميع نيران الدنيا ؛ فإِنها تنزل من السحاب ، فربما غاصت فى البحر وأَحرقت الحيتان فيه وفى قعره ، وتنزل وتغوص فى الأَرض فتخرج حجارة كالبكرة السفلى ، وهذا كخروج النار من العرجون ومن شجر المرخ ، وذلك أَدل دليل على وحدة الله أَخرج ما هو حار يابس مما هو بارد رطب ، ويقال عن ابن عباس : من سمع صوت الرعد فقال سبحان الذى يسبح الرعد بحمده والملائِكة من خيفته وهو على كل شىءٍ قدير ، وأَصابته صاعقة فعلَّى ديته { فَيُصِيبُ بِهَا منْ يَشَاءُ } يوصله من يشاءُ فيهلك ، أَو الإِصابة نفس الإِهلاك ، قال محمد ابن على الباقر : تصيب الصاعقة المسلم وغير المسلم ، ولا تصيب الذاكر . جاءَ الحديث بذلك ، فليس نزول الصاعقة على أَحد موجب للبراءَة منه كما قيل ، وأَما المسخ فموجب للبراءَة ، والجزم بشقاوة الممسوخ ، وكذا الخسف ، ولا مانع من حمل إِصابة من يشاءُ على معنى الضر له فى جسده أَو حرثه وشجره وماله { وَهُمْ يُجَادِلُونَ فِى اللهِ } فى شأْن الله يكذبونه صلى الله عليه وسلم فى قوله بالبعث والجزاءِ ، ووصف الله بالقدرة والعلم التام وبأَنه لا يشبهه شىءٌ أَشد تكذيب ، كالجدل بمعنى الإِلقاءِ على الجدالة ، وهى الأَرض ، أَو بمعنى القتل ، نزلت الآية فى رجل بعث إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ من يدعوه إِلى التوحيد فقال : مَنْ رسول الله ؟ وما الله أَمِن ذهب أَو فضة أَم نحاس ؟ فقال : عودوا إليه فعادوا ، فقال ذلك وأَقبح ، وأَمرهم بالعودة إليه فما زاد إِلا شرا ، فنزلت الصاعقة بعد إِرعاد وإِبراق فذهبت بجمجمة رأْسه وهم جلوس حوله ينهونه ، وسلموا فجاءُوا ليخبروه صلى الله عليه وسلم فسبقهم بالإِخبار ، وقال : أَوحى إِلى بذلك . وروى أَن عامر بن الطفيل وأَربد بن ربيعة أَخا لبيد وفدا إِليه صلى الله عليه وسلم ، وأَراد قتله على أَن يلهيه عامر بالجدال ويضربه أَربد بالسيف من خلفه ، فقال صلى الله عليه وسلم : " اللهم اكفنيهما بما شئت " فأَرسل الله على عامر صاعقة ورمى أَربد بغدة كغدة البعير ومات فى بيت سلولية من قبيلة تستحقر ، فكان يقول غدة كغدة البعير وموت فى بيت سلولية ، ثم خرج وأَجرى فرسه ومات على ظهره ، ويروى : ما ت عامر بالطاعون وأَربد بالصاعقة { وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ } والكيد للعدو ، أَو القوة أَو الأَخذ أَو المماحلة بمعنى المكايدة ، يقال محل لكذا إِذا تكلف استعمال الحيلة له ، وهو مصدر ، وماحل يماحل ، وإِذا كان بمعنى القوة فقد قيل : إِنه اسم لا مصدر ، ومادة المحل الشدة ، ومنه المحل بمعنى القحط ، والميم أَصل والأَلف زائِد ، ويجوز العكس فتكون من المحل بمعنى الحيلة مجازا كأَنه من المجازاة على احتيالهم فى الإِهلاك ، والقلب على هذا شاذ قياسا إِذ لا موجب لقلب الواو أَلفا فيه كذا قيل ، وليس كذلك فإِنه نقلت فيه حركة العين إلى الفاءِ فقلبت ، بل لو صحت كمجود ، ومقود لقيل شاذ ، إلا إن أَراد بكونه شاذا أَنه خارج عن قانون الاستعمال ، ويدعى أن مفعل بكسر الميم ما ورد إِلا غير معل نحو مقول ، وليس كونه شاذا لعدم الفتح قبله ؛ فإِنه ينقل فتحه لما قبل فلا تهم ، وقيل : بمعنى الفقار ، وهذا فى قراءَة فتح الميم ، والواحد محالة بالتاءِ فيكون مثلاً فى القوة ، فإِن المخلوق الطويل الظهر الكبير الفقار قويها ، وهن سبع عشرة ، وعن أَبى الهيثم : أَربع وعشرون ، ويجمع بأَن بعض الناس يكون أَكثر فقرا من بعض ، ولا تزيد على أَربع وعشرين قويا - حاشا الله - وهو ضعيف لعدم التوقيف ، ولا يجوز اعتقاده ولو بالتأْويل ، ويقتصر على الوارد كما جاءَ من حديث نهاية ابن الأَثير : " فساعد الله أَشد وموساه أَحد " ، أَى لو شاءَ تحريم البحيرة لخلقها مشقوقة الأُذن ، وهو أَقوى على ذلك ، فكنى عن ذلك بأَشدية ساعده وأَحدية موساه ولا يوصف بالساعد .