Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 198-198)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ لَيْسَ عَلَيْكُمْ } أيها المسلمون على الإطلاق { جُنَاحٌ } إثم { أَنْ تَبْتَغُواْ } فى أن تطلبوا { فَضْلاً } رزقاً { مِّن رَّبِّكُمْ } التجارة فى الحد ، وهذا ترخيص ونهى لهم عن تحريم الجر بعد الإحرام ، فإنه لا ينقص ثواباً ولا يحبطه ، والترك أولى ، وهو الموافق لقوله تعالى : { وأتموا الحج } [ البقرة : 196 ] وإن كانت التجارة تنقض فرضاً حرمت ، أو متسحبّاً كرهت ، وإذا شوركت العبادة بغيرها قال ابن عبد السلام فلا أجر لها أو أخرويا فبقدره وإن تساويا سقطا ، وعندى أنه يثاب بقدره ولو أقل قليل ، وبه قال ابن حجر ، وكانوا يكرهون التجر أو يحرمونه فى الحج فنزلت الآية مبيحة بلا جدال ولا فسوق فى أسواقكم عكاظ ومجنة وذى المجاز وغيرها ، أسواق تقام فى مواسم الحج ، وعكاظ من التعاكظ وهو التفاخر ، يتفاخرون وتناشدون بين نخلة والطائف عشرين يوماً من أول ذى الحجة ، ومجنة على أميال من مكة ، وذو المجاز على فرسخ من عرفة ، ومنع أبو مسلم التجر فى الحج ، وحمل الآية على ما بعد الفراغ من الحج ، كقوله { فإذا قضيت الصلاة } [ الجمعة : 10 ] الخ ، ويرده أن الحمل على إباحة ما توهم حرمته أو كراهته أولى من الحمل على ما علم إباحته ، وهو التجر بعد الفراغ من الحج ، وأما الصلاة فأعمالها متصلة لا يقاس عليها الحج ، لأن أعماله متفرقة ، وكان ابن عباس يقرأ قراءة تفسير ، أن تبتغوا فضلا من ربكم فى مواسم الحج وكذا ابن مسعود ، قال أبو أمامة لابن عمر نكرى الحجاج ، ويقول الناس لا حج لنا ونحن نفعل أفعال الحج كلهم ، فقال سئل صلى الله عليه وسلم عما سألت فنزلت الآية ، فقال أنتم الحجاج أنتم الحجاج ، وتدل على ذلك الفاء فى قوله : { فَإِذَا أَفَضْتُمْ } أفضتم أنفسكم أى دفعتموها دفعا شبيها بإفاضة الإنسان الماء فى الكثرة والسرعة وذلك هو الأصل ، ولو يرد أن غير الكثير وغير المسموع لا يتم ، بل يتم ، أو لا يذكر الله عند المشعر الحرام بل يذكره فيه { مِّنْ عَرَفَٰتٍ } منون تنوين مقابلة لأنه بصيغة جمع المؤنث السالم ، أو جمع مؤنث السالم سمى به والمفرد عرفة ، وعرفة جمع عارف تسمية للمحل باسم الحال ، وذلك أنه تعارف آدم وحواء فيهما ويتعارف الناس فيها ، وعرفها جبريل لآدم وإبراهيم ومحمد صلى الله عليه وسلم عليهم ، ولقول جبريل فيها اعترف بذنبك ، فاعرف المناسك ، أو لعلوها كما قيل لعرف الديك ، أو عرفة اسم مفرد ، وضع للبقعة كعرفات بصيغة الجمع فهما اسمان ويرجحه أن الأصل عدم الانتقال من الحج إلى جمع آخر ، ولكون تنوينه للمقابلة ثبت مع العلمية والتأنيث كحمزات ، وهو تأنيث البقعة ، وصيغ ة جمع المؤنث السالم صيغة تأنيث فيراعى التأنيث فى المنع ، ولو مما يرد إليه الضمير مذكرا كهندات علما لرجل ، وسكون ما قبل تائه لا يبطل تأنيثه ، ولو لم يكن فى ينة التحريك كرغبوت ، وأيضا هى عوض عن تاء المفرد فى الجملة ، ولزم من الإفاضة أنهم فيها ، كأنه قيل قفوا فى عرفات ، وأفيضوا منها ، فإذا أفضتم منها فاذكروا الله الخ ، والإفاضة من عرفات واجبة لأن الأمر المجرد للوجوب ، وهو لا يتم إلا بالكون فى عرفات وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب ، وَهو بلا تكلف عندى إلا أن الكون فيها لا يستلزم اللبث فيتقوى وجوب الوقوف بالإجماع والحيث ، بل يدل على ذلك لفظ الإفاضة لأنها بعد لبث الماء فى شأن الماء فكذا فى شأن اللبث { فَاذْكُرُواْ اللهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ } ولزم من الذكر عنده أنهم أفاضوا إلى المزدلفة ولبثوا فيها ، وكأنه قيل أفيضوا منها إلى المزدلفة ثم إلى المشعر الحرام ، فاذكروا الله فيه ، أى بعد المبيت فيها بالتلبية والتهليل والدعاء ، والمشعر الحرام ، جبل فى أخر المزدلفة يسمى قزح كعمر ، اسم لملك موكل بالسحاب ، أو لملك من الملوك ، أو شيطان فى الأصل ، روى مسلم أنه صلى الله عليه وسلم " وقف به يذكر الله ويدعوه حتى أسفر جدا " ، وسمى المشعر لأنه علامة من علامات الحج معظمة لأنه من الحرم ، ومحل العبادة ، وقيل المشعر الحرام ما بين مأزمى عرفة ووادى محسر ، ويروى ما بين وادى مزدلفة ووادى محسر ليس من الموقف ، ووادى محسر خمسمائة ذراع طولا وخمس وأربعون عرضا ، وفى مسلم عن جابر أنه صلى الله عليه وسلم " لما صلى الفجر أى فى المزدلفة بغلس ركب ناقته حتى أتى المشعر الحرام ، فدعا وكبر وهلل " ، فدل الحديث على القول الأول ، إلا أن يؤول المشعر الحرام فى الحديث بالجبل أو بتسمية الجزاء باسم الكل ، والمعنى واذكروا الله لذاته إعظاما وإجلالا واستحقاقا عند المشعر الحرام { وَاذْكُرُوهُ } أيضا { كَمَا هَدَٰكُمْ } أى لهدايته إياكم عن الضلالة إلى المناسك وغيرها من دينه عز وجل ، أو اذكروه ذكرا شبيها بهدايته إياكم إلى ذلك فى الحسن ، أو اذكروه على نحو ما علمك لا تغيروه { وَإِنْ } الشأن ، أو أنكم خففت وأهملت ، وليست نافية بدليل اللام فى قوله { كُنْتُمْ مِّن قَبْلِهِ } أى من قبل الهدى المعلوم من قوله كما هداكم { لَمِنَ الضَّالِّينَ } الجاهلين للتوحيد والعبادة وهداكم الله عز وجل إليهما أحوج ما أنتم للفترة .