Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 45-45)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَاسْتَعِينُوا } خطاب للمؤمنين لا لليهود ، لأنه يليق بمن أذعن فيستكمل به لا للشارد ، ولا ينتفع الباقى على كفره بالصبر والصلاة إلا أنه لا مانع من الخطاب لهم مراعاة لقوله أوفوا وآمنوا واتقون ، وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة ، واركعوا ولا سميا أن ما قبل وما بعد فيهم ، والمراد ، اطلبوا المعونة على عبادتكم ومباحكم { بِالصَّبْرِ } حبس النفس على الاجتهاد فى العبادة وعما نشتهي من توسيع اللذات وعن المعاصى والمكاره ، وعلى المصيبة ، ويقال من صبر على الطاعة فله ثلثمائة درجة ، أو عن المعاصى فستمائة درجة ، أو على المصيبة فتسعمائة ، بين الدرجتين ما بين الأرض والسماء ، ويقال الصبر على الطاعة أعظم ثواباً من الصبر على المصيبة ، وعن المعصية أعظم منها ، ولفظ ابن أبى الدنيا وأبى الشيخ ، عن على ، الصبر ثلاثة : فصبر على المصيبة ، وصبر على الطاعة ، وصبر عن المعصية ، فمن صبر على المصيبرة حتى يردها بحسن عزائها كتب الله له ثلثمائة درجة ، ما بين الدرجتين كما بين السماء والأرض ، ومن صبر على الطاعة كتب الله له ستمائة درجة ، ما بين الدرجتين كما بين تخوم الأرض العليا إلى منتهى الأرضين ، ومن صبر عن المعصية كتب الله له تسعمائة درجة ، ما بين الدرجتين كما بين تخوم الأرضين إلى منتهى العرش مرتين { وَالصَّلَٰوةِ } قدم الصبر عليها لأنها لا تكون إلا بالصبر عن الكسل والملاذ الصارفة عنها ، وعلى وظائفها من الطهارة من الأنجاس ، ورفع الأحداث ، والخشوع وإحضار القلب ، وسائر شروطها ، وشطورها ، وأفردها بالذكر لأنها تنهى عن الفحشاء والمنكر ، إذا أتى بها كما أمر به ، وكان صلى الله عليه وسلم إذا اشتد عليه أمر بادر إليها ، والآية أنسب باليهود ، فهم داخلون بالمعنى ، ولو عل القول بأن الخطاب لغيرهم ، لأنهم منعهم عن الإيمان حب الرياسة والشهوات ، فأمروا بالصبر ، ومنه الصوم ، أو المراد به الصوم ، وهو ضعيف ، وبالصلاة لأنها تنهى عن الفحشاء والمنكر وتورث الخشوع { وَإِنَّهَا } أى الصلاة لأنها أقرب مذكور ، والاستعانة بالصبر والصلاة ، كقوله { اعدلوا هو أقرب للتقوى } [ المائدة : 8 ] وقوله تعالى { وإِن تشكروا يرضه لكم } [ الزمر : 7 ] أى يرضى الشكر ، أو أن الأمور من قوله اذكروا إلى قوله واستعينوا . والراجح الأول { لَكَبِيرَةٌ } شاقة ، كقوله تعالى : { كبر على المشركين ما تدعوهم إليه } [ الشورى : 13 ] أى شق عليهم { إِلاَّ عَلَى الْخَٰشِعِينَ } الساكنى الجوارح الحاضرى القلوب ، سبيلا إلى الطاعة ، فلا تثقل فيهم ، وإن ثقلت فأقل من ثقلها على غيرهم لا عتيادهم أمثال ذلك ، ورجائهم من الثواب ما يستحقر له مشاقهم حتى إنه صلى الله عليه وسلم قال : " جعلت قرة عيني في الصلاة ، ويقول : أرحنا يا بلال بالصلاة " ، وصح التفريغ لأن كبيرة بمعنى لا تسهل ، كما جاء بعد أبى لأنه بمعنى لم يرد ، أو هو منقطع ، أى لكن الخاشعون لاتكبر عليهم .