Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 182-182)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ فَمَنْ خَافَ } كإمام وقاض ووصى وغيرهم { مِن مُّوصٍ } علم منه بعد موته كقوله تعالى : { إلا أن يخافا ألا يقيما حدود الله } [ البقرة : 229 ] إلا أن يعلما ، وذلك أن الخوف من الشىء سبب وملزوم للبحث عنه هل كان ، وللبحث عن أحواله كقرب وبُعد ، وشدة وضعف ، فيحصل العلم ، وأيضاُ لا يخاف منه حتى يعلم أنه مما يخاف منه ، أو الخوف بمعنى التوقع الجارى بمعنى الظن ، فيقهم حكم العلم اليقينى بطريق الأولى ، وأصل الخوف توقع مكروه بسبب أمارة مظنونة أو معلومة ، ولما لم يكن للخوف من الميل والإثم بعد الإيصاء معنى حملناه على العلم أو الظن ، للتسبب واللزوم البيانى ، ويجوز إبقاء الخوف على أصله ، بأن لتهم الموصى فى إيصائه { جَنَفاً } ميلا عن الحق خطأ بنسيان أو غلط { أَوْ إِثْماً } بأن تعمد خلاف الحق ، كالزيادة على الثلث ، والوصية للوارث لأجل حق له على الموصى بأكثر من حقه ، مثل أن يقول : أوصيت لزوجى بكذا ، لأجل أنى ضربتها أو لم أوف حقها فى الفراش أو لأنى أكلت مالها بلا رضاء منها ، أو أكلته على أن أرده لها مع أن حقها أو أرشها أو ما أكل من مالها أقل ولم يوجد السبيل إلى تعيين كمية ذلك ، وكذا فى الوصية للولد وغيره { فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ } بين الموصى له والورثة المعلومين من القمام ، أو بين الوالدين والأقربين الموصى لهم الذين تقدم ذكرهم آنفا ، وهذا أولى ، وإن جعلنا الخوف من موص حال الإيصاء أو بعده فى حياته فالإصلاح بينه وبين الورثة ، لأن المآل إليهم وبين الموصى له ، بأن يقال له : زد كذا أو انقص كذا بمقتضى العدل ، ومن ذلك أن يوصى لفسق أو مكروه ، قيل : أو يفضل غنيا { فَلآ إِثْمَ عَلَيْهِ } فى الإصلاح ، بل له الثواب ، وذكر نفى الإثم إشارة إلى عظم ذنب التبديل حتى إنه ليخاف على المصلح الإثم لما عساه أن يكون فى إصلاحه من الخطأ ، وكذا ذكر لذلك قوله { إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } وعد للمصلح بالمغفرة والرحمة لإقامته بأمر الحق وإرشاد الضال ، وأمر بمعروف ونهى عن منكر ، ولا يقال المراد إن الله غفور رحيم للموصى ، بواسطة إصلاح الإمام أو القاضى أو المفتى أو الوصى أو غيرهم ، لأنه مات على غير صواب ، غير تائب ، هذا ما نقول ، وعند الله ما ليس عندنا ، ولا يكون كمن لا يوقع إصلاحا فى شأن وصيته ، لأن ظلمه لم يصل غيره ، إذا أزيل بالصلح الجنف كله ، ودون ذلك أمر الخطأ فى الخطر ، إذ لم يتعمد إلا أنك خبير بأن الجهل عمد .