Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 17, Ayat: 16-16)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا } بالطاعة على لسان الرسول المبعوث إِليهم ، وليس فى ذلك ابتداء بالضرر . وهو منزه عنه ، لأن التكليف حكمة لا يجوز تخلفها ، فلا ضير فى عقاب من عصى ، وليس ابتداء أو كثرنا مترفيها ، كقوله صلى الله عليه وسلم : " خير المال سكة مأبورة ومهرة مأمورة " السكة : نخل مصطف والمهرة : أعنى الخيل ، ومأبورة : ملقحة ، وتأبير النخل تلقيحها ، والمأمورة كثيرة النتاج ، أى أكثر الله نتاجها ، والتحقيق أنه من الأمر ضد النهى كما رأيت ، والأمر بالكثرة سبب للكثرة . { مُتْرَفِيهَا } رؤساءها المتمتعين أوا لذين أترفتهم النعمة ، أى أطغتهم ، والمراد أهل قرية ، ولا يجوز أن يقدر أمرنا مترفيها بالقسوة ففسقوا ، لأن الله لا يأمر بالفحشاء ، ويضعف إجازة ذلك على الاستعارة التمثيلية ، بأن يشبه حالهم فى تقلبهم فى النعم مع عصيانهم بحال من أمر بذلك ، أو على الاستعارة المفردة ، بأن يشبه إفاضة النعم لترفة لهم بأمرهم بالفسق ، لجامع الحمل عليه ، والتسبب له أو الأمر استعارة للحمل والتسبب لجامع الإفضاء . { فَفَسَقُوْا } خرجوا عن الطاعة بسبب كثرة النعم ولذتها ، والعامة تتبعهم ، بل إذا أراد الله أهلك مَن تبعهم ومَن لم يتبعهم ، كما قال الله عز وجل : { واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة } [ الأنفال : 25 ] " دخل صلى الله عليه وسلم على زينب بنت جحش فزعا يقول : لا إله إلا الله ويل للعرب من شر قد اقترب قالت : يا رسول الله أنهلك وفينا الصالحون ؟ قال : نعم إذا كثر الخبث " { فِيهَا } فى القرية ، وهذا دليل على حذف مضاف خاصة ، ومانع من أن يراد هنا بالقرية نفس أهلها مجازاً أو حقيقة ، والفسق الخروج ، فهم خرجوا عما أمر الله به فتركوه ، وعن نهيه ففعلوا ما نهى الله ، والأمر بالطاعة شامل للنهى عن المعصية ، لأن المعنى أطيعوا فيما أُمرتم به ، وفيما نهيتم عنه والأمر والنهى سابقان فى كل زمان وإرادة الإهلاك متعلقة بهما ، ولو طالت المسافة بينهما وبين قرب الإهلاك ، وهذا أولى من أن يقال : يخصصهم بأمر ونهى جديدين ، ولو طبق ما سبق على قصد أن لا يقتتلوا فيهلكهم ، كمن يأمر عبده وينهاه ، وإذا أراد تأديبه جدد له أمرا أو نهيا على قصد أن يخالف فيؤدبه ، وقد يقال : معنى { أمرنا مترفيها } حملناهم بالخذلان على الفسق أو سببنا لهم عليه ، وهو ضعيف لا دليل عليه ، والمراد : وإذا قرب تعلق إرادتنا ، لأن الجواب وهو أمرنا مترفيها قبل تعلق الإرادة ، وأمر مترفيها يترتب على قرب التعلق ، والإرادة بذلك ، بمعنى دنو وقت القضاء المقدر ، لأن تعلق الإرادة به يلزمه دنو وقته ، لأن المراد لا يتخلف عن الإرادة . { فَحَقَّ } وجب أو نزل { عَلَيْهَا الْقَوْلُ } كلمة العذاب ، وهى الوعيد السابق والفاء للسببية مع التعقيب ، فإن فسقهم سبب للعذاب ، وهو معقب له ، وإن تراخى حلوله ، وذلك من تفريع الحكم على السبب المؤدى إليه ، أو كلمة العذاب السابقة عبارة عن ظهور فسقهم الثابت فى العلم الأزلى . { فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا } أهلكنا أهلها ، وخربناها ، فالمراد هى وأهلها ، كقوله تعالى : { فكأين من قرية أهلكناها وهى ظالمة فهى خاوية على عروشها } [ الحج : 45 ] وذلك أنه لا تهلك قرية مع سلامة أهلها .