Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 96-97)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَلَتَجِدَنَّهُمْ } الخطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، أو لمن يصلح ، وكذا فى جميع القرآن بحسب الإمكان ، والأول أولى ، والهاء لليهود المخاطبين ، ويلتحق بهم اليهود الباقون وقيل للجنس { أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَٰوةٍ } نوع من الحياة ، وهو المتطاولة لقوله تعالى : { يود أحدهم لو يعمر ألف سنة } والآية تدل أن لغيرهم أيضاً حرصاً على الحياة الطويلة إلا أنهم أحرص ، لأن أحرص اسم تفضيل ، فإن الحرص على الحياة فى طباع المؤمن وغيره ، وفى الحديث القدسى : " إن المؤمن يكره الموت وأنا أكره مساءته " وأيضاً ، قد يحرص المؤمن على الحياة ليكثر العبادة ، إلا أنه ليس ذلك منه مذموما ، وقد يحمل الحديث عليه { وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا } المجوس وعبدة الأصنام من العرب وكانت المجوس يقولون للعاطس ، أحرص الناس من الناس ، أى من سائرهم ، أو يقدر أحرص من الذين اشركوا ، أو يقدر ، ومن الذين أشركوا أناس يود أحدهم ، وعلى الوجهين الأولين يكون يود … إلخ مستأنفا ، أو حالا من الذين ، أو واو أشركوا ، أو من الهاء ، وذكرهم مع دخولهم فى الناس زيادة فى التوبيخ لهم ، بأنهم مع إقرارهم بالبعث والحساب أشد حرصاً ممن يعبد الصنم وينكر البعث ، وبين حرص اليهود بقوله { يَوَدُّ أَحَدُهُمْ } أى أحد اليهود ، ليس واحدا خاصا ، ولكن تمثيل بالواحد ، كأنه معين مخصوص مشاهد { لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ } أى يود تعميره ألف سنة ، والنصب على الظرفية ، أو لو حرف تمنّ ، محكياً مع ما بعده بيود ، لتضمين معنى القول ، أو لو شرطية ، جوابها لسرَّه ذلك ، والألف هى تمثيل للكثرة ، لا خصوص هذا العدد ، أو بيّن حرصهم بقوله : { ومن الذين أشركوا } إلخ ، على أن يراد بالذين أشركوا اليهود تصريحاً بشركهم ، وجاء الظاره فى موضع الضمير لذلك على معنى ، ومن المشركين ناس يود … إلخ ، فيود … إلخ نعت لمبتدأ محذوف على هذا { وَمَا هُوَ } أى أحدهم { بِمُزَحْزِحِهِ } مبعده ، خبر ما والياء صلة أصله زحح ، أبدلت الحاء المدغم فيها من جنس الفاء بوزن فعل بشد العين ، وقيل : كررت الفاء ، فوزنه فعقل { مِنَ } أى من { الْعَذَابِ } بالنار وغيرها من حين يموت إلى ما ينتهى { أَنْ يُعَمَّرَ } تعميره ألف سنة ، فاعل مزحزح ، كقولك ما زيد قائماً أبوه { وَاللهُ بَصِيرٌ } عليم { بِمَا يَعْمَلُونَ } كله ، يعذبهم على كل صغير وكبير . قال عبدالله بن صوريا ، حبر من اليهود ، للنبى صلى الله عليه وسلم : أىّ ملك يأتيك من السماء ؟ قال : جبريل ، قال : هو عدونا ، ينزل بالعذاب ، والشدة والخسف ، عادانا مراراً ، لو كان ميكائيل لآمنا بك . وقيل : سأل عبدالله بن صوريا عمر : من يأتى محمداً من السماء ؟ فقال : جبريل ، فقال : هو عدونا … إلخ ، وقيل : كان لعمر أرض بأَعلى المدينة ، ويمر على اليهود فى مدارسهم ، ويجلس إليهم ويسأَلهم ويسمع كلامهم ، فقالوا : ما فى أصحاب محمد أحب إلينا منك ، وإنا نطمع فيك ، فقال : والله ما آتيكم لحبى لكم ، ولا لأنى شاك فى دينى ، بل لأزداد بصيرة فى أمر محمد صلى الله عليه وسلم ، وأرى أثره فى كتابكم ، فقالوا : من يأتيه من السماء ؟ قال : جبريل ، قالوا : هو عدونا ، يطلع محمداً على سرنا ، وهو صاحب عذاب وخسف وشدة ، وأن ميكائيل يأتى بالخصب والسلامة ، ولو كان يأتيه هو لآمنا ، وأن محمداً رسول الله ، وأن بين جبريل وميكائيل عداوة . وقال عمر : أشهد أنهم سلم ، ومع الله سلم ، ومن عادى جبريل فهو حرب لله ولميكائيل ، ولأنتم أكفر من الحمير ، أى أجهل . وقيل : سأَلهم عمر عن جبريل ، فقالوا : يأتى بالشر ، ولو كان يأتى محمداً ميكائيل لآمنا به ، وعن عبدالله بن صوريا عادانا مراراً ، أشدها أن نبينا بعث من يقتل بخثت نصر ، وهو طفل ، لأنه يخرب من بيت المقدس ، فرده ، فقال : إن قضى الله خرابه لم تقتلوه ، وإلا فلم تقتلونه ، فرجع ، فكبر بخت نصر ، فخربه وعلى كل حال نزل فى ذلك قوله تعالى : { قُلْ } لهم { مَنْ كَانَ عَدُوّاً لِّجِبْرِيلَ } الخ ، وجبريل علم عجمى ، وزعم بعضهم أنه علم عربى مركب من جبروت الله ، وفيه : أنه لو كان كذلك لورد فيه وجهان آخران : البناء وإضافة الجزء الأول للثانى ، كنظائره ، قال صلى الله عليه وسلم لعمر رضى الله عنه ، وقد سبقه الوحى : لقد وافقتك ربك يا عمر ، قال عمر : لقد كنت بعد ذلك أصلب من الحديد ، والمعنى : مَن كان عدوّاً لجبريل لمجيئه بالعذاب والقرآن الفاضح لهم فهو عدو لله ، لأنه هو الذى أرسله ، أو فليمت غيظاً ، أو فلا وجه لعداوته وجه ، أنه نزله على قلبك ، كقولك : إن عاداك فقد آذيته أمس ، وناب عن الجواب علته ، وهو قوله { فَإِنَّهُ } أى ، لأن جبريل أو الشأن أو الله ، لأنه { نَزَّلَهُ } أى القرآن المستتر فى نزل لجبريل ، أو الله عز وجل { عَلَى قَلْبِكَ } مقتضى الظاهر على قلبى ، لقوله قل ، لكن قال : على قلبك ، لأن المعنى قل ذلك ، لأنه نزل على قلبك ، وقيل : التقدير ، قال الله : من كان … إلخ ، ولم يقل علىَّ أو عليك ، تصريحاً بالقلب الذى هو محل النزول ، وبيت لوحى الله ، والفهم والحفظ ، ولا يجوز أن يكون فإنه … إلخ تعليل لما قبله ، ويقدر الجوبا ، فليمت غيظاً ، أو فالله عدوه ، لأن فاء التعليل عاطفة على جملة ، ولا يصح العطف على كان عدوّاً لجبريل ، ولو صح معنى قولك لأنه نزله … إلخ { بِإِذْنِ اللهِ } بأمره ، فى صورة القول وتيسيره فى صورة الفعل ، وأصل الإذن الإباحة والعلاقة اللزوم { مُصَدِّقاً } حال من هاء نزله العائدة إلى جبريل أو إلى القرآن ، أو من ضمير نزل { لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ } من كتب الله ، والتوراة وغيرها ، والموجود هو ما بين اليدين ، وأما ما سيوجد فهو مفقود ، لا يصح أنه موجود بين اليدين ، ويصح بمعنى أنه مستقبل { وَهُدًى } من الوقوف لعدم العلم ، ومن العمل بغير علم ، وكذا فى غير هذا المحل { وَبُشْرَى } بالجنة ، ذا هدى وتبشير ، أو هادياً ومبشراً ، أو مبالغة { لِلْمُؤمِنِينَ } .