Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 27-27)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللهِ } يبطلون إبطالا شبها بفك طاقات الحبل ، العهد الشبيه بالحبل فى التوصل به إلى المراد ، من نجاة من مكروه ، وفوز بما يحب ، وهو ما أنزل الله عز وجل فى كتبه ، القرآن وما قبله ، من الإيمان به صلى الله عليه وسلم ، فإن ذلك كالمعلوم ولو لم يعلم لقوة حججه كأنه معلوم ، ولو لمن لم يعلمه ، وزاد أهل الكتاب بما فى كبتهم من أخذ الميثاق عليهم وعلى أنبيائهم ، أن يؤمنوا بمحمد صلى الله عليه وسلم وقد أخذ الله العهد بالإيمان على بنى آدم يوم قال : { ألست بربكم } ، وأخذ الله العهد على الأنبياء ، أن يقيموا الدين ويؤمنوا بمحمد صلى الله عليه وسلم ، وأخذ العهد على أنفسهم ، أن يؤمنوا به ، وأخذا العهد على العلماء ، وعلى من علم أن يبينوا الحق ، والآية فى الكفار عموماً ، شبه العهد ، وهو ما عهد الله عز وجل إلى الخلق من الدين بالحبل بجامع التوصل إلى المقصود والارتباط ، ولم يذكره ، ودلّ له بذكر مناسبه ، وهو النقض ، فالحبل استعارة بالكناية ، وقرينتها تصريحية تبعية ، وهى ينقض ، فهنا استعارة مكية ، قرينتها استعارة تحقيقية لا تخييلية ، شبه إبطال العهد بقطع الحبل أو فك طاقاته ، فسمى الإبطال نقضا ، واشتق منه ينقض { مِنْ بَعْدِ مِيثَٰقِهِ } تأكيد الله وإبراامه للعهد بالأدلة الفعلية والنقلية ، كالكتب من الله ، فالهاء للمضاف إليه ، وهو الله ، ولا إشكال فيه ، إذا كانت الإضافة لفظية ، كالإضافة إلى الفاعل كما رأيت ، أو المفعول كما ستراه ، إن شاء الله ، فإنها فى منزلة عدم الإضافة أو من بعد ميثاق العهد ، أى إبرامه كذلك أو تأكده وتقويه من الله ، أو منهم بالقبول والالتزام ، فالهاء للعهد ، والميثاق التوثق أو التوثيق ، أو آلة . أى ما وثق الله تعالى به عبده من الآيات { وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ } أى بأن يوصل ، وهو الإيمان بالنبي صلى الله عليه وسلم والأنبياء ، وعدم التفرقة بين رسول الله وآخر ، وكتاب آخر ، والرحم ، والمؤمنين ، والجهاد وسائر الدين ، وما ذكر من العموم أولى فى تفسير ما أمر الله به ، بمحمد صلى الله عليه وسلم ، وإطلاق ما عليه ، ومن تفسيره بالقرآن أو الرحم ، ومن تفسيره بوصل القول بالعمل ، ومن تفسيره بالأنبياء وأن يوصل بدل اشتمال من الهاء كما رأيت ، والأمر طلب الفعل جزما ولو ندبا ، أو بشرط العلو ولو ادعاء ، أو بشرط تحقق العلو { وَيُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ } بالمعاصى مطلقا ، أو بالمنع عن الإسلام ، وقطع الطريق عن من يهاجر ، وهو أولى { أُولَٰئِكَ } البعداء عن مقام الخير بصفاتهم الخبيثة { هُمُ الْخَٰسِرُونَ } المبطلون لمصالح أنفسهم ، إذا صاروا للنار ، إذ لم ينتفعوا للآخرة بعقولهم ، وأموالهم ، وأبدانهم ، وأولادهم ، جاههم ، وأبطلوا نساءهم فى الجنة ومنازلهم فيها ، فلا رأس مال ولا ربح .