Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 20, Ayat: 117-119)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ فَقُلنا } نصحاء لآدم { يا آدمُ إنَّ هذا } أى الذى لم يسجد لك { عدوٌّ لك ولزّوجك } أعاد اللام للدلالة على ان عدواته لحواء بالأصالة ، لا بالتبع له ، ولولا ذلك لقيل لك وزوجك ، بالنصب على المعية ، أو بالجر عطفاً بلا إعادة للجار ، كقوله تعالى : { تَساءلُونَ به والأرْحَام } [ النساء : 1 ] بجر الأرحام ، وعلى أنه لا بد من إعادة الجار فعلة إعادته أيضاً ما ذكر من الدلالة على الأصالة المذكورة ، لأنه يمكن أن يقال احذره أنت وزوجتك ، فإنه عدو لكما ، أو عدو لك وزوجك بالنصب ، ونحو ذلك مما لا يحتاج إلى إعادة اللام ، كما نقول : التنكير للمبالغة فى : { واشتعل الرأسُ شيباً } [ مريم : 4 ] مع أن التمييز أبداً نكرة ، لأنه يمكن أن يقال اشتعل شيب الرأس ، أو شيب الرأس اشتعل ، واشتعل الرأس شيبة أو بشيب ونحو ذلك ، مما لا تمييز فيه . وتلك العداوة حسد ، وهو أول من حسد ، وقيل عاداه ، لأنه شيخ جاهل ، وآدم شاب عالم ، والجاهلون لأهل العلم أعداء ، أو لتنافى النار للطين ، ولا يقال إبليس أعلم لقدمه ، وكثرة جاربه ، لأن ذلك ليس على رسوخ منه ، وآدم راسخ ولو قل علمه لأشياء ألا ترى ستغفارة عقب الذنب ، وما ذلك إلا لرسوخ معرفته بالله ، ولو قيل له يكون إبليس مكانك فى الجنة لم يمتنع ، ولو ينقص استغفاره ، ورمى أبو أمامة الباهلى ، والحسن أن عقل آدم كعقل جميع أولاده . { فلا يُخرجنَّكُما مِنَ الجنَّة } لا يؤثر فيكما كيده ، أو لا تأثراً بكيده { فتَشْقى } تلحقك متاعب الدنيا ، من مرض وحزن ، وحرارة وبرد ، وجوع وعراء وظمأ ونحوا ذلك ، ومشاق تحصيل المعاش ، وأفرده بالذكر لأنه الأصل ، ولاستلزام شقائه شقاءها لا للفاصلة ، إذ لو قال فتشقيا لتمت ، إلا أن يقال إتمام الفاصلة آخر الفعل أولى وأنسب من إتمامها بضمير كما تمت فى أبى وتضحى ويبلى وغوى ، ومراعاة هذا وجه حسن ، وكذا فى قوله : { إنَّ لكَ ألاَّ تجُوعَ فيها ولا تَعْرى * وأنَّك لا تَظمْأ فيها ولا تَضْحى } لا تكون منكشفاً للشمس ، إذ لا يصل من فى الجنة الى جوع أو عطش أو عراء أو بروز للشمس ، ولا شمس فيها ، بل يتنعمون بتلك النعم على حسب خطور ذلك ببالهم ، بدون حضور أضداده ، وجمع الجوع مع العراء لا مع الظمأ ، والظمأ مع الضحو ، لأن الجوع خلو الباطن ، والعرى خلو الظاهر ، والظمأ حرارة الباطن ، والضحو حرارة الظاهر ، والحاصل أنه لا يصيبك ضرر باطن ولا ظاهر ، ولو جمع انتفاء الجوع ، وانتفاء الظمأ لتوهم أنهما نعمة واحدة ، أو قرب التوهم ، وكذا انتفاء الضحو والعرى ، كما قطع امرؤ القيس كوب الجواد عن قوله لخيله كرى كرة ، وقطع تبطن الكاعب عن ترشيف الكاسب فى قوله : @ كأنى لم أركب جواداً للذة ولم أتبطن كاعباً ذات خلخال ولم أسبا الزق الروى ولم أقل لخيلى كرى كرة بعد إجفال @@ وقد يقال جمع الأولين للذة ، والأخيرين للشجاعة ، والآية تفصيل لمضمون بعض قوله تعالى : { فلا يخرجنَّكما } الخ ، وبقى كثير لكفاية التمثيل بقليل ، فإن فى الجنة أيضاً نكاحاً وغيره ، مما يلذ ، ولا يصح أنه قال الى فى الجنة ما آكل وأشرب وألبس وأستظل ، فذكر له ما طلب .