Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 238-239)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ حَٰفِظُواْ عَلَى الصَّلَوَٰتِ } الخمس ، بتحسين الطهارة ، والأداء أول الوقت ، وإحضار القلب ، والخشوع ، والمداومة ، ولتأكيد ذلك قال حافظوا بصيغة المفاعلة التى أصلها أن تكون بين متغالبين ، كل يجهد نفسه ، وذكره بين ذكر الأزواج والأولاد ، وبين الأزواج أيضا لئلا يشغلهم ذلك عن الصلاة { وَالصَّلَٰوةِ الْوُسْطَى } صلاة العصر ، توسطت بين صلاتى النهار وصلاتى الليل ، أو الصبح توسطت بين صلاة الليل وصلاة النهار ولا تجمع مع غيرها ، أو الظهر فى وسط النهار ، أو المغرب توسطت فى القصر والطول ، أو العشاء توسطت بين صلاتين لا تقصران ، أو الوتر أو سنة الفجر ، أو سنة المغرب ، أو صلاة الجنازة ، أو واحدة من الخمس لا بعينها ، أو صلاة الجمعة ، أو صلاة الجماعة ، وخصت من عموم الصلوات لفضلها ، أو الوسطى صلاة الفرض كلها ، والصلوات الفرض والنفل ، وخصت لذلك ، أو صلاة الضحى أو صلاة الخوف ، أو صلاة الأضحى أو صلاة الفطر ، أو صلاة الليل الواجبة ، أو صلاة الليل النفل ، وما فيه توسط فى الزمان فظاهر ، وما لم يكن فيه فمعنى توسطه فضله ، والأكثر على أنها صلاة العصر ، قال صلى الله عليه وسلم يوم الأحزاب : " شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر ، ملأ الله بيوتهم ناراً " ، وعن عائشة أنها تقرأ والصلاة الوسطى صلاة العصر ، وعنه صلى الله عليه وسلم والصلاة الوسطى وصلاة العصر بعطف صلاة العصر على الصلاة الوسطى ، فهى إما غير العصر وإما هى ، والعطف تفسير بإعادة العاطف محاكاة له فى الصلاة الوسطى ، فضلت العصر لأن الناس يشتغلون عندها بالمكاسب ، كما أن لصلاة الفجر مزية القيام من لذة النوم ، وأما اجتماع الملائكة فقيل عند الفجر وعند العصر لأنها من المساء ، وأولى منه اجتماعهم عند المغرب والوسطى من معنى الفضل ، فقيل الزيادة ، وهو مؤنث اسم التفضيل ، لا من التوسط بين شيئين ، كالكون بين صلاة النهار والليل ، لأنه لا يقبل الزيادة ، إلا أن يقال بخروجه عن التفضيل ، والتوسط المذكور واقع فى الفجر أيضا . ووقع العشاء أيضا باعتبار كونها بين جهريتين ، واعترض حديث التفسير بصلاة العصر بأن فى إسناده مقالا ، وبأن ذكر صلاة العصر مدرج ، لقول على : حبسونا عن الصلاة الوسطى حتى غربت الشمس الجواب أنه لا يكون هذا ردّاً ، بل تقوية ، إذ لا صلاة تلى الغروب إلا صلاة العصر ، فهو بيان لما زعموا أنه مدرج ، وما رد به التفسير بصلاة العصر أنهم حبسوهم يوم الأحزاب عن صلاة الظهر والعصر معا ، كما فى رواية ويجاب أنه خص العصر بالذكر لمزيد فضلها ، وزعم بعض أن الأصل شغلونا عن الصلاة وصلاة العصر ، فحذف العاطف ، وهو تكلف بعيد ، وعورض ذلك أيضا بحديث أحمد وأبى داود أنه صلى الله عليه وسلم يصلى الظهر بالهاجرة . فهى أشد صلاة على أصحابه ، فنزل حافظوا … الخ ، وحديث أحمد ، كان صلى الله عليه وسلم " يصلى الظهر بالهجير فلا يكون وراءه إلا الصف والصفان والناس فى تجارتهم وقائلتهم فنزل ، حافظوا … " الخ ، وفى مصحف عائشة بإملائها على الكاتب مولاها أبى يونس ، ومصحف حفصة بإملائها على عمرو بن رافع ، ومصحف أم سلمة بإملائها على عبدالله بن رافع ، حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وصلاة العصر ، فقيل لذلك ، هى الظهر ، قال أبى بن كعب ، هى كذلك ، أو ليس أشغل ما نكون وقت الظهر فى عملنا ونواضحنا ، وقيل الصلاة الوسطى أخفاها الله ليحافظ على جميع الصلوات ، وليلة القدر ليجتهد فى جميع رمضان ، وساعة الإجابة فى يوم الجمعة ليجتهد فيه كله ، وبسطت الكلام على ذلك فى آخر وفاء الضمانة فى جزء التفسير { وَقُومُوا لِلَّهِ } فى الصلاة ، ويجوز تعليق لله بقوله { قَٰنِتِينَ } كقوله ، كل له قانتون ، فإن له متعلق بقانتون ، أى مطيعين ، لقوله صلى الله عليه وسلم : " كل قنوت فى القرآن طاعة " رواه أحمد ، أو قانتين ذاكرين ، أى قوموا لله ذاكرين له . أو قوموا ذاكرين لله ، أو خاشعين على الوجهين ، أو ساكتين ، ففى البخارى ومسلم عن زيد بن أرقم ، كنا نتكلم فى الصلاة حتى نزلت الآية ، قال البخارى أى ساكتين ، وعن عكرمة عن زيد بن أرقم ، كنا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يكلم أحدنا صاحبه فى جنبه فى الصلاة حتى نزل ، وقوقوا لله قانتين ، سلم ابن مسعود عليه صلى الله عليه وسلم فى الصلاة ، فلما سلم قال : لم أرد عليك لأنا أمرنا أن نقوم قانتين فى الصلاة ، والقيام فى الصلاة واجب فى صلاة الفرض لمن أطلق ، والآية لذلك ، ورتب على صلاة الأمن صلاة الخوف بقوله : { فَإِنْ خِفْتُمْ } من عدو ، أو سبع ، أو سيل حتى لا يمكنكم إتمام حدودها من ركوع وسجود تامين وخشوع { فِرَجَالاً } أى فصلوا رجالا ، جمع راجل أو رجل بفتح وضم ، أو بفتح وكسر بمعنى ماش { أَوْ رُكْبَاناً } على الإبل أو غيرها ، وأصل اللغة أن راكب الفرس فارس ، والحمار أو البغل حمار وبغال ، والأجود صاحب الحمار وصاحب البغال ، صلوا ماشين أو راكبين للقبلة وغيرها بالإشارة للركوع والسجود كيفما أمكن ، فرادى أو بجماعة ، وفى المسايفة والسفينة عندنا ، وعند الشافعى ، وعن أبى حنيفة لا يصلى حال المشى والمسابقة ، واحتج بأنه أخرها صلى الله عليه وسلم يوم الخندق وقضاهن كلهن فى الليل ، كل بأذانها ، الجواب ، أن صلاة الخوف هذه شرعت بنزول هذه الآية بعد الخندق ، وقيل فى ذات الرقاع قبل الخندق ، فيكون تأخيرهن يوم الخندق ناسخا لهذه الآية ، وهو ضعيف ، فإنها بعد الخندق ، وفيه كان الخوف الشديد فلا يضر التأخير ، فإذا لم يشتد صلى طائفة وقاتلت أخرى ، وإن لم يكن ذلك صلوا كما أمكن ولا يؤخروا { فَإِذَآ أَمِنْتُمْ } كنتم فى أمن بعد خوف ، أو بدون تقدم خوف ، والفاء تدل للأول { فَاذْكُرُواْ اللهَ } صلوا له صلاة الأمن ، والذكر الجزء الأعظم منها ، فسميت به { كَمَا عَلَّمَكُمْ مَّا لَمْ تَكُونُواْ تَعْلَمُونَ } من صلاة الخوف والأمن وسائر الدين ، هذا إشارة للشكر على الأمن ، كما تقول ، أكرم زيدا كما علمك العلم ، فإنه مفيد للشكر ولو لم تذكر الشكر ولم تقدره ، وذكر هنا إذا لتحقق الأمن غالبا ، وهناك إن لقلة الخوف وندوره ، حتى إنه كالمشكوك فيه ، هل يقع ، تعالى الله ، وذكر ما لم تكونوا تعلمون مع أن التعليم لا يتصور إلا لمن لا يعلم ، وإلا لزم تحصيل الحاصل ، تذكيراً بأنهم كانوا فى حال سوء ، وهو الجهل ، فنجاهم الله منه .