Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 18, Ayat: 55-55)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا } من أن يؤمنوا أى من الإيمان أو إِيمانًا ، فلا تقدر من فإنه يقال منعه من طعام ومنعه طعامًا { إِذْ جَاءَهُمْ الْهُدَى } البيان على لسان الرسول صلى الله عليه وسلم من القرآن ، وسائر الوحى ، ولا داعى إِلى جعل الهدى بمعنى القرآن كما قيل : إِنه القرآن ، وكما قيل : إِنه رسول الله صلى الله عليه وسلم مبالغة . { وَيَسْتَغْفِرُوا رَبَّهُمْ } أى يطلبوا المغفرة من ربهم لذنوبهم ، وهى عدم العقاب عليها ، حتى كأنها الشئ المستور ، أى من أن يستغفروا أو استغفار ربهم على حد ما مر فى أن يؤمنوا ، أو المراد بالناس الكفار على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، القائلين بتلك الأباطيل أو ما يعمهم وغيرهم ، لا ما يعم من قبله لذكر من قبله فى قوله : { إِلاّ أَن تَأْتِيَهُمْ سُنَّةُ الأَوَّلِينَ } وهو فاعل منع أى ما منعهم إلا إتيان مثل سُنَّة الأوَّلِين ، وسُنَّة الأولين إهلاك الأولين المصرِّين على الكفر ، والمعنى سُنَّة الله فيهم وأضافها إِليهم لوقوعها فيهم ، والمراد إلا طلب إتيان سُنَّة الأولين ، أو انتظار إتيان سُنَّة الأوَّلين ، أو تقدير إتيان سُنَّة الأولين ، ومع ذلك ليسوا بطالبين إتيانها ، ولا منتظرينه ولا مرتقبينه إلا مجازاً تشبيهاً ، وحقيقة الآية أن إصرارهم على الكفر يوجب لهم سُنَّة الأولين ، إلا أن الله سبحانه وتعالى أخرها عنهم ، ثم إنه إذا جائتهم السنَّة لم يمكنهم الإيمان ، فالمراد استفراغ ما قبل الإتيان بالكفر . ويجوز أن يكون المراد إلا تقدير ربهم وقضاءه أن لا يؤمنوا حتى يستأصلهم بمثل سُنَّة الأولين ، وهو عذاب بدر ، وقدر بعض إلا تقدير الله عذابهم كالأولين ، وفسره بعذاب بدر وأُحد ، والمراد الذنوب مطلقا لا خصوص الشرك ، فالآية دليل على خطاب المشركين بالفروع ، واستدل بعضهم بها على أن الإيمان بدون استغفار لا يجُبُّ ما قبله ، والظاهر غير ذلك ، ذكر الله عز وجل ما هو أحسن إشارة إلى أن الإيمان النافع ، ما يصاحب صاحبه الاستغفار . { أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ قُبُلاً } حال من العذاب ، أى مواجها أو من الهاء أى مواجهين له ، وهو عذب الآخرة مصدر بمعنى الوصف ، أو يقدر مضاف أى ذا قبل أو ذوى قبل ، أو مفعول مطلق على تضمين يأتى معنى يقابل ، أو منصوب بمقابلا ، أو مقابلين مقداراً ، والحصر إضافى لقوله تعالى : { وما منع الناس أن يؤمنوا إذْ جاءهم الهدى إلاَّ أنْ قالوا أَبَعَثَ الله بشراً رسولا } [ الإسراء : 94 ] فإن المانع هنا إِرادة الله تعالى ، وهى الحقيقة بالمنع ، وفى الآية الأخرى مانع عادى وهو استغراب بعث البشر رسولا ، أى الاستغراب لبعث البشر رسولا .