Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 236-236)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ لاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ } لا تبعة عليكم من جهة الصداق ، لأنه لا يلزمكم لعدم المس وعدم عقد الصداق { إِن طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ } بالذكر مع غيوب الحشفة فى القبل ، وإذا كان ذلك لزم الصداق إن كان ، وإن لم يكن فصداق المثل ، أو العقد ، وكالمس الخلوة الممكنة إن ادعت مسا فيها ، وأما باليد فى الفرج ، أو بالذكر بلا غيوب الحشفة ، أو بالذكر فى الجسد ، أو فى الدبر ولو غابت ، أو بنظر ما بطن ففى لزوم الصداق خلاف ، ومشهور المذهب اللزوم { أَوْ } ما لم { تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً } أو للتنويع لا لمطلق أحد الشيئين ، لأنه يلزم عليه أن يكون المعنى لا تبعة عليكم ما لم تمسا ولو فرضتم ، أو ما لم تفرضوا ولو مسستم ، ولا يصح ذلك ، لأنه إذا فرض فلها النصف إن لم يمس ، وإذا مس فلها الصداق كله إن كان أو العقد أو صداق المثل إن لم يكن ، وأولى من ذلك أن يكون الفعل منصوبا بعد أو التى بمعنى إلا ، أى إلا أن تقرضوا ، أو حتى تفرضوا ، فيغير نفى الجناح بعدم الفرض ولو انتفى المس ، لأن فى ذلك تبعة نصف الصداق ، فإن فرضتم لهن فريضة فعليكم إعطاؤها بالمس على حد ما ذكر ، ونصفها إن طلقتم قبله ، وليس المعنى لا إثم عليكم فى الطلاق قبل المس . لأنه لا يلائمه ، أو تفرضوا ولا ما لم تمسوهن ، ولو كانوا يظنون تحريم الطلاق لكثرة نهيه صلى الله عليه وسلم عنه ، وقوله : هو أبغض الحلال عند الله ، فنزلت الآية لذلك فيما زعم بعض ، وفريضة بمعنى مفروضة ، والتاء للنقل إلى الاسمية ، ومعناه المهر ، وهو مفعول به وأجاز بعض أن يكون مفعولا مطلقا على المصدرية ، أو على الاسمية ، كما قيل فى خلق الله السموات ، أن السموات مفعول مطلق { وَمَتِّعُوهُنَّ } ، إن طلقتموهن قبل المس وقبل الفرض ، وهذا أولى من عطف متعوهن على جناح ، عطفا للأمر على الإخبار ، فإن التحقيق جوازه ولا سيما إذا اجتمع بينهما شىء كشرط أو إعراب فإن لا جناح بمنزلة جواب إن بعده ، أو يؤول متعوهن بالإخبار ، أى وتمتيعهن واجب جبرا ، لوحشة الطلاق لأنها الكثيرة ، وقلت من لا تستوحش له ، والتمتيع النفع التلذيذ { عَلَى الْمْوسِعِ } على موسعكم أو الموسع منكم . أى يا صاحب الوسع من المال { قَدَرُهُ } قدر إمكانه فى إعطاء المتعة { وَعَلَى الْمُقْتِرِ } الضيق المال { قَدَرُهُ } فليست المتعة بالنظر إلى قدر المرأة ، بل لحكم الحاكم بالنظر إلى مال الزوج ، ولا حد لها ، كما لا حد للصداق . وقد طلق أنصارى زوجه المفوضة قبل مسها ، وهى من بنى حنيفة فتخاصما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال صلى الله عليه وسلم : متعها ، فقال : لم يكن عندى شىء ، فقال : متعها بقلنسوتك ، ولكن فى هذا الحديث مقالا ، حتى قال بعض ، لم أقف عليهن والمفوضة هى التى فوضها وليها أو فوضت نفسها ، فتزوجت بلا ذكر صداق ، ولا شك أنه صلى الله عليه وسلم قال : متعها بقلنسوتك ، لأن الرجل قليل المال ، وذلك أنه يحكم بقوله تعالى ، عَلَى الموسع . … الخ ، وذلك هو المذهب ، وقال أبو حنيفة : درع وملحفة وخمار إلا إن كان مهر مثلها أقل من ذلك فنصف مهر المثل ، وعن ابن عباس ، أعلى متعة الطلاق الخادم ودون ذلك ورق ، ودون هذا كسوة ، وعن ابن عمر ، أدنى المتعة ثلاثون ديناراً ، ويقال : لا تنقص المتعة عن خمسة دراهم ، وقيل يعتبر حالها مع حال الرجل ، فيزاد على الفقير قليل لذات مرتبة وينقص عن الغنى قليل لذات دنو المرتبة ، وهكذا ، ونص القرآن اعتبار الرجل ، وعن الشافعى ، المتعة لكل مطلقة إلا التى سمى لها وطلقها قبل الدخول ، وإلا التى طلقت نفسها حيث يجوز لها الطلاق ، أو فتدت ، وذلك قياس لجبر الوحشة ، وعنده أن القياس مقدم على المفهوم ، والمفهوم من الآية أن لا متعة للممسوسة ، والقياس لجبر الوحشة يوجبها { مَتَٰعاً } تمتيعاً ثابتا { بِالْمَعْرُوفِ } شرعا ومروءة ، أو متعوهن بالمعروف كذلك { حَقّاً } حق ذلك التمتيع بالمعروف { عَلَى الْمُحْسِنِينَ } المطيعين فى الجملة ، المطلقين باعتبار وسعهم وإقتارهم ، حقا أو متاعا حقا أى واجبا ، أو على المحسنين بالمسارعة إلى امتثال الآية ، أو إلى المطلقات بالتمتيع ، وعلى الوجهين الأخيرين سماهم محسنين بتأويل الإرادة والمشارفة ، وخص المحسنين بالذكر لأنهم المنتفعون ، والحكم يعم غيرهم ، وقال مالك : المحسنين المتطوعين صارفا للأمر إلى الندب ، الصحيح أن المتعة واجبة .