Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 16, Ayat: 52-54)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَلَهُ مَا فِى السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ } عطف على إِنما هو إِله ، أو على إِله من تقديم الخبر المجرد على الجملة ، وما فى السماوات والأرض شامل لهما ، وما فيهما ، كما تقول ملكت ما فى عبدى ، أَى أجزاءه ، فهو مالكهما وما فيهما بخلقه لهما ، ولما فيهما ، وتصرفه فيهما ، وفيما فيهما { وَلَهُ الدِّينُ } العبادة أو الجزاء ثواباً وعقاباً { وَاصِبًا } حال من المستتر فى له ، ومعناه لازماً ، فإن عبادته لازمة لا تنقطع ما دام الإنسان مكلفًا بها ، لأن كل ذى وصف يزول عنه وصفه بموت أو غيره ، والله لا يزول وصفه بالألوهية ، وسائر صفاته المستحق هو بها أن يعبد ، وكذلك ثوابه وعقابه ، لا يزولان فى الآخرة إِلا أن اقتضاء كونه واحداً كون الجزاء له عز وجل ، إنما بمعونة كون العبادة مختصة به ، أو معناه دائما وما صدق اللزوم والدوام واحد ، أو معناه واجباً ، وكل ذلك وارد فى اللغة . معنى وجوب جزائه أنه موعود به لا يتخلف ، أو معناه ذا وصب أَى تعب ، وعليه فهو للنسب كلا بن وتامر ، فالمعنى وله العبادة ذات كلفة ، وفى التكليف إِتعاب ، وأما الجزاء فلا يوصف بالتعب إِلا إذا أريد به الثواب ، فإنه يكون بالتعب ، وشاع فى واصب معنى اللزوم والدوام ، وذلك أنسب بالمقام ، وكذا معنى الوجوب { أَفَغَيْرَ اللهِ تَتَّقُونَ } توبيخ وإِنكار لأن يكون عبادة غيره صواباً ، مع أَنه الإِله الحق لا غيره ، المنفرد بالوحدة الذى لا يملك الضر ولا النفع سواه ، كما قال : { وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ الله } لا من غيره ، فلا عبادة الإله تعالى ، والواو للحال كيف تتقون غير الله ، والحال أن نعمكم من الله ، أَو للعطف على إِله ، وقدم غير لأن المنكر تقوى غير الله تعالى لا مطلق التقوى فأولى الهمزة لذلك لا للاختصاص ، فصلا عن أن يقال إِنكار تخصيص التقوى بغيره سبحانه ، لا ينافى جوازها ، بل يجوز أن التقديم لاختصاص الإنكار لا لإنكار اختصاص . ودخل فى النعمة إزالة الضر بعد وقوعه ودفعه قبل وقوعه . الحمد لله الذى لا ينسى من ذكره . والحمد لله الذى لا يخيب من رجاه . والحمد لله الذى من وثق به لا يكله إِلى غيره . والحمد لله الذى يجزى بالإِحسان إِحساناً ويجزى بالصبر ثوابا وغفرانا . والحمد لله الذى يكشف ضرنا بعد كربنا . والحمد لله الذى هو ثقتنا حين يسوء ظننا بأعمالنا . والحمد لله الذى هو رجاؤنا حين تنقطع الحيل عنا . وما إِمَّ شرطية يقدر فعل الشرط بعدها هكذا ، وما يثبت بكم من نعمة ، والباء للإلصاق أو بمعنى مع ، وفى ذلك حذف فعل الشرط بلا اشتغال مثل حذفه بالاشتغال فى قوله تعالى : { وإِن أحَدٌ من المشركين } [ التوبة : 6 ] وإن زيداً ضربته ، وبلا تقدم إن ولا مثل قوله : @ * وإِلاّ يعلُ مَفْرِقَك الحسام * @@ وإما موصولة ، وبكم صلتها ، وبقدم فعل الاستقرار ، وقد ناب عنه بكم ، ولا نائب عن فعل الشرط والموصولة أولى هنا ، والباء فى خبرها لشبهها بالشرطية فى العموم ، لكن لا يتوقف الخبر عن صلتها ، لأن النعم من الله كانت معهم ، أو لم تكن ، والجواب يتوقف على الشرط ، ويجاب بأن الآية جئ بها لإخبار قوم لهم . نعم جهلوا معظمها أو شكوا فيه ، أو ذهلوا عن أن لها معطياً ، أو علموه ولم يعملوا بمقتضاه ، فاستقرارها مجهولة أو مشكوكة سبب للإخبار بكونها من الله سبحانه ، وأيضاً اتصالها بهم سبب للعلم ، بأَنها من الله . { ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ } ثم للترتيب فى الرتبة بمعنى إن جؤاركم ، أى تضرعكم إِلى الله وحده ، حال لحوق الضر بكم ، ينافى ويناقض جداً عبادتكم غيره ، والضر الفقر والجدب والمرض ، والجؤار رفع الصوت بالدعاء فى التضرع والاستغاثة ، وكان الشرط إِذا لا إن للجرى على ما اعتيد عندهم وعند غيرهم ، من وقوع الضر ، كما أنه اعتيد كشفه فجئ بإذا فى قوله : { ثُمَّ إِذَا كَشَفَ } أزال { الضُّرَّ عَنْكُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْكُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ } ثم للترتيب الرتبى بمعنى أن رجوعكم إلى الإشراك بعد تضرعكم إلى الله ، وزوال الضر ، مناقض جداً لتضرعكم إلى الله ، فى كشف الضر ، وذلك الفريق هم كفاركم ، والخطاب للمؤمنين ، ومن للتبعيض لاتفاق المؤمنين والمشركين بالنسب والبلد ، كما أضيف الكفار إليهم لهذه الملابسة ، وإِن جعلناه للمشركين فهى للبيان أى فريق هم أنتم أو تجريد للمبالغة أو للتبعيض ، باعتبار البعض كقوله تعالى : { فمِنْهُمْ مقتصد } [ لقمان : 32 ] الخطاب فى بكم للمؤمنين والكفار ، فإن المؤمنين أَيضًا لا يعبدون ولا يحمدون حق العبادة ، وحق الحمد .