Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 17, Ayat: 97-97)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وليس من القول قوله تعالى : { وَمَنْ يَهْدِ اللهُ } إلى الحق { فَهُوَ الْمُهْتَدِ } إليه أو إلى ما يطلبه لقوله عز وجل : { وَمَنْ يُضْلِلْ } يخلق فيه الضلال باختياره لا إجباراً { فَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ أَوْلِيَاءَ } يهدونهم إلى طريق الحق ، أو طريق يوصلهم إلى طريق الحق أو طريق يوصلهم إلى ما يصلح من الدنيا أو الدين ، أو طريق النجاة مما أوجبه ضلالهم . { مِنْ دُونِهِ } وكان من القول قوله ومن يهد الله إلخ لقال فلن أجد لكم ، بخلاف إذا جعل من يضلل إِلخ غير داخل ، وفى فهو المهتد مراعاة لفظ من ، ومناسبة إفراد التوحيد وهو الهدى ، وفى لهم مراعاة معناها مناسبة لتشنيع طرف الضلال ، كما قال الله عز وجل : { ولا تتبعوا السُّبُل } [ الأنعام : 153 ] إلخ والآية من مقابلة أفراد جمع بأَفراد جمع ، بمعنى لن تجد لواحد وليًّا ، وزعم بعض أن المعنى لا تجد لواحد واحد ، جماعة جماعة تنفعه لو وجد لواحد جماعة لم تنفعه ، فكيف ينفعه ولى واحد ، ولا ولى لواحج أو لا أولياء . { وَنَحْشُرُهُمْ } على طريق الالتفات من الغيبة فى قوله : { ومن يضلل } إِذا لم يدخل فى القول إلى التكلم فى نحشرهم { يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى وُجُوهِهِمْ } متعلق بحال محذوفة جوازاً أو من ضمير نحشر ، أى ساحبين ، أو من الهاء أى مسحوبين ، أو مفعول مطلق لتضمين نحشر معنى السحب ، أو الإمشاء أى سحبًا منَّا عليها ، أو إمشاء لهم عليها كما قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم : كيف يمشون على وجوههم ؟ قال : " إن الذى أمشاهم على أقدامهم قادر أن يمشيهم على وجوههم " رواه البخارى ومسلم عن أنس ، ومثله للترمذى عن أبى هريرة . وروى الترمذى عن أبى هريرة عنه صلى الله عليه وسلم : " يحشر الناس يوم القيامة ثلاثة أصناف : صنف مشاة ، وصنف ركبان ، وصنف على وجوههم " ، فقيل : إِما أنهم يلقون بوجوههم كل حدب وشوك ، ولم يجبه تلويحاً بأنهم أهل لذلك التعذيب بالحدب والشوك ، أو ردًّا عليه بأن الأرض يومئذ مستوية لا حدب ولا شجرة ، والله أعلم . ولعل الاستواء وعدم السوك فى حق غيرهم . وعن أبى ذر فى هذه الآية عنه صلى الله عليه وسلم : " إن الناس يحشرون يوم القيامة على ثلاثة أفواج : فوج طاعمين كاسين راكبين ، وفوج يمشون ويسعون ، وفوج تسحبهم الملائكة على وجوههم " رواه أحمد والنسائى والحاكم ، وأخرج أحمد والنسائى والترمذى عن معاوية بن حيدرة عنه صلى الله عليه وسلم : " إنكم تحشرون رجالاً وركبانًا وتجرون على وجوهكم " والخطاب للناس عموماً فالجر لكفارهم . { عُمْيًا } من قبورهم { وَبُكْمًا } لا يقدرون على الكلام { وَصُمًّا } لا يسمعون ، وإِذا وصلوا المحشر أبصروا وتكلموا وسمعوا ، كذا قيل ، ويشكل عليه قولهم : { مَن بعثنا من مرقدنا } [ يس : 52 ] فهذا تكلم فيجاب بأنهم إذا خرجوا تكلموا ، ثم يخرجون من عند القبور إِلى المحشر ، وكل من قوله تعالى : { ورأى المجرمون النار } [ الكهف : 53 ] و { سمعوا لها تغيُّظًا } [ الفرقان : 12 ] و { تجادل عن نفسها } [ النحل : 111 ] { والله ربنا ما كنا مشركين } [ الأنعام : 23 ] و { يقرءون كتابهم } [ الإسراء : 71 ] ونحو ذلك ، إنما هو فى المحشر ، أو المراد نحشرهم عميًا إلخ من المحشر إلى النار ، أو المراد حين يقال لهم : { اخسئوا فيها ولا تكلِّمون } [ المؤمنون : 108 ] ، وعليه فالحال مقدرة أو المراد لا يبصرون ما يسرهم ، ولا يسمعون ما يلذهم ، ولا يتكلمون باعتذار مقبول كما لم يستبصروا فى الحياة بالآيات ، ولم يستمعوا لها ، ولم ينطقوا بالصدق . والترتيب فى الآية لأن آفة السمع أشد من آفة البكم ، وآفة اللسان أشد من آفة البصر ، وآية سورة البقرة على التنزل ، ووسط البكم فيهما لأنه لازم للصمم ، فلا يفارقه فى الذكر ، والنصب على الحال عطفا عى الحال السابقة ، أو على الحال من الضمير فى مسحوبين على وجوههم المستتر أو فى كائنين إن قدر كونا عاما ، فيجب الحذف ، أى كائنين على وجوههم . { مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ } النار لقوله : { كُلّمَا خَبَتْ } سكن لهيبها ، والموضع لا يلتهب ، بل ناره أو جهنم الموضع وضمير خبت للنار المدلول عليها بالموضع ، أو أسند ذلك للموضع تجوُّزاً للحلول ، والمراد بخبت خبوها لإتيانها على كل لحومهم وعظامهم وأبعاضهم ولم تنقطع ، إذ لا يخفف عنهم العذاب تجدد أجسامهم قبل خبوها ، وجملة { مأواهم جهنم } مستانفة أو حال من هاء نحشرهم ، لا من هاء وجوههم ، وكل ظرف لإضافته إلى مصدر نائب عن الزمان ، إذ ما مصدرية والمصدر الخبو ، كأنه قال كل خبوها أى كل وقت خبوها متعلق بقوله : { زِدْنَاهُمْ سَعِيرًا } مصدر أى سعرا أو لا يزال عذابهم يزداد شدة ، أو المراد بالزيادة الإتيان بمثل ما مضى ، وذلك كما كانوا يعقبون كل تذكير بإنكاره أو اسم مفعول ، أى ناراً مسعورة ، ولم يؤنث لظهور أن المراد المؤنث وهو فعيل بمعنى مفعول ، وإذا دل على الأنثى دليل قيل كحيل أو مكحولة ، كما تقول جاءت كحيل .