Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 228-228)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَالْمُطَلَّقَٰتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَٰثَةَ قُرُوءٍ } أطهار أو حيض ، إلا إن لم تمس فلا عدة عليها ، وإلا التى لم تبلغ والآيسة فثلاثة أشهر ، وإلا الأمة فحيضتان ، وإن أيست ، أو لم تبلغ خسمة وأربعين يوما ، وإلا الحامل فعدتها الوضع ، وذلك للقرآن ؛ إلا الأمة فبالسنة ، والجملة إخبار لفظا ومعنى ، أى الشرع تربصهن ، وأجاز بعض كون الاسمية بمعنى الأمر ، وبعض الإخبار عن المبتدأ بالطلب بل هو كثير ، فيتربصن أمر معنى ، أو مع المطلقات ، وفى كونها أمراً مبالغة ، بإخراجه مخرج الخبر ، حتى لا يخالف فيكو كالكذب ، وبكونه كأنه امتثل فأخبر به ، وقال : يتربصن لأن نفوس النساء إلى الرجال مائلات أضعاف ما يميلون إليهن ، إلا أنهن يكتمن ، والواحد قرء بضم القاف أو فتحها وإسكان الرا ، وهو الحيض ، لقوله صلى الله عليه وسلم : " دعى الصلاة أيام أقرائك " ، رواه أبو داود والنسائى عن عائشة ، رضى الله عنها أو الطهر ، لقوله تعالى : { فطلقوهن لعدتهن } ، إذ لا يشرع الطلاق فى الحيض ، أى عند عدتهن فثلاثة قروء عبارة عن لقوله تعالى : { فطلقوهن لعدتهن } ، فينتج أن القرء طهر ، وأجيب أن المعنى طلقوهن مستقبلات لعدتهن وهى الحيض الثلاثة ، والقرينة حديث طلاق الأمة تطليقتين ، وعدتها حيضتان ، وحديث ، دعى الصلاة أيام أقرائك ، وبأن مدار استبراء الرحم الحيض لا الطهر ، فإن الانتقال من الحيض إلى الطهر يدل على انسداد فم الرحم ، وهو مظنة العلوق ، فإذا جاء بعده الحيض علم عدم انسداده ، وليست اللام للتوقيت ، وبأن بعض الطهر ليس طهراً ، وإلا كفى من الطهر الثالث أيضا جزء فإن لم يحسب الطهر الذى طلق فيه لزم ثلاثة أطهار وبعض طهر ، وإن حسب فطهران وبعض طهر ، والشافعى يقول بطهرين وبعض الطهر الذى طلق فيه ، ولا يرد على غير مذهبه أن الحيضة التى وقع فيهما الطلاق إن اعتبرت حيضة كانت ثلاث حيض وبعض حيضة ، لأنا نقول بحب الحيضة الرابعة تامة ، لأن الحيضة الواحدة لا تقبل التجزؤ ، فلزم مضى البعض الذى وقع فيه الطلاق ضرورة لا باعتبار أنه مما وجب بالعدة ، والكلام فى العدة التى تعقب الطلاق ، لا فى التى وقع فيها الطلاق ، وحديث البخارى ومسلم فى قصة ابن عمر مرة فليراجعها … الخ الذى رجحوه فى الثانى لا فى الأول ، واختار القروء على الأقراء لكثرتهن بكثرة المطلقات { وَلاَ يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ } لتفويت الرحمة وإلحق الولد بغير الأب { مَا خَلَقَ اللهُ فِى أَرْحَامِهِنَّ } من الحيض والولد ، ووجه كون الحيض فى الرحم ، أنه يجتمع فيها الدم ثم يخرج ، ولا يخفى أن المطلقات المذكورات ذوات قروء ، لقوله : ثلاثة قروء ، فكيف يكون الولد فى أرحامهن فنقول : إذا كتمن الحمل حكمنا بأنهن من ذوات القروء أو الضمائر للمطلقات مطلقا فى ضمن المقيد ، كالاستخدام البديعى ، وفى الوجهين بعد ، فإن قلنا ما فى أرحامهن من الحيض والحمل معا ، وتحريم الكتم عليهن إيجاب للعمل بما قلن إن لم يتبين كذبه ينظر الأمينات ، فهن مؤتمنات ، وإلا كان حرج عظيم ، فيتعلق بقولهن ما بعلق إلى حيض من تحريم وطء ، وما يحرم بالوطء وغير ذلك كعتق وعدم طلاق ، وفى الأثر ، سئل عزان بن الصقر رحمه الله عن المطلقة إذا ادعت أنها حامل ، قال : تنظر إليها الأمينات نسوة ، فإن قلن إنها حامل فلها النفقة ولو كان الطلاق ثلاثا أو بائنا ، وإن لم يقلن إنها حامل فلا نفقة لها بعد العدة ، ولها النفقة فى عدة غير الثلاث والبائن ، وإن وضعته فى وقت يحكم عليه فيه بالولد وقد طلبت النفقة ولم يعط فعليه أن يعطيها نفقتا منذ طلقها ، وإن اشتبه على النساء فلم يقلن إنها حامل ولا غير حامل فطلبت هى النفقة وقالت إنى حامل فلها النفقة إلى سنتين ، فإن جاءت بولد فى السنتين فالولد له ولا ترد له النفقة وإن جاءت بالولد بعد السنتين فالولد لها وترد عليه النفقة ، وإن لم تلده ، وقالت فسد فى بطنى فلا نفقة لها بعد السنتين ، ولا يرجع عليها بما أنفق عليها ، لأنه يمكن أن يكون كما قالت ، وليس كما قال بعض : إن الآية شاملة للبكورة الثيوبة وعيب الفرج فتصدق فى ذلك ، لأنا نقول : ذلك مما ينكشف للأمينات فينظرن ، أهى بكر أم ثيب ، ويمسسن ، وكذا ما أمكن ، { إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ } أو لم يؤمن ، لأن الكافر مخاطب بالفروع ، وإنما ذكر الإيمان إشارة إلى أن الكتم ينافيه ، وإلى أنه لا يجترىء عليه من آمن ، وإلا كان منافقا ، وأنه من اجترأ عليه فكأنه غير مؤمن { وَبُعُولَتُهُنَّ } أزواجهن المطلقون ، جمع بعل ، شذوذاً ، أو مصدر ، أى أهل بعولتهن ، أى نكاحهن ، يقال ، باعلها : أى جامعها ، والأول أولى { أَحَقُّ } أى أحقاء ، فهو خارج عن التفضيل ، إذ لا حق لها ولا لغيرها من الرجال فى الرجعة ، أو باق عليه ، أى أحق ما يمكن فعلهم الرحمن دون الفرقة ، أو هم أحق بالرجعة من المرأة فى طلب الفرقة ، وجاء عنه صلى الله عليه وسلم : " أبغض الحلال إلى الله الطلاق " { بِرَدِّهِنَّ } برجعتهن ، ولو أبين ، ويشهدون على الرجعة فيخبرهن الشهود ليمحن أنفسهن لهم ، وإن لم يعلمن بالطلاق راجعوهن بالشهود ولو بلا إخبار { فِى ذَلِكَ } متعلق برد أو بأحق ، أى فى ذلك التربص أو زمانه ، وهو مقدار العدة ، وبعد ذلك يكون الأمر بأيديهن ، إن شئن تزوجنهم وإلا فلا { إِنْ أَرَادُواْ } أى الأزواج المطلقون { إِصْلَٰحاً } بينهم وبينهن ولم يريدوا إضرارهن ، وذلك حث على الإصلاح بالرجعة ، ولو قصدوا الإضرار لصحت الرجعة أيضا ، ولو ظلموهن بقصد إطالة العدة ، ولا مفهوم مخالفة فى قوله إن أزادوا لتحقق الفائدة الأخرى ، وهى الحث { وَلَهُنَّ } أى للنساء على أزواجهن من الحقوق مطلقاً بلا شرط طلاق ورجعة { مِثْلُ الَّذِى } لهم من الحقوق { عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ } وفى ذلك احتباك ، إذ حذف من الأول لفظ عليهم لدلالة لفظ عليهن فى الثانى ، وحذف من الثانى لفظ لهم لدلالة لفظ لهن فى الأول ، كأنه قيل ، ولهن عليهم مثل الذى لهم عليهن بالمعروف شرعا ، يعاشروهن ويعاشرنهم بحسن العشرة وترك الضرار ويعطونهن حقوقهن من النفقة والكسوة والسكنى والجماع وغير ذلك ، ويعطينهم المطاوعة فى الفراش وعدم الخروج إلا بإذن ونحو ذلك ، والآية عامة لمن اتفق فيهم وفيهن ، ولما اختلف كما رأيت ، كأنه قيل ، لهن حقوق عليكم كما لكن حقوق عليهن ، قال صلى الله عليه وسلم : " ألا إن لكم على نسائكم حقا ولنسائكم عليكم حقاً ، فأما حقكم على نسائكم فلا يوطئن فراشكم من تكرهون ، ولا يأذن فى بيوتكم لمن تكرهون ، ألا وحقهن عليكم أن تحسنوا إليهن فى كسوتهن وطعامهن " ، رواه الترمذى وصححه ، والنسائى ، وابن ماجه عن عمرو بن الأحوص ، وعن ابن عباس رضى الله عنهما إنى لأحب أن أتزين للمرأة كما أحب أن تتزين لى ، لأن الله تعالى يقول : ولهن … الخ ، ومما لهن ألا تعجل القيام عنها إذا جامعها حتى تقضى حاجتها { وَلِلرِّجَالِ } الأزواج ، ولفظ الرجال إشارة إلى أن للرجل فضلا على المرأة ولو لم يكن زوجاً لها ، ولذلك لم يقل لهم { عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ } مرتبة رفيعة فوق مرتبتهن وشرف ، لأن حقوقهم فى أبدانهن لا يجئن الخروج والتصرفات إلا بإذنهم ، وحقهم فى الجماع أعظم من حقهن عليهم فيه ، وهم قوام وحرس عليهن ، وكأنهن إماء لهم بالمهر ، حتى إن لهم منهن عن النفل ، وعليهن طاعتهم { وَاللهُ عَزِيزٌ } لا يرده شىء عن الانتقام ممن خالف أحكام الزوجين أو غيرهما ، ولا يفعل إلا الحق { حَكِيمٌ } فعله ، كله عدل ، لأنه عالم بعواقب الأمور والمصالح .