Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 60-60)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَإِذِ اسْتَسْقَى مُوسَى لِقَوْمِهِ } طلب لهم موسى من الله السقيا حين عطشوا فى التيه ، طلبوا الطعام فأعطوا المن والسلوى ، والماء فاستسقى لهم موسى ، فأعطوه ، واشتكوا الحر فأظلهم الله بالغمام ، ذكر الله عز وجل كل واحد على حدة فى معرض أمر مستقل موجب للتذكر ، استأنف لذلك ذكر أبعد فضل عن قصة التيه مبالغة في بيان أن السقي نعمة عظيمة ، ولو ذكر عقب قصة التيه ، ولو مع إذ هذه لكان ربما يتوهم أن الكل نعمة واحدة ، وقال أبو مسلم : ليس هذا فى التيه . { فَقُلْنَا اضْرِب بِّعَصَاكَ الْحَجَرَ } الذى فر بثوبك لتتبعه من مغسلك عاريا ليرى بنو إسرائيل أنه ما بك أدرة ، كانوا يغتسلون عراة ، وموسى فى خلوة ، فاتهموه بانتفاخ بيضته ، وهو ذراع فى ذراع ، له أربعة أوجه ، وقيل كرأس الرجل من رخام ، وقيل خفيف ، ومن قال سدس اعتبر ما يلى الأرض وما يلى السماء ، لأنه لا انفجار منهما أوحى الله إليه مع جبريل أن يجعله إذ احتاجوا ماء ضربه ، فسال ، وإذا اكتفوا ضربه فأمسك وهذا معجزة أخرى إذ كان فعل واحد ، وهو الضرب ، سبباً للماء وكفه ، وكلما ضرب خلق الله الماء وكل ما ضرب آل أو جمع الله المياه الكثيرة فى الحجر الصغير وخلق فيها خفة { فَانْفَجَرَتْ } فضربه بعصاه فانفجرت ، وقال وهب ما هو حَجر بل يَضرب بها أى حجر أراد فيسيل ماء ، فيضرب أقرب حجر إليه ولو صغيراً ، وقيل حجر كان عند وصل مع العصا إلى شعيب ، فأعطاهما موسى ، وقيل حجر خفيف من قعر البحر يشبه رأسى الآدمى يجعله فى مخلابه ، ويقال حجر مربع يخرج من كل وجه ثلاثة أعين ، لكل سبط عين ، وكان من رأس الجنة ، طولها عشرة أذرع على طول موسى لها شعبتان تتقدان فى الظلمة نوراً حيثما كان ، وأمامهم فى التيه فلهم عمود من نور ليلا ، حملها معه آدم من الجنة وتوارثها الأنبياء إلى شعيب ، فأعطاها موسى ، والانفجار السيلان بوسع بعد انشقاق ، وهو الانبجاس فى السورة الأخرى أو هو الرشخ بقليل ، والانفجار بعده بوسع . { مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْناً } ، وقيل خرج آدم بها ، وبالحجر من الجنة فتوراثهما الأنبياء كذلك إلى موسى ، لكل سبط عين ، وهم اثنا عشر سِبطا ، وكان ليعقوب اثنا عشر ولداً لكل ولد ذرية هى سبط { قَدْ عَلِمَ } عرف { كُلُّ أُنَاسِ } أى قوم هم سبط { مَّشْرَبَهُمْ } موضع شربهم من الاثنتى عشرة ، لا يشاركون غيرهم ، ولا يشاركهم غيرهم من كل وجه من وجوه الحجر الأربعة ، ثلاثة أعين كل واحدة تسيل فى جدول ، وسعتهم اثنا عشر فرسخا أو ميلا ، وهو أولى ، وعددهم كما مر ستمائة ألف ، والجملة نعت اثنتا عشرة والرابط محذوف أى مشربهم منها ، أو مستأنفة ، أو حال بتقدير الرابط العائد إلى صاحب الحال ، أى منها ، كما فى النعت والمسوغ لمجىء الحال من النكرة تخصيصها بالتمييز قلنا لهم { كُلُوا وَاشْرَبُوا مِنْ رِّزْقِ اللهِ } المن والسلوى ، وماء العيون أضيف لله لأنه بلا عمل منهم ، وقدم الأكل لأنه العمدة ، وبه قوام الجسد ، والاحتياج إلى الماء حاصل عنه ، ولأنه مركب للطعام ، والرزق بمعنى المرزوق ، وهو الطعام يحمله الماء إلى العروق ، ولا دليل للمعتزلة فى الآية على أن الحرام غير رزق ، فإنه يؤاخذ عليه متعمده ، وكذا جاهله إذا كان مما يدرك بالعلم ، وليس فى الآية سوى أنه أمرهم بالأكل والشرب من ذلك ، واتفق أنه حلال والله عالم بأنه حلال ، وإن أريد بالرزق العموم فالحلال قيد من خارج ، لا من لفظ الرزق { وَلاَ تَعْثَوْا } تفسدوا { فِي الأَرْضِ } أرض التيه وغيرها مما قدروا أن يصلوا إليه ، وما يخرجون إليه إذا أخرجهم الله منه { مُفْسِدِينَ } تأكيد فى المعنى لتعثوا ، باعتبار النهى أى نهيتهم نهياً شديداً عن الإفساد ، وإن جعلنا للعثى بمعنى الاعتداء المطلق أو بالشرك والإفساد بالمعاصى فلا تأكيد .