Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 20-20)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ يَكَادُ الْبَرْقُ } المعهود فى الآية قبل { يَخْطَفُ أَبْصَٰرَهُمْ } أبصار أهل الصيب ، يقرب أن يأخذها بسرعة ، وإسناد الخطف إلى البرق مجاز للسببية ونفى كاد نفى ، وإثباتها إثبات كسائر الأفعال ، وغير هذا تخليط ، وإذا قلت ، كاد يقوم فمعناه قرب ، وإذا قلت ، لم يكد يقوم فمعناه لم يقرب ، وإذا قيل ، لم يكد يقوم مع أنه قام فمعناه أنه لم يقرب للقيام ، ثم قرب وقام { كُلَّمَا أَضَاءَ } ظهر البرق أو أظهر البرق الطريق { لَهُم مَّشَوْاْ فِيهِ } يمشون فى ضوئه كل إضاءة أى كل وقت إضاءة ، أو فى الطريق المدلول عليه بالشىء ، كما قدر بعض ، كلما أضاء لهم ممشى مشوا فيه ، وذلك أن المشى فى مطرح البرق لا فى البرق ، والهاء للبرق ، وكل ظرف لإضافته إلى المصدر المنسبك بما المصدرية المستعمل ظرفاً ، كجئت طلوع الشمس ، ويجوز أن يكون لازماً بمعنى وقع ، كما فسرته أولا ، كلما لمع مشوا فى مطرح ضوئه { وَإِذَا أَظْلَمَ } الطريق المسدود عليه ، أو أظلم البرق ، أى زال ، أو الجو { عَلَيهِمْ قَامُوا } أمسكوا عن الشىء { وَلَوْ شَاءَ اللهُ } أى لو شاء إذهاب أسماعهم وأبصارهم { لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ } أى بسمع المنافقين ، الإضاءة للحقيقة أو الاستغراق ، وكأنه قيل ، بأسماعهم ، كما قال { وَأَبْصَٰرِهِمْ } عيون المنافقين الظاهرة كما ذهب ببصائر قلوبهم الباطنة فلا تقبل الحق ، ويجوز عود الهاءين لأصحاب الصيب ، لأن بصائرهم ولو كانت لا تعمى بالظلمات لكن المراد التنوية للصيب وشأنه المشبه بهما حال المنافقين ، فإن تقويتهما تقوية لحالهم فى الهول ، فيكون شبههم بالمستوقد ، ثم بالصيب الموصوف بما ذكر ، وبأنه لولا أن الله حفظ سمع أهله وأبصارهم لذهبت بالبرق والرعد ، ومشيهم فى البرق تشبيه لميلهم إلى بلاغة القرآن ، وصدقه ، ووعده بالخير ، وإمساكهم عن المشى عند ذهاب البرق ، وتشبيه لوقوفهم عما يكرهون من تسفيه دينهم ، ورفض آلهتهم ، والمشيئة والإرادة بمعنى ، ولا يصح ما قيل إن أصل لمشيئة لإيجاد واستعمل بمعنى الإرادة ، والباء للتعدية ، أى أذهب أسماعهم ، وقيل ، ذهبت بكذا ذهبت معه ، وإذا لم يذهب فللتعدية ، أو مجاز فى المعية { إِنَّ اللهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } أى على كل شىء ممكن وأما المستحيل فى حقه ، كاتخاذ الصاحبة والولد فلا تقل هو قادر عليه ، لأن الاتصاف بالقدرة عليه اتصاف بجوازه ، ولا غير قادر عليه ، لأن هذه صبغه عجز ، تعالى عنها ، ولأنها فرع عن تقرره هكذا فى الجملة ، وهو غير متقرر ، تعالى عنه ، أو المعنى على كل شىء شاءه هؤلاء لا يرده عما أراد وقوعه ، ومع ذلك هو قادر على إيقاع لم يسبق قضاؤه بوقوعه من الممكنات إجماعا ، وما لم يكن ولا يكون لا يسمى شيئاً ، ونسبه بعض أصحابنا ، وقيل شىء ، وهو الصحيح عندى ، وأما المستحيل فلا يسمى شيئاً ، والآية ونحوها من الآى والحديث تدل على جوازه فى كل معلوم ممكن ، ويطلق على المحال بمعنى ملاحظته ، ولا يقال قادر عليه ولا غير قادر ، ومعنى : وقد خلقك من قبل ولم تك شيئاً : لم تكن شيئاً موجوداً ، بل شيئاً معدوماً .