Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 20, Ayat: 18-18)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ قال هى عصاى } مقتضى الظاهر هى عصا ، ولكن أضافها لنفسه ليعقبها بالأفاعيل ، كأنه قال : هى عصاى المعهودة فى أفاعيل واسمها نبعة ، أخذها من عصى الأنبياء التى عند شعيب حين استأجره للرعى من آس الجنة ، هبط بها آدم ، أو من العوسج طولها عشرة أذرع على قدر قامة موسى ، أو اثنتا عشرة بذراعه ، وهذا عجيب كيف يصح أن تكون بذلك العدد مع مساواتها لقامته خلقت فى الجنة ، من جنس شجر الدنيا حطباً كالشجرة التى أكل منها آدم ، وذكر هى على الأصل لرغبته فى المناجاة والعصا مؤنث بلا علامة ، وأول تحريف سمع بالعراق كما قال الفراء هذه عصاتى بالتاء . { أتوكأ عَليها } فى الوقوف على الغنم ، وفى المشى ، والجملة خبر ثان أو مستأنفة { وأهشُّ بها على غنمى } أضرب بها الورق ليسقط فتأكله أو أميل بها على غنمى فى صلاحها من السوق وإسقاط الورق ، يقال هش اليه أى مال ذكر مصلحته أولا ، وهو التوكؤ عليها ، ومصلحة غنمه ثانياً على الأصل فى بدء الخير لنفس الإنسان ، ولأن توكؤه ترجع مصلحته عليها أيضاً ، أو لأنه كان قريب العهد بالتوكؤ . { ولى فيها مآربُ أخْرى } حاجات ، والمفرد مأربة مثلث الراء ، ولم يقل أخر بضم الهمزة وفتح الخاء وإسقاط الألف بعد الراء للفاصلة ، فإن الجمع يجوز نعته ومجىء الحال منه ، والإخبار عنه بمفرد مؤنث بتأويل الجماعة غير جمع المذكر السالم ، ومن المآرب الأخرى أن لها شعبتين ومحجناً تحتهما ، يجنى به الغصن إن طال ، ويكسره بالشعبتين ، وإنه يضعها على عاتقه ، ويعلق بها قوسه وكنانته ومخلاته وثوبه وزاده ، يستظل بثوب يلقيه على شعبتها تتسعان كما شاء ، يصل بها الماء فى البئر الطويلة ، وتصير شعبتاها دلواً ، وتقاتل السباع والهوام والعدوّ وتماشيه وتحدثه ، وتكونان شمعتين فى الليل ، ويركزها وينبع الماء ، وإذا قلعها نضب ، وإذا اشتهى ثمرة ركزها فتورق فتثمرها وتحدثه وتؤنسه ، وزاد موسى فى الجواب على السؤال استطابة للكلام مع الله عز وجل كما قيل : @ وأملى حديثاً يستطاب فليتنى أطلت ذنوباً كى يطول عتاب @@ ولذلك ذكر لفظ هى والآية دليل على جواز الزيادة على ما بوّب له يحسب ظاهر اللفظ من السؤال عن نفس العصا ، فقط تقريراً إذ زاد ياء المتكلم ، وما بعدها ، وأما على أن المراد حال العصا فالجواب طبق السؤال بلا زيادة ، وقيل : لا زيادة بل أتوكأ عليها جواب سؤال الله عز وجل ما تصنع بها ، وقيل سأله عن العصا بقوله : { وما تلك } فأجاب بـ { هى عصاى } وعما يملك منها بقوله : { بيمينك } فأجاب بـ { أتوكأ عليها } وهذان القولان ولا سيما الثانى ليسا مما يتوكأ عليه ، إذ لا سؤال فى يمينك ، ويستحب لهذه الآية المشى بالعكاز . وعن ميمون ابن مهران ، عن ابن عباس : امساك العصا سنة الأنبياء ، وعلامة المؤمن ، وعن الحسن البصرى : للعكاز ست خصال : سنة الأنبياء ، وعلامة المؤمن ، وزينة الصلحاء ، وسلاح على الأعْداء يعنى ما يضره من كلب وحية وغيرهما ، وعون الضعفاء ، ورغم المنافقين ، وزيادة فى الطاعات ، ويقال : إذا كان مع المؤمن العصا يهرب منه الشيطان ، ويخضع له المنافق والفاجر ، وتكون قبلته إذا صلى ، وقوته إذا عيى ، وفيها منافع كثيرة كما قال : { ولى فيها مآرب أخرى } قيل فيها ألف من المنافع ، وخبط الورق دون قطع الغصن للرعى استبقاء لمنافع الشجر ، وكأنه قيل : فما قال الله تعالى فقال .