Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 16, Ayat: 120-120)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ إِنّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً } الأمة من خالف غيره ، واختص كأنه جماعة ، وهم جماعة ، ومن عادة العرب فى المبالغة التسمية بالمؤنث كالداهية والرُّحلة والنخبة والآية والأمة ، والنسابة والراوية ، ويقال : فلان رحمة ، قال الله جل وعلا : { فنادته الملائكة } [ آل عمران : 39 ] أى جبريل ، ويقال : سمى أمة لأنه اجتمع فيه من صفات الكمال ، وصفات الخير ، ما لا يجتمع إلا فى الجماعة ، وعبارة بعض قام مقام أمة فى العبادة ، وعن ابن مسعود : أمة معلم الخير ، يؤتم به أهل الدنيا ، ويناسب ما ذكرته أولا قول مجاهد : إِنه كان مؤمنًا وحده ، والناس كفار ، كما قال صلى الله عليه وسلم فى زيد ابن عمرو بن نفيل إذ فارق الجاهلية بترك عبادة الأصنام : " إنه يبعثه الله أمة وحده " وأما زوجه سارة تتبع له بعد أن سبقها ، واختص زمانا طويلا ، وأريد حص من الرجال كما فى البخارى أنه قال لسارة : ليس على الأرض اليوم مؤمن غيرى وغيرك ، أو معنى أمة مؤتم به ، كأنه قيل إمام ، قال الله عز وجل : { إِنى جاعلك للناس إِماماً } [ البقرة : 124 ] { واجعلنا للمتقين إِماماً } [ الفرقان : 74 ] وامتاز هو ومَن معه بعد ذلك بالتوحيد ، وأهل الأديان كلهم يحبونه ، ومن ذلك قولهم فلان رُحْلة ونُخْبة بضم أولهما وسكون ثانيهما أى يرحل إِليه ويختار . وإن شئت فقل : المعنى مقصود فإنه كذلك كالمأموم بمعنى المتبوع المقصود ، والمأموم بمعنى من تقدمه غيره ، والمقصود هنا الأول ، ولكونه رئيس الموحدين فى العبادة وإبطال مذاهب الشرك كما فى سورة الأنعام بالحجج عقب ذلك بقوله : { قَانِتًا للهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ } أى عابدًا لله مائلا عن دين الإشراك إِلى التوحيد والإسلام ، والحنف الميل وهو هنا معنوى ، ولم يكن قط مشركًا من ولادته إلى وفاته . وذلك تعريض بقريش ، إِذ زعموا أنهم على دين إِبراهيم ، وهم مشركون وباليهود والنصارى ، إِذ زعموا أنهم على دينه ، وهم مشركون { ما كان إبراهيم يهوديًا ولا نصرانيًّا ، ولكن كان حنيفًا مسلمًا } [ آل عمران : 67 ] ويقال : كانت قريش على دينه إِلى أن غيّره عمرو بن لحىّ .