Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 17, Ayat: 72-73)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَمَنْ كَانَ فِى هذِهِ } أى فى هذه الدار الأولى ، وهى الدنيا { أَعْمَى } صفة مشبهة كأحمر وأبيض ، أى عمى القلب ، لا يبصر رشده . { فَهُوَ فِى الآخِرَةِ أَعْمَى } كأعمى البصر ، لا يجد اتفاء المضر ، فهو فى الآخرة هالك مضرور بالعذاب والنار ، كأعمى يمشى ولا يدرى أى مسلك هو فإنه يصادم الحائط ، ويقع فى الهوة ، وعلى الشوك ، وبين يدى سبع ، وعلى ما يكره ، وهذا كقوله تعالى : { وأما من أوتى كتابه بشماله } [ الحاقة : 25 ] فهو مقابل لقوله تعالى قبل هذا : { فأما من أوتى كتابه بيمينه } [ الحاقة : 19 ] إلخ أو المعنى لا يجد سبيلا لنجاة ، ولما أنزلت الآية قال ابن أم مكتوم - وهو أعمى - لرسول الله صلى الله عليه وسلم : أأكون فى الآخرة أعمى ، فأنزل الله تعالى : { فإنها لا تعمى الأبصار } [ الحج : 46 ] إلخ . وقيل : الأعمى أعمى البصر فى الآخرة عقوبة لهم لقوله تعالى : { ونحشره يوم القيامة أعمى } [ طه : 124 ] إلخ ونحشرهم يوم القيامة إلخ ، وقيل : أعمى اسم تفضيل ولو كان من العيوب ، لأنه من عيوب الباطل فلا يمتنع صوغ اسم التفضيل فيه نحو أحمق وأبله ، ولذلك قيل لم يمله أبو عمر ويعقوب ، لأن ألفه فى الوسط بمن التفضيلية ، بخلاف ما إذا كان صفة مشبهة ، فليست من التفضيلية مقدرة بعده ، ولا نسلم ما قيل : إن الإمالة لا تحسن وسطاً ، بل حسنت وكثرت ، كما فى كتب النحو والتصريف ، وعلم القراءة ، وقد أمال أعمى فى موضعين حمزة والكسائى وأبو بكر ، وقرأ ورش بين بين ، ولو كانت المتطرفة أولى بالإمالة ، لأنها تقلب فى التثنية ياء ، وأيضا من التفضيلية كلمة أخرى ، فلا يعتبرها ما بعدها وسطاً . { وَأَضَلُّ } فيها { سَبِيلاَ } منه فى الدنيا ، لأنه فيها يمكنه الاهتداء بخلافه فى الآخرة ، وممن هو أعمى وأضل فى الآخرة منه فى الدنيا ، من لم يتب من ثقيف وقريش النازل فيهم قوله تعالى : { وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِى أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِى عَلَيْنَا غَيْرَهُ } مما لا يجوز كما طلبوه ، أما ثقيف فقالوا إذا وفدوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من الطائف ، لا ندخل فى دينك حتى تعطينا خصالا نفتخر بها على العرب ، لا نعطى زكاة الحبوب ، ولا تذهب بنا للقتال ، ونصلى بلا ركوع ولا سجود ، ونأخذ ما لنا من الربا على غيرنا ، ولا نعطى ما علينا من الربا ، وأن تخلينا واللات وسائر أصنامنا سنة ، وإِذا تمت لم نهدمها بأنفسنا ، وأن لا يقطع أحد من وادينا شجراً ولا نباتاً كالحرم ، وإن قالت العرب لِمَه ؟ فقل : الله أمرنى بذلك . وفى رواية من ذلك : شرطوا أن لا نصلى ، وفى أخرى إِذا تمت السنة كسرنا الأصنام بأيدينا ، وفى أخرى أن تمتعنا باللات سنة من غير أن نعبدها لنأخذ ما يهدى إليها ، ولما قالوا : لا نركع ولا نسجد ، أو لا نصلى ، قال : " لا خير فى دين لا ركوع فيه ولا سجود وأما الأصنام فإنى غير ممتعكم بها ، وأما كسرها بأيديكم الآن فلكم " وسكت من غير ذلك كأنه رجا أن يبيحه الله عز وجل ليسلموا . وأما قريش فقيل : قالوا : لا نمكنك من استلام الحجر حتى تستلم آلهتنا ، وروى أنا لا نؤمن حتى تطرد هؤلاء الضعفاء والموالى ، الذين أسلموا ، وتجعل آية رحمة آية عذاب ، وآية عذاب آية رحمة ، وحتى تستلم آلهتنا فقيل : سكت فطمعوا ونزل لسكوته { وإن كادوا ليفتنونك } بمعنى أن ذلك كله حرام وافتراء ومناقض للوحى لا يبيحه الله ، واستلام الحجر قبل الفتح ، والسورة مكية إلا ثمانى آيات هذه أولاهن وأخراهن آية { سلطاناً نصيراً } [ الإسراء : 80 ] فلا يتم منعه من استلام الحجر بعد الفتح وإن مخففة واللام فارقة ، والفتن صرفة عن الوحى . { وَإِذًَا لاتَّخَذُوكَ خَلِيلاً } لو اتبعتهم إذًا لاتخذوك خليللا ، تصير بريئا من ولايتى ، فحذف لو وبقى جوابه ، وليس جوابًا للقسم كما قيل ، لأن إجابة القسم بماض متصرف مثبت مجرد من قد ، قيل : وقد عدوا قول امرئ القيس لعنه الله : @ حلفت لها بالله حلفة فاجر لناموا وما إن من حديث ولا مالى @@ من الشواذ أو الضرائر .