Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 16, Ayat: 59-59)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ } يعالج لاختفاء أو يبالغ فيه عن الرجال ، ومن بمعنى عن أو للتعليل أو للابتداء ، والجملة مستأنفة ، وهذا أَولى من كونها حالا من المستتر فى كظيم أو فى مسودا . { مِنْ سُوءِ } من للابتداء إن لم تجعل الأولى له ، وللتعليل إن جعلنا الأولى له ، والمعنى من قبح أو ضر { مَا } عبر بما لا بمن إهانة للأنثى ، كأنها غير إنسان من الحيوانات { بُشِّرَ بِهِ } أى أخبر به على حد ما مر ، وأصل التبشير إظهار أَثر الفرح على البشرة أى جلدة الوجه ، ببسط الروح عكس ما إذا غم فإن الروح يذهب إِلى القلب إلا قليلا ، فيصرف والدم تابع للروح ، وهذا للتبشير تابع للأول فى المشاكلة ، ويجوز أن يكونا على ظاهرهما ، فلا مشاكلة بأن يكون مرد الخبر بالأنثى التبشير ، وفيه ضعف لشهرة كراهتهم البنت ، أو بأن يكون الولادة ولو للأنثى مما يسر به عند الله ، ولو كرهوها ، فيكون ذمًّا لهم بجعلهم الخير شراً ، وفى التوارى للحياء ، تلويح إلى التفكر فيما يفعل ، كما قال عز وجل : { أَيُمْسِكُهُ } أَى مفكراً أو محدثًا نفسه ، أيمسك ما بشر به وهو الأنثى فالجملة مفعول لحال محذوفة معلقة بالاستفهام . { عَلَى هُونٍ } ذل البنت ، أو للأب الممسك حال من الهاء ، أو من ضمير يمسك ، كما قال ابن عباس : على هون مع رضاه بهوان نفسه ، وعلى رغم أنفه ، ونقل الأول أيضا عن ابن عباس : أى أيمسكها مهانة دليلة ، وهو أولى لمناسبته لعدم كراهة البنات . { أَمْ يَدُسُّهُ } يخفيه { فِي التُّرَابِ } بدفنه فيه حيًّا ، وكانوا يدفنون البنات فى حفرة الولادة ، فى حين الولادة أو بعد ذلك بقليل أو كثير ، وبعض يذبحها ، وبعض يلقيها من عال ، وبعض بغير ذلك ، قال رجل : يا رسول الله ، والذى بعثك بالحق ما وجدت حلاوة الإسلام أمرت امرأتى أن تزين بنتا لى ، وذهبت بها إلى واد بعيد القعر ، وألقيتها وقالت : يا أبت قتلتنى ، وكلما ذكرت قولها لم ينفعنى شئ ، فقال صلى الله عليه وسلم : " ما فى الجاهلية يهدمه الإسلام وما في الإسلام يهدمه الاستغفار " ولما كان كل من ذلك يقضى إِلى الدفن فى التراب ، عبر بالدس فى التراب ، وقيل : الدس فى التراب كناية عن الإخفاء عن الناس حتى كأنها لم تولد ، والصحيح ما ذكر . وكانوا يفعلون ذلك خوفًا من نكاح غير الأكفاء " والزنى ، والسرقة ، وعيب من العيوب ، وعدم جمالها ، وللفقر ، قال صلى الله عليه وسلم : " مَنِ ابتلى بشئ من البنات فأحسن إِليهن كن له سترا من النار " ، وقال صلى الله عليه وسلم : " من عالَ جاريتين حتى تبلغا جاء يوم القيامة أنا وهو كهاتين وضم أصابعه " رواهما مسلم ، وهما ترغيب فى المحافظة عليهن مخالفة للجاهلية وقوله بشئ من البنات يشمل الواحدة . { أَلاَ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ } ساء حكمهم هذا ، وهو نسبة ما يذمونه ويتنزهون عنه ، وهو الذات إلى الله مع تنزهه عن الولادة مطلقا ، وعلو شأنه ، أو ساء ما يحكمون من القسمة الضيزى ، وكم امرأة خير لأهلها من غلام ، وقضاء الله للمرء خير من قضائه لنفسه ، أخبرنا الله بذلك لنجتنبه .