Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 18, Ayat: 61-61)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ فَلَمَّا بَلَغَا مَجْمَعَ } موضع الجمع { بَيْنِهِمَا } بين البحرين ، وأصل المجمع أن يضاف إِلى البحرين لا إِلى بين ، لكن أضيف إلى بين توسعًا أو نقول : بين بمعنى الوصل ، وكنت أقول الهاء عائدة إلى موسى والخضر ، ثم تذكرت أنه لم يجر للخضر ذكر ، أو عائدة إلى موسى وفتاه ، أى موضع اجتماعهما مع غيرهما وهو الخضر ، ولم يذكر غيرهما ، وذلك على الوجوه كلها هو الموضع الذى قضى الله أن يجتمعا فيه مع الخضر عليهم السلام ، سكن فيه الخضر ، أو فى قريب منه . { نَسِيَا حُوتَهُمَا } نسى موسى أن يطلبه من فتاه أن يحضره له ، ونسى أن يأكل منه ويتعرَّف حاله ، ونسى يوشع أن يذكر له حياته ووقوعه فى البحر ، وارتحلا على ذلك النسيان . وحاصل ذلك أنهما نسيا شأن الحوت ، كل واحد نسى ما من شأَنه أن يذكره ، وجه قريب أن موسى عليه السلام أخبر فتاه بما قال له الله جل وعلا فى الحوت ، ونسى يوشع أن يخبره . وقد قيل إنه قال : لا أذكر له حتى يستيقظ ، وما استيقظ إلا وقد نسى ، وذلك كله أولى من أن يقال النسيان لموسى ، وجمع الله معه فتاه حكماً على المجموع ، وأولى من تقدير مضاف ، أى نسى أحدهما وهو موسى . { فَاتَّخَذَ } أى الحوت { سَبِيلَهُ فِى الْبَحْرِ } متعلق باتخذ ، أو حال من سبيل ، أو من قوله { سَرَبًا } مسلكاً صار الماء له جحراً وسقفاً ، كما فعل الله لموسى عليه السلام فى البحر حين اتبعه فرعون ، إلا أنه يسقف على موسى ، بل بدأ طريقه للسماء ، كما أنه سئل على أى موضع طلعت عليه الشمس مرة واحدة ، فأجاب بطرق موسى وبنى إسرائيل فى بحر القلزم . روى الطبرى وابن أبى حاتم ، من طريق العوفى عن ابن عباس رضى الله عنهما : جعل الحوت لا يمس شيئاً من البحر إِلا يبس ، حتى كان صخرة وكذا روى البخارى ومسلم والترمذى والنسائى أن الله جل وعلا أمسك جرية الماء عن الحوت ، فصار عليه مثل الطلق أى القوس . قال أبو حامد الأندلسى : رأيت سمكة بقرب مدينة سبته من نسل الحوت الذى تزوَّده موسى وفتاه عليهما السلام ، وأكلا منه ، وهى سمكة طولها أكثر من ذراع ، وعرضها شِبْر ، وحدّ جنبيها شوك وعظم وجلد رقيق على أحشائها ، ولها عين واحدة ، ونصف رأس مَن رآها من جانب استقذرها وحسبها مأكولة ، ومن جانب آخر صحيحة يتبرك بها ، ويُهدى إلى المراضع . وقال أبو شجاع فى كتاب الطبرى : أتانى به رجل فرأيته ، فإذا هو شق حوت ، وليس له إلا عين واحدة . قال ابن عطية : وأنا رأيته ، وعلى شقّه قشرة رقيقة ليس تحتها شوكة . فنقول : لعل بعضا كما قال أبو حامد ، وبعضا كما قال ابن عطية ، ولعل ذلك انقطع بعد أو غفل الناس وجهلوا ، ولم يتعرفوا ذلك . ونص محمد بن كعب القرظى كما مر على أن البحرين بحر طنجة التقى هناك المحيط مع البحر الآخر المذكور ، ويقوى ذلك مدينة الجدار فى الغرب وشح أهل تلمسان ، حتى لم يضيِّفوهما ، وأيضا لا مجمع بين بحرى فارس والروم ، ولو تقاربا إِلا فى المحيط أعنى أنه أصلهما .