Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 18, Ayat: 17-17)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَتَرَى الشَّمْسَ } يا محمد أو يا من يصلح للرؤية ، لو رأيتهم ، أو بمعنى تعلم على إفشاء العلم من إخباره . { إذَا طَلَعَتْ تَزَاوَرُ } تميل تتزاور ، أبدلت التاء زايًا وأدغمت لبعد التاء عن الزاى ، ومنه زيارة أحد ، لأنها ميل إليه { عَنْ كَهْفِهِمْ } ، لا يقع شعاعها عليهم فيؤذيهم ، لأن الكهف ساحته وداخله فى جانب الجنوب ، فيكون بابه فى جانب الشمال . { ذَاتَ الْيَمِينِ } أى جهة صاحبة اليمين { وَإِذَا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ } تنقطع بهم من القَرْض بمعنى القَطْع ، وقال الفارسى : المعنى تعطيهم بعض الضوء ، ويزول سريعًا كالقرض يسترده صاحبه ، ويرده أنه لم يسمع ثلاثى لهذا ، وإنما هو أقرض بالهمزة ، وأما القرض الثلاثى فاسم مصدر . { ذَاتَ الشِّمَالِ } أى جهة ذات الشمال { وَهُمْ فِى فَجْوَةٍ } فى متسع { مِنْهُ } ينالهم روح الهواء الطيب ، لا كرب الغار ، ولا حرَّ الشمس ، فبقيت ألوانهم وثيابهم على حالها كذا زعموا ، وهو غفلة وسهو وإنما بقوا بلا تغيير بقدرة الله ، وإِلا فطول المدة يغيِّرهم ويغيِّر ثيابهم ، على أى حال كانوا ، وقد يقال يناسب ما ذكروا قوله تعالى : { ونقلبهم } [ الكهف : 18 ] بأَن أجرى الله الأمر على ما ذكروا ، كما أجرى الأمر على التقليب ، مع أنه قادر على أن لا تأكلهم الأرض بلا تقليب ، كما أنه تعالى يجرى غالب الأشياء على أسباب . وقد قيل : تدخل عليهم الشمس ولا تضر بهم ، وذلك ينافى أن الغار قد سد ، وما قيل إنه سده ملك مؤمن بجعل حائط مسجد سدًّا له ، والآية بيان لتمايل الشمس عن كهفهم ، لا بيان لأنه فتح ولا تنالهم ، ولا لأنه لو فتح لنالتهم ، وباب الكهف فى مقابلة بنات نعش الصغرى ، وأقرب المشارق والمغارب إلى محاذاته مشرق رأس السرطان ، ومغربه ، والشمس إِذا كان مدارُها مداره تطلع مائلة عنه ، مقابلة لجانبه الأيمن ، وهو الذى يلى المغرب ، وتغرب محاذية لجانبه الأيسر ، وإنما سمى الذى يلى المغرب يميناً لأنه يمين المتوجه لبابه فى داخل الكهف . وإذا غربت كانت على شماله ، وعبارة بعض المراد يمين الداخل وشمال الداخل ، وكل نقطة على الأفق تطلع منها الشمس تسمى مشرقًا ، ولما كان الكهف فى جانب شمال منطقة البروج ، كان الأقرب إلى محاذاة الكهف مشرق رأس السرطان ، أى نقطة على الأفق تطلع منها الشمس ، إذا كانت فى رأس السرطان ، أى أوله ، لأن مشارق رأس السرطان أقرب إلى القطب من سائر المشارق ، فلا بد أن يكون أشد محاذاة الكهف من سائر المشارق ، فإذا طلعت من هذا المشرق يقع شعاعها فى الجانب الغربى من الكهف ، وإذا غربت فى مغرب رأس السرطان يكون أقرب محاذاة إلى الكهف من سائر المغارب لأن هذا المغرب أقرب إلى القطب الشمالى ، وكل نقطة تغرب فيها الشمس فهى مغرب . وقيل : منع الله عز وجل ضوء الشمس عنهم ، مع أنها تقابلهم عند الطلوع والغروب ، ولا تغيرهم ، أو لا تقع عليهم مع مقابلتها لهم ، وذلك خرق للعادة إكراما لهم ، وعليه الزجاج على أن الباب غير مسدود ، ويناسبه قوله عز وجل : { ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللهِ } إذا رددنا الإشارة إِلى بقائهم ، فإنه الذى يكون مخالفًا للمعتاد لطول الزمان ، ويجوز أن تكون الإشارة إلى أوبهم أو إيوائهم إلى الكهف ، أو إخباره صلى الله عليه وسلم الناس بقصتهم ، أو ما ذكر من ازورار الشمس وقرصها ، واستحسن بعض أن الإشارة إلى مجموع هدايتهم إلى التوحيد ، ومخالفة قومهم ، وعدم الاكتراث بهم وبملكهم ، وسطوتهم مع أنهم شباب وإيواؤهم إلى الكهف تلك صفته . وعن ابن عباس : ما أوتى أحد نبوّة ولا علمًا إِلا وهو شاب ، يعنى غالبًا فصاحب الأربعين شاب ، لأن صاحب النبوّة يعطاها على أربعين . { مَنْ يَهْدِ اللهُ } هداية توفيق كأصحاب الكهف { فَهُوَ الْمُهْتَدِ } أفاد أنه لا اهتداء إلا بهداه ، وكفى بهذا مغايرة بين الشرط والجواب ، أو معناه مصيب الفلاح . { وَمَنْ يُضْلِلْ } يخذل كدقيانوس وقومه ، بأن لم يهدهم إلا هداية بيان { فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا } يهديه هداية توفيق ، والآية مدح لأصحاب الكهف فى العموم ، وذم لدقيانوس وقومه فى العموم ، وتنبيه على أن الآيات كثيرة ، لكن المنتفع بها من وفَّقه الله للاعتبار بها ، وهى متصلة بقوله : ذلك من آيات الله ، ومقتضى الظاهر ، فهو الضار ، عبَّر عنه بذلك للفاصلة .