Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 233-233)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَالْوَٰلِدَٰتُ } مسلمات ، أو كتابيات ، حرائر أو إماء ، باقيات أو مطلقات { يُرْضِعْنَ أَوْلَٰدَهُنَّ } فى الحكم الشرعى ، أو أرضعن يا والدات ، كما مر فى يتربصن ، والأمر للندب عند قدرة الأب ، أو سيد الزوج على الإجارة ، أو وجود غير الأم ، وقبول الولد لغيرها ، وللوجوب عند فقد ذلك ، فيكون من عموم المجاز ، خروجا من الجميع بين الحقيقة والمجاز ، وأضاف الولد لهن استعطافا ولأن الإرضاع من خصائص الولادة لا الزوجية ، وجاء الحديث ، أن الأم أحق بالولد ما لم تتزوج ، وقيل : المراد المطلقات ، فيعلم حكم غيرهن من وجوب نفقة الزوج على زوجها ، ويدل له أن نفقة غيرهن للزوجية ، لا للإرضاع إلا أن قوله : وعلى المولود له ، يدل على أنها للولادة ، والولادة علة للإرضاع لمطلقها ، ولتتفرغ للتزوج لغيره ، وأن الباقية هى فى نفقة الزوج على العادة من قبل ، وقيل المراد الباقيات لأن المطلقة لا تستحق الكسرة بل الأجرة { حَوْلَيْنِ } عامين ، سمى العام حولا لتحوله ، وعلى الاسمية لا توجبها ، فلا يرد عدم تسية لأيام والشهور حولا { كَامِلَيْنِ } لا ناقصين ، لأنه يقال حولان ولو مع نقص ، كما قال : الحج أشهر ، كما يقال ، عشرة ذى الحجة ، والمراد تسعة ، أو مع ليلة الأضحى ، وليس ذلك حدا واجبا ، إنما هو قطع للنزاع بين الزوجين ، فلو قطع الرضاع قبل الحولين عنه لقوته ومضرة الرضاع ، أو زيد عليها لجاز ، وقد قيل ذلك { لِمَنْ أَرَادَ } من الزوجين ، أو يرضعن لمن أراد ، وهو الأب { أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ } بلا نقص ولا زيادة ، ويجب النقص أو الزيادة لعارض ضر ، ولا عبرة للرضاع بعد الحولين فى تحريم النكاح ، وإباحة المصافحة ، قال النبى صلى الله عليه وسلم ، " لا رضاع فصال " ، أى لا حكم رضاع ، وعن أبى حنيفة مدة الرضاع ثلاثون شهراً ، وعن زفر ثلاث سنين { وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ } وهو الأب { رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ } لأجل ولادته له ، كما أن الإرضاع علته ولادتهن له ، وتعليق الحكم بمعنى المشتق يؤذن بعلية معنى ما منه الاشتقاق ، وعبر بالمولود له ليتقوى أن المؤونة عليه لأنه ولد له ، ولذا لم يقل ، وعلى الوالد ، مع أنه أنسب بقوله ، والوالدات ، فعليه الرزق والكسورة ، ولو لم يطلقها إن أرادت الأجرة ، وهو زيادة على نفقة الزوجية ، وقال أبو حنيفة ، ليس لها الأجرة ما بقيت غير مطلقة أو مطلقة لم تخرج من العدة ، ولكن أمروا بالمؤونة لئلا يتوهم أنه لا نفقة لهن لاشتغالهن عن الأزواج بالأولاد ، كما أن لها النفقة عليها إذا سافرت بإذنه فى حاجته ، والمعروف ما يراه الحاكم شرعا ومروءة بقد طاقة المولود له ، ونفقة ولد لأمة من حر على مالك لأمة ، لأنه عبده { لاَ تُكَلَّفُ نَفْسٌ } لا تكلف زوجها ولا يكلفها ولا يكلفهما الله { إِلاَّ وُسْعَهَا } فى جميع أمورها ونفقة الزوجات والأولاد وغير ذلك ، وعلى الأب نفقة الولد من ماله ، وإن كان للولد مال فمن مال الولد ، ولا حد فى نفقة الزوجة والمطلقة والمرضعة سوى ما يليق بالنظر كما قال العاصمى : @ وكل راجع إلى افتراض موكل إلى اجتهاد القاضى بحسب الأوقات والأعيان والسمر والزمان والمكان @@ " وقد قال صلى الله عليه وسلم لهند ، ما يكفيك وولدك " ، لكن لا بد من ذكر بعض الفروع ليرتاح إليها الطالب ، فاللزوجة السكن وجلباب وملحفة ومقنعة ووقاية وخف مما قدر له من مال ، وفى أثر ، على الغنى البساط والكساء والمنفعة والجلباب والكرزية فإن كان غنيا فليصبغ والكساء بالأرجوان والمقنع والجلباب باللك ، وإن كان أوسط صبغت القوة ، أو مفلساً فبالدباغ ، وهو تاكوت ، والأمر على ما يعتاد ، وقد لا يصبغ أهل بلد ، وقد يكفيها أكثر أو أقل ، وفى أثر ، لها قميص وملحفة ورداء وخمار ومربع ووقاية وخف وقرق وإن كان أوسط فقميص وحولية ومقنع ومربع ووقاية وقرق ، وإن كان فقيراً فعباءة ووقاية ولا تدرك ما تصلى به فوق ذلك ، وعليه غسل ما نجس من ثيابها أو اتسخ ، وعليه الماء لصلاتها ، والمشهور عند قومنا وعليه الأكثر ، أن نفقة الزوجة بحسب ما يصلح ، وقال الشافعى ، على المعنى مدان من بر فى اليوم ، وعلى الوسد مد ونصف ، وعلى الفقير مد ، وهو قول لأصحابنا ولمالك ، وفى إدراكها الحناء قولان : وعليه فراش صيفاً وغطاء وفرش شتاء ، ولباس الصيف غير لباس الشتاء ، وكذا المرقد والسكنى ، ولها بعد الطلاق ما لها قبله ما لم تتم العدة ، وفى أثر على الغنى أربع ويبات يومية أمسين فى الشهر ، وعلى الأوسط ثلاث وعلى المعسر ويبتان ، وهى ضعف وبية ابناين ، وويبة ونص يويبة يفرن وذلك بالويبة القديمة ، وهى تسع الويبة المستعملة ، وهى أربعة عشر مدا ، فعلى الغنى عشرة أمداد وثلثا مد ، هذا ما يقتضيه كلام بعض ، ونصف قرن من زيت مع كل ويبة إذا رخص ، وإذا غلا فنصفه مع كل ويبتين ، وذلك تضييق ، والأولى ما قبل إن على الوس ربع صاع من الحب لكل يوم ، ومَنَّا تمر ، وفى وقت البر بر ووقت الذرة ذرة ، وإن كانت ممن يأكل البر على الاستمرار فلها و درهمان أو ثلاثة لكل شهر إذا ما ورد على ما يرى الحاكم . وويبة أمسين اثنا عشر مدّاً بمعيار بلدنا ، وهو مد النبى صلى الله عليه وسلم ، فهى المكيال المسمى فى عرفنا حثية ، وأما ويبة ابناين فثمانية أمداد ، وأما ويبة يفرن فتسعة أمداد وثلاثة أخماس المد ، والفرن نحو الجوة الصغيرة ، وهو المكيال المسمى فى عرفنا وعرف نفوسة نقاصة ، وفى الجرة الكبيرة أربع فقاصات ، وهن أربعة قرون ، وأما ويبة العرب فاربعة وعشرون مدًّا ، وقيل اثنان وعشرون ، والقفيز ست عشرة حيتة ، وهو اثنان وثمانون ثمنة ، والثمنة ستة أمداد . قال أبو عبدالله محمد بن عمرو بن أبى ستة : ومما وجد يخط عمنا أحمد أبى ستة رحمه الله ، وأسنده إلى من قبله من المشايخ ، إن الفقير يفرض عليه فى النفقة الكاملة صاعان ، يعنى بكيل جربة ، بين الشعير والقمح الثمن قمح أو ذرة والباقى شعير فى كل شهر ، مع نصف صاع زيتا مع ثلث درهم لحما أو سمكا ، وفى الرضاع لكل شهر درهمان ، يعنى على الرضيع ، وإذا خرج من حد الرضاع فله ثلث النفقة ، وإذا تمت أربع سنين يفرض له تصف النفقة ، فإذا بلغ خمس أو ست سنين يفرض له النفقة الكاملة . قال البيسانى رحمه الله : ونفقة الصغير إذا طلقت أمه ، ولو تزوجت ثلث نفقة إذا فصل عن الرضاع حتى يبلغ خمسة أشبار ، ثم نصف النفقة حتى يصل ستة أشبار ، ثم ثلث النفقة حتى يبلغ ، وقيل فى ذلك بنظر العدول ، وفى أثر ، للأُم نفقة الرضيع حتى يفطم زيادة على نفقتها إذا طلقت ، ونفقته على الفقير بعد الفطام ثلث النفقة الكاملة ، وهى صاعان بكيل جربة ، الثمن قمح وذرة والباقى شعير فى كل شهر مع نصف صاع زيتا ، وثلثى درهم لحما أو سمكا إلى أن تتم أربع سنين ، أو حتى يبلغ خمسة أشباب ، وقيل : أربعة أشبار ونصفا ، فيكون له نصف هذه النفقة الكاملة ، واعترض التحديد بالأشبار ، لأن من الصبيان الطويل القليل الأكل وضده ، وإذا بلغ خمسا أو ستا كملت ، وقيل إن كان فى سبعة فنصف نفقة أمه ، أو فى خمسة فثلثها ، أو فى عشرة إلى اثنتى عشرة فثلثاها ، وللرضيع أوقية فى الشهر ، وللحاضنة ثمن الأوقيه فى الشهر . وذكر أبو عبدالله محمد بن عمرو بن أبى ستة فى حاشيته على تفسير الشيخ هود ، رحمهما الله ، أنه إذا بلغ ست سنين فثلثا النفقة حتى يبلغ ، كقول بعض المشارقة إذا بلغ ستة أشبار فثلثها إلى البلوغ ، وقيل : إذا بلغ خمسة أشبار ونصفا فثلثاها إلى البلوغ ، وقيل : إذا بلغ ستة أشبار ولم يبلغ نقص من التامة قليلا ، وفى أثر ، للرصيع على الغنى ثلاثة دراهم وعلى المتوسط درهمان ونصف وعلى الفقير درهمان { لاَ تُضَآرُّ وَٰلِدَةٌ } أى لا يضرها أبو الولد { بِوَلَدِهَا } إخبار عما فى الشرع ، أو نهى غائب بلا النافية أو الناهية ، أى لا ينزعه منها أبوه ، وقد أحبت إرضاعه ، وقيل : منها بلا النافية تلحقه منها ، ولا تكره على إرضاعه ، إذا أبت { وَلاَ مَوْلُودٌ لَّهُ } أى لا تضر أبا الولد { بِوَٰلَدِهِ } بأن تكلفه فوق طاقته فى الإنفاق ، أو بأن تلقيه إليه وقد ألفها ، والمفاعلة بمعنى الفعل أو على بابها ، بأن يكون فى كل منهما ضر للآخر ، يجازيه بشأن الولد ، أو الباء صلة على البناء للفاعل ، أى لا يضران ولدهما وإضافة الولد إليهما عطف لهما إليه ، ليتفقا على صلاحه { وَعَلَى الْوَارِثِ } وارث الولد ، لأن أل كالعوض عن الضمير ، الضمير لأقرب مذكور ، أى من يكون وارثاً لذلك الولد لو مات ، من سائر قرابة الولد الصابين له ، كما قال عمر بن الخطاب وأبو زيد ، فإنه يمون مرضعته من ماله ، وإن كان للولد مال فمن مال الولد ، هذا مذهبنا ومذهب ابن أبى ليلى ، وقيل : كل من يرثه من القرابة ، وقال أبو حنيفة : الوارث الذى لو كان ذكرا والولد أنثى ، أو بالعكس ، لم يتزوجا ، وبذلك قال حماد وابن مسعود إذ قرأ : وعلى الوارث ذى الرحم المحرم مثل ذلك ، وقيل : الوارث الولد ، إذ هو وارث الأب إن مات الأب ، وقيل : الأم إن مات الأب ، ومذهب الشافعى ، أنه لا نفقة على غير الفروع والأصول ، وعنه : الوارث وارث الأب ، وهو الصبى ، فإن مؤن الصبى من مال الصبى إن كان له مال ، وقد قيل : الوارث الباقى ، أى من بقى من أبويه ، وهو الأم بعد موت الأب ، روى الترمذى عنه صلى الله عليه وسلم : " اللهم متعنا بأسماعنا وأبصارنا وقوانا ما أحييتنا ، واجعلها الوارث منا ، واجعل ثأرنا على من ظلمنا " { مِثْلُ ذَٰلِكَ } مثل ما وجب على الأب من الرزق والكسوة { فَإِنْ أَرَادَا } الأب والأم { فِصَالاً } فطاماً قبل الحولين لولدهما { عَنْ تَرَاضٍ } اتفاق متعلق بصادراً محذوفاً أو ثابتاً ، أى صادراً عن تراض ، أو ثابتاً عن تراض ، أو بأرادا { مِّنْهُمَا } لا برضاء من أحدهما فقط ، لاحتمال أن تمل الأم من إرضاعه والقيام به ، أو يبخل الأب بالأجرة فيضر الولد ، واعتبرت الأم مع أن الولى الأب ، لأنها أشفق على الولد وأصبر له وأنظر لمصلحته { وَتَشَاوُرٍ } استخراج رأيهما ، من شار العسل بشوره ، أى استخرجه ، وذلك لحلاوة النصح ، كالعسل ، والمراد التشاور بينهما لولاية الأب بالنفقة والأم بالشفقة ، ولو اتفقنا على فصل قبل الحولين مع مضرة الولد بذلك لم يجز { فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا } فى ذلك الفصال قب الحولين ، وكما يجوز الفصال قبل الحولين باتفاقهما مع عدم مضرة الولد يجوز اتفاقهما على الزيادة على الحولين ، بل قدر يجوز دخول هذا فى الآية ، لأن التنكير فى فصالا للإيذان بأنه فصال غير متعارف ، وكما يحصل عدم التعارف بالنقص يحصل بالزيادة ، وقوله : { فإن أرادا فصالاً … } الخ مقابل لقوله : { يرضعن أولادهن حولين كاملين } ، وإن أرادت الزيادة بلا أجرة ، وكانت نفعاً للولد لم تمنع ، أو ضرّاً منعت { وَإِنْ أَرَدْتُّمْ أَن تَسْتَرْضِعُواْ أَوْلَٰدَكُمْ } غير أمهاتكم ، فحذف المفعول الثانى ، أى تجعلوا أولادكم راضعين غير أمهاتهمن أى ماضين لهن ، أو حذف الأول ، أى تصيرونهن مرضعات ، أى مصيرات الأولاد ماضين ، وإنما يراد غير الأمهات لمضرة فيهن ، كبرص أو جذام ، أو لإرادتهن التزوج ، أو لطلبهن ما فوق أجرة المثل ، قال بعض الشافعية : أو وجد الأب من يرضعهم بلا أجرة ، أو بأجرة أقل مما طلبت الأم ، وقد صلحت لهم غير أمهاتهم ، وقيل : إذا أرادتهم الأمهات بأجرة المثل فهن أولى ممن يرضعنهم بلا أجرة أو بأقل ، وحق الإرضاع للأب ، وواجب على إطلاقه عند الشافعى ، وأن له أن يمنع الأم من إرضاعه ، ومذهبنا ومذهب الحنفية ، أن الأم أحق بإرضاع ولدها ، وأنه ليس للأب منعها من الإرضاع إذا رضيت ، لقوله تعالى : { والوالدات يرضعن أولادهن } فحق الإرضاع للأم ، وإن كان مندوباً وليس بواجب عليها ، وإلا لم يكن للأمر كبير فائدة ، فإن الأب إن قدر أن يمنع الأم إذا رضيت بالإرضاع فكيف تمتثل الأمر ، فإطلاق ما هنا مقيد بما هنالك ، وكأنه قيل : وإن أردتم أن تسترضعوا أولادكم ورضيت الأم { فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ } فى استرضاع غير الأمهات { إِذَا سَلَّمْتُم } أعطيتم ، أى نويتم تسليما ، لا مكرا { مَّآ ءَاتَيْتُمْ } أثبتم بالعقد والوعد ، ولا يشترط النقد ، كأنه قيل : إذا أثبتم فى العقد للأجرة ما من شأنه أن يثبت ، سواء نقدا ، أو عاجلا أو آجلا ، وقيل : المراد فى الآية النقد ، إرشاداً للمصلحة ، وتطييباً لنفس المرضعة ، لا شرطاً ، لكن أخرج مخرج الشرط تأكيداً { بِالْمَعْرُوفِ } فى الإعطاء ، وفيما يعطى ، وفى القول والمعاملة الحسنة { وَاتَّقُواْ اللهَ } فى كل شئونكم من شأن الأزواج والمراضع والأولاد { وَاعْلَمُوآ أَنَّ اللهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ } لا تخفى عليه تقواكم أو معصيتكم .