Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 16, Ayat: 42-43)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ الَّذِينَ صَبَرُوا } هم الذين صبروا أَو أَعنى أَو أَمدح الذين صبروا أو نعت للذين والمراد الصبر على الشدائد من أَذى المشركين ومفارقة الوطن والعشيرة ومن يعاشرون على الطاعات وعلى المصائب وعن المعاصى ، ولكن المقام مقامُ ذكر الصبر على شدائد المشركين فإذا أُريد العموم دخل أَذاهم بالأَولى { وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ } لا على غيره ، ولا مع غيره ، فيرزقون من حيث لا يحتسبون ، ولا يضرهم مفارقة الوطن ، والمضارع لحكاية الحال الماضية الاستمرارية التى هى الانقطاع إِلى الله عز وجل وترك الأَمر كله إِليه ، قال كفار قريش : الله أَعظم من أَن يكون رسوله بشراً بل يكون ملكاً فأَنزل الله عز وجل : { وَمَا أَرْسَلْنَا } إلى الأُمم { مِنْ قَبْلِك إلاَ رِجَالاً } آدميين وما قيل من نبوة حواءَ ومريم وآسية وهاجر وبوخابد أَم موسى قول ردىءَ مخالف { نُوحِى إِلَيْهِمْ } ولو أنزلنا ملكاً على صورة بشر لقالوا إنه بشر ، وعلى صورته لم يطيقوا مشاهدته ، ولو قواهم على مشاهدتهم على صورهم لكان إيمانهم لو آمنوا غير نافع ، لأَنه كإيمان من وجه الله إليه العذاب أَو شاهد أَمر الآخرة ، ولكان كفرهم إن بقوا عليه موجباً لتعجيل العذاب ، كعقاب أصحاب المائدة وقوم صالح أَصحاب الناقة ، وقيل : وما أرسلنا إلى الأَنبياءِ إلا ملائكة على صور الرجال ، ويرده أَن المقام لذكر كون الرسالة إِلى الأُمم رجالا ، وأَن أَهل الذكر لا يجيبون بذلك وقد قال الله فى الجواب { فاسْأَلُوا } الخطاب لمشركى مكة إذ قالوا فى إنكار رسالة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم الله أَعظم أَن يكون رسوله بشراً فهلا بعثت إلينا ملكاً ، والتقدير إِن أَبيم إِلا إنكار رسالة محمد فاسأَلوا { أَهْل الذِّكْرِ } التوراة والإِنجيل والزبور ، ولا تقدر إن شككتم أَو إن أَنكرتم ، والمراد الذين لم يسلموا لأَن من أَسلم منهم كعبد الله بن سلام ، بل من أَسلم مطلقاً لا يأْخذون بقوله كسلمان ، وقيل : المراد من أسلم لأَن الذكر القرآن ، قلنا سمى الله التوراة أَيضا ذكراً فى مواضع منها : { ولقد كتبنا فى الزبور من بعد الذكر } [ الأنبياء : 105 ] وإِنما قال صلى الله عليه وسلم : " نحن أَهل الذكر فى تفسير غير هذه الآية " ، وقيل : أَهل الذكر من علم بأَخبار الأُمم السالفة { إِنْ كُنْتُمْ لاَ تعْلَمُونَ } أَن الرسل بشر يخبروكم بأَن أَنبياءَهم بشر كموسى وعيسى وأَن الرسل من البشر كلهم ، وأَنتم تعرفون أَن لهم معرفة بكتب الله ورسوله وتصدقونهم قبل أَن تصدقوا المؤمنين لأَن بينكم مناسبة كفر بالنبى صلى الله عليه وسلم .