Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 20, Ayat: 12-12)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ إِنَّى أنا ربك } مستأنف أو مجموع الى قوله : { يا موسى } أى قيل له ذلك ، ويقال : لما نودى قال : من المتكلم ؟ فإنى أسمع صوتك ولا أدرى أين أنت ؟ قال : أنا فوقك وأمامك ، وخلفك ، وأقرب إليك منك ، فعلم أن الكلام من الله تعالى ، وكان يسمعه بأذنيه وبطنه ، ويديه ولسانه ، وعينيه وبدنه ، وداخله والمتكلم بذلك ملك يقول عن الله بأمره تعالى كما ينزل جبريل بألفاظ التوحيد وغيرها عَنِ الله عز وجل ، أو خلق الله الكلام فى الشجرة أو فى الهواء أو فى بدن موسى ، كما روى أنه سمعه بجميع جسده ، ومن جميع الجهات ، أخطأ من قال : إنه سمع ألفاظاً تلفظها الله ، لأن ذلك من صفات المخلوق والمحدود الحال . ومن قال : إنه أسمعه الكلام النفسى الذى ليس بحروف ولا أصوات ، لأن الحق أن الكلام النفسى غير ثابت ، نؤمن بالله وبما أنزل وننكر التشبيه ، ولو ثبت الكلام النفسى فكيف يسمع ما ليس بصوت ، ولو قالوا : إن الله عز وجل ألقى فى موسى معانى تلك الألفاظ بلا تلفظ من لافظ كسائر الإلهام ، لكفى خروجاً عن وصف الله بما ليس له ، ويكفى ما ذكرت من الأوجه ، فى أنه سمى كليماً ، إذ تلك الكيفية لم تقع لغيره . { فاخْلَع نعْلَيك } لأنهما من جلد حمار ميت غير مدبوغ ، وهما طاهرتان بإزالة الودك ، قال الترمذى ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : " كان على موسى عليه السلام يوم كلمه ربه كساء وجبة وقلنسوة وسراويل من صوف ونعلاه من جلد حمار " وعن الحسن وغيره : " من جلد بقرة ذكيت " وللتواضع والأدب كما كان السلف يطوفون بلا خف ، وأمره صلى الله عليه وسلم بالصلاة فى النعل لمخالفة اليهود ، فإذا علموا بالمخالفة وشهرت ، فالصلاة بدونها أفضل ، ولتنال قدما موسى بركة تلك الأرض . ويبعد أن المراد بنعليه المال والولد ، وكل ما سوى الله تعالى كناية عن إفراغ القلب ، والفاء سببية ، فالأنسب الخلع للإعظام ، والأدب تفريعاً على قوله : { إنى أنا ربك } كما أن قوله عز وجل . { إنَّك بالواد المقدَّس } تعليل للخلع ، أى لأنك بالوادى المقدس وهذا تعليل بشرف الوادى ، وهذا كما تقول إنِّى أبوك فلا ترفع صوتك على أنى ربيتك ، ولما أمر بخلعهما ألقاهما وراء الوادى { طُوًى } علم للوادى ممنوع الصرف للعلمية والعدل كعمره ، كما قيل : إنه واد عميق مستدير ، كأنه شىء طوى ، فهو من الطى ، فهو عربى كأنه اطوى نفسه لالتوائه ، وقيل : للعليمة والعجمة بدل من الوادى ، أو بيان ، وقيل : رجل بالعبرانية منادى أى يا طوى أى يا رجل ، وليس ألفه للتأنيث ، لأن ألف التأنيث زائدة رابعة فصاعداً ، أو هذه لام الكلمة .