Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 18, Ayat: 106-107)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ ذَلِكَ } المذكور من خزيهم { جَزَاؤُهُمْ جَهَنَّمُ } أى الشأْن ذلك أو احذروا ذلك أو ذلك جزاؤهم عليه ، أو به جهنم فحذف الرابط المضمر المجرور ، ولو لم يذكر مثله لعلمه من المقام ، كما ذكر فى قوله ، فالذى تدعى به أنت مفلح أى مفلح به ، ولا يتكرر هذا الضمير مع قوله بما كفروا ، وذلك كما تقول هذا العقاب جزاء عمرو بكفره لوقوع الكفر منه ، فالباء الثانية بمعنى التعليل أو السببية والأولى للتعدية ، هذا إذا جعلنا بما كفروا خبراً ثانيًا ، وإِلا فلا إشكال . ويجوز أن يكون جزاء بدلا وهو المراعى فى الإخبار بجهنم ، أو جزاؤهم غير ذلك ، وجهنم بدل جزاؤهم ، والإشارة على هذا إلى جهنم الحاضرة فى الذهن أو خبره قوله : { بِمَا كَفَرُوا } وجزاؤهم جهنم معترضة ، أو جزاء بدل من ذلك أو بيان وجهنم بدل أو بيان من جزاء أو بما إلخ متعلق بجزاء إِلا أنه مفصول بجهنم ، وجاز لأنه مقصود بتأْويل الفعل ، وما مصدرية أى بكفرهم واتخاذهم آيات الله ورسله هزواً كما قال عطفًا عليه . { وَاتَّخَذُوا آيَاتِى وَرُسُلِى هُزُوًا } نفس الهزء مبالغة أو مهزوءاً بها ، أو هم بتغليب العقلاء ، لم يقتصروا على الكفر بها ، بل زادوا الهزء ، والآيات كتب الله ، والمعجزات ، وعقب الله سبحانه الكفر وجزاءه بالإيمان ، وجزاؤه فى قوله : { إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا } بالله ورسوله وآياته على العموم ، لا كما قيل ، نزلت فى طائفة مخصوصة ، ولا سيما أنها نزلت فى مقابلة عامة الكفرة { وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ } الفرائض ، والسنن والنفل ، ومنها ترك المعاصى لله عز وجل ، فإنه عمل { كَانَتْ لَهُمْ } بوعد الله فى الأزل بلا أَول ، أَو فى اللوح أَو صارت لتحققها بعد كأنها مضت ، وفى ذلك تلويح بأَنها بمقتضى الرحمة الأزلية ، بخلاف النار فبمجرد قضائه ، واختيارهم السوء كما قال : سبقت رحمتى غضبى ، ولم يقل اعتدنا ، لأن ما اعتيد قد تم وادخر ، وخير الجنة لا يزال يزداد قبل الموت ، وبعده وبعد الدخول فيها كما ورد أنه من فعل كذا ، لم تزل الملائكة تغرس له ، ولأن ما اعتيد قد لا يصل من ادخر له فى الجملة ، وما ثبت لأحد فى القضاء ، واللوح لا يخطئه . { جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ } الجامع للعنب وغيره من الثمار كلها ، الملتف الشجر ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا سألتم الله تعالى فاسألوه الفردوس فإنه وسط الجنة وأعلاها وفوقه عرش الرحمن ومنها تفجر أنهار الجنة " رواه البخارى ومسلم وابن أبى حاتم عن أبى هريرة . وقال صلى الله عليه وسلم : " الجنة مائة درجة ما بين كل درجتين ما بين السماء والأرض والفردوس أعلى الجنة فإذا سأَلتم الله فاسأَلوه الفردوس " رواه أبو عبيدة بن الجراح وعن كعب الأحبار : " ليس فى الجنة أعلى من جنة الفردوس وفيها الآمرون بالمعروف الناهون عن المنكر " وصح أن أهل الفردوس يسمعون أطيط العرش ، وإضافة جنات الفردوس للتشبيه ولكونهن تحت جنة الفردوس أو حولها ، لكن جنة الفردوس أعلى منهن ، فليست الآية فيمن يدخل جنة الفردوس ، بل فى عامة المؤمنين ، والجنات ، وأما خاصتهم وخاصة جنة الفردوس فمن خارج الآية ، أو الجنات كلها فردوس ، فالإضافة للبيان . والفردوس المخصوص معين لأهله منهن ، وأما قوله صلى الله عليه وسلم : " إذا صليتم علىّ فاسألوا الله لى الوسيلة أعلى درجة فى الجنة لا ينالها إلا رجل واحد وأرجو أن أكون أنا هو " رواه أحمد عن أبى هريرة ، فمعناه أن الوسيلة فى أعلى الفردوس الذى هو أعلى الجنات . { نُزُلا } هن مع عظمهن مثل ما يعجل للضيف قبل الاحتفال له ، لأنهن لا يزلن يزددن خيراً ، وقيل النزل المنزل ونزلا خبر ثان ، والأول لهم أو يعلق لهم بكانت أو حال من نزلا ، ونزلا خبر أو لهم خبر ونزلا حال من جنات .