Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 15, Ayat: 25-27)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَإِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَحْشُرُهُمْ } للجزاءِ ، وفى الآية والتى قبلها دلالة على باهر حكمته ، والتأْكيد بتقديم الضمير ، فيكون ضميران والقسم { إِنَّهُ حَكِيمٌ } فى قوله وفعله { عَلِيمٌ } بكل شىءٍ ، فكل ما فى هذه السورة وغيرها بحكمته وعلمه { ولَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَان } آدم المعهود وهو أبو البشر ، وليس المراد ذريته معه كما أنه عز وجل ذكر أَبا الجن إذ قال : والجان ولم يقل والجن ، ولا يخلو الكلام مع ذلك من إفادة أَن الذرية مما خلق أبوها ، وصرح بهذه الفائِدة فى قوله عز وجل { إِنا خلقناهم من طين لازب } [ الصافات : 11 ] وقوله تعالى : { فإنا خلقناكم من تراب } [ الحج : 5 ] وأَجمعوا أَن المراد بالإِنسان هنا آدم كما هو المراد فى قوله عز وجل : { إِن مثل عيسى } [ آل عمران : 59 ] الآية ، وأَجاز بعض أن يكون الإنسان آدم وذريته { مِنْ صَلْصَالٍ } طين يابس يصلصل أَى يصوت ، إِذا نقر ، وأَيضا تصوت الريح فى جسد آدم إذا هبت عليه . وفسر بعضهم الصلصال بالصوت المترتب على النفخ فيه ، وقيل الصلصال الطين اليابس ، وأَما التصويت فخارج عما وضع له بل يترتب عليه ، ورجحه بعض وهو صفة ، وأَصله مصدر ، وقيل : بمعنى منتن والأَول أَولى ؛ لأَن النتن مذكور فى قوله : مسنون . والرباعى المركب من حرفين متفاصلين مصدره ووصفه عند الفراءِ ليس له لام الكلمة ، بل له الفاءُ والعين فقط هكذا فعفع وذلك كصلصل وصلصال ووسوس ووسواس ، ويرده أَنه لا فعل ولا اسم معربا إلا له لام الكلمة ، وقيل : تكررت فاؤه فقط والرابع لام الكلمة الفعل فعفل والاسم فعفال ، ويرده عدم ورود نظيره إِذا لم تقل العرب فى ضرب ضرضاب ونحوه ، وقيل : تكرر عينه وقلب الثانى من المكررين من جنس الفاءِ ، فالأَصل مثلا صلل بشد اللام الأَولى قلبت ثانيته صادا ووسس بشد السين الأُولى قلبت ثانيته واوا ، وذلك كراهة لثلاثة أَحرف من نوع واحد ، ويرده أَنه لو كان كذلك لكان المصدر تفعيلا كتصليل وتوسيس كقدس تقديسا ، وأَن الأَولين فى حكم الواحد للإدغام ، وقد ورد كثيرا كقلل وعلل ، وقيل فعلل وهو الصحيح لورود مصدره كمصدر دحرج ، وكلها أُصول كصلصلة ووسوسة ، وقيل : الخلاف فيما يبقى أَصل المعنى لو سقط الثالث نحو لملم ، وإِلا فلا خلاف فى أَن حروفه كلها أُصول ، وبسطت ذلك فى شرح لامية ابن مالك { مِن حَمَإٍ } نعت لصلصال ، أَو بدل من قوله : من صلصال ، والحمأُ الطين المسود من طول مجاورة الماءِ ، كما يسن الحجر على الحجر أَى يحك به ويتولد منه النتن ويسمى السنين بفتح السين أَو مصور كسنة الوجه لصورته ، وسنة الشىءِ صورته أَو مصبوب يقال سنة أَى صبه ليتيبس ويتصور على صورة كما يصب فى القالب ، وهو نعت لحمإِ لا لصلصال كما قيل لأَنه بعد كونه صلصالا لا يمكن صبه ولا تصويره بحسب المعتاد ، ولا تغيير رائحة فيه ، اللهم إلا بحسب ما قيل الصلصلة ، وأَما تقديم الصفة التى هى ظرف أَو حمله على الصفة التى هى اسم صريح فجائِز إِذا كانت فيه نكتة مع أَنه يجوز أن يكون من حمإِ بدلا من قوله : من صلصال { والْجَانَّ خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نَارِ السَّمُومِ } هو أَبو الجن وإبليس من ذريته قاتلتهم الملائِكة وأَسروه فتعبد معهم ، وقيل : هو إبليس والجن أَعم من الشياطين لعمومه الكافر والمسلم ، وخصوص الشياطين الكافر ، ويجوز أَن يراد بالجان الجنس سواءٌ قلنا إن إِبليس أَبو الجن ، أَو ذرية أَبيهم ، على كل حال يتفرع الجنس من أَصله ن ويقال الجان أبو الجن ، وهو مؤمنون وكافرون ، وإبليس أبو الكافرين فقط وهم الشياطين مشركين ومنافقين ، وهم أَيضاً جن ؛ لأنهم مستورون لا نراهم فى الجملة ، وقيل الشياطين خاصة أَولاد إبليس كما مر إِلا أنهم لا يموتون إِلا إِذا مات إِبليس ، ومعنى من قبل ، من قبل آدم ، ونار السموم نار لا دخان لها تدخل فى ثقب البدن فى شدة حرارتها ولطفها والحيوان كله كالغربال ، والسموم الحر الشديد كأَنه قيل : من نار الحر الشديدة وقيل : السموم صفة أُضيف إليها موصوفها ، أَى من النار السموم أَى الداخلة المسام ، أَو الإِضافة للبيان ، أَى هى السموم ، وقيل : السموم جهنم فهو مخلوق من نار جهنم ، وعن ابن مسعود رضى الله عنه : نار الريح الحارة القاتلة هى جزءٌ من سبعين جزءاً من السموم التى خلق منها الجان ، وعلى كل حال الله قادر على بعثهم كما خلقهم أَولا ، والله قادر على خلق الروح فى الريح وما شاءَ ، ومن الداخلة على قيل زائِدة عن بعض للتأْكيد ، وكذا بعد أَو للابتداءِ والثانية للتبعيض ، فجاز اتحاد المعلق ولا تعلق للزائِد بل لا يضر اتحاد التعلق ، ومعنى الحرفين مع أَن أَحدهما فى الزمان والآخر فى المكان .