Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 17, Ayat: 89-90)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَلَقَدْ صَرَّفْنَا } أى كررنا ، والمفعول به محذوف ، أى صرفنا البينات والعِبَر { لِلنَّاسِ } مطلقًا أو أهل مكة . { فِى هذَا القُرْآنِ } أو المفعول محذوف منعوت بقوله : { مِنْ كُلِّ مَثَلٍ } أى أنواعًا ثابتة من كل معنى شبيه بالغرابة والوقوع فى النفس للمثل ، والمراد المواعظ والوعد والوعيد ، والترغيب والترهيب ، والاستدلال على ما يحق اعتقاده ، وما يحق العمل به ، ويبطل الباطل ليتعظوا ويذعنوا . { فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ } مطلقًا أو أكثر أهل مكة { إِلاّ كُفُورًا } بالحق عناداً إذ لم يقدروا على الإتيان بمثله ، وفى أبى معنى النفى فساغ التفريغ كأنه قيل فما فعلوا إلا كفُوراً ، ويتقوى أن المراد أهل مكة بقوله : { وَقَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ } نذعن بالإيمان { لَكَ } إلخ لأن قائلى ذلك أهل مكة والعطف على أبى إِلخ . وهذا مما أداهم إليه عجزهم عن الإتيان بمثله . { حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الأرْضِ } أرض مكة { يَنْبُوعًا } عينًا ماؤها كثير لا يزول ، ولذلك كان اللافظ بوزن بفعول من النبع كيعيوب من عب الماء إِذا كثر وماج . اجتمع نفر منهم : عتبة وشيبة ابنا ربيعة ، وأبو سفيان بن حرب ، والأسود ابن المطلب ، وزمعة بن الأسود ، والوليد بن المغيرة ، وأبو جهل ، وعبد الله بن أبى أمية ، وأمية بن خلف وغيرهم عند الكعبة ، عند غروب الشمس ، فأرسلوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا : يا محمد إن جئت بهذا الحدث أى القرآن تبتغى به مالا جمعنا لك ما تكون به أغنانا ، أو شرفًا سودناك علينا ، أو ملكاً ملَّكناك علينا ، أو غلب عليك جنى سعينا بأموالنا لنزيله بالطب . فقال صلى الله عليه وسلم : " لا شئ من ذلك ، لكن بعثنى الله رسولا إليكم ، وأنزل علىَّ كتابًا ، وأمرنى أن أكون بشيراً ونذيراً ، فبلغتكم رسالة ربى ونصحت لكم ، فإِن تقبلوا منى فهو حظكم من الدنيا والآخرة ، وإن تردوه علىَّ أصبر لأمر الله عز وجل حتى يحكم الله بينى وبينكم " . فقالوا : يا محمد إن كنت صادقاً فسل الله يُسيِّر عنَّا هذه الجبال المضيقة علينا ، ويبسط أرضنا ، ويفجر فيها أنهاراً كأنهار الشام والعراق نحرث ونغرس عليها ، ويبعث علينا من آبائنا من مضى ، وليكن منهم قصىّ فإنه كان شيخاً صدوقًا فنسألهم ، فإن صدَّقوك صدقنا ، وإلا فاسأل ربك أن يبعث ملكاً يصدقك ، وأن يجعل لك جنانًا وقصوراً وكنوزاً من ذهب أو فضة تعينك على معاشك فقال : " ما بعثت بهذا " . وقالوا : إن كنت لا تستطيع الخير لك ولا لقومك فاستطع الشر ، وأسقط علينا السماء كِسَفًا ، فإن ربَّك إن شاء فعل وأخْبر ربَّك بما قُلْنا لك وأخبرنا بما أجابك به ، ولن نؤمن لك حتى تأتينا بالله والملائكة قبيلاً ، يشهدون لك . وقال عبد الله بن أبى أمية ، وهو ابن عمته صلى الله عليه وسلم عاتكة : لا أومن لك حتى تتخذ سُلَّمًا إلى السماء ترقَى فيه ، ونحن ننظر فتأتى بكتاب ونفر أربعة من الملائكة يشهدون لك ، وايم الله لو فعلت لا أجزم بتصديقك . فانصرف صلى الله عليه وسلم حزينًا لبُعدهم عن الهدى ، فسلاه الله عز وجل فى هذه الشرط الستة بقوله : { وقالوا لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعًا } .