Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 20, Ayat: 21-21)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ قال } الله { خُذْها } أى خذ الحية أو العصا التى انقلبت حية بيمينك كما كانت فى يمينك { ولا تَخَف } منها ذلك الخوف الطبعى البشرى ، ولا مؤاخذة على الطبعى الضرورى ، ولا ينقص قدره ، وزعم بعض أنه خاف أن تكون مكراً له كما خرج أبوه آدم من الجنة بالحية ، إذ وسوس إبليس من فمها لآدم ، وقيل خاف الابتلاء من الله إذ لم يجز ذلك على يد مخلوق كما لم يخف إبراهيم من النار ، إذ كانت من عمل مخلوق ، والحق ما ذكرت أولا { سنَعيدها } بعد أخذها . { سِيرتَها الأُولى } فأخذها بيمينه على هولها ، فرجعت بإذن الله عصا كحالها قبل الانقلاب حية ، أدخل يده فى شدقها ، وأخذها ولأنيابها وضروسها صريف ، وذلك من شدة ثقته بقوله تعالى : " ولا تخف " ويروى أنه لف يده بكمه من قميصه ليأخذها ، فقال له ملك : أيغنى عنك هذا فيما تحاذر ؟ قال : لا ، ولكنى ضعيف خلقت من ضعيف فأخرجها عن الكم ، وأدخلها بين لحييها ، فإذا يده على الموضع الذى يمسكها به قبل الانقلاب ، وهو ما بين شعبتيها . وروى أنه لف يده فأوحى الله تعالى إليه اكشفها فكشفها ، فأخذ العصا بها ، ولا صح ما روى أنه نودى خذها فلم يأخذها ، ثم نودى خذها ولا تخف فلم يأخذها حتى نودى إنك من الآمنين ، وقيل حتى قيل سنعيدها سيرتها ، فإن صح فقد بلغ من ذهاب العقل لهولها ، بحيث رفع عنه التكليف والسيرة نوع من السير ، كضربة بكسر الضاد لنوع من الضرب ، ثم استعمل فى مطلق الحال الذى عليه الشىء ، ويبعد أن تفسر برجوعها حية يهزم بها فرعون ، وتبلع ما سحر به بعد أن ترجع فى يده عصا بشارة من الله تعالى له ، وهو مفعول ثان لنعيد ، مضمنا معنى نعطى ، أو بدل اشتمال أو يقدر الجار ، أى سنعيد إليها لها ، أو سنعيدها إلى سيرتها الأولى . وفى الآية قلب الأعيان ، والصيح عندى جوازه فى قدرة الله سبحانه ، كمسخ الإنسان حيواناً آخر ، أو جماداً ، وفى السؤالات حكاية المنع ، قلت : إنما تمنع قلب الحسنات والسيئات أجسادا ، لأنها أعراض ، وكم من ثقل أو خفة للعرض حتى يكون جسد على قدره ، وليس ذلك لعجز الله عنه ، بل لاستحالته ، وعبارة بعض قومنا فى الآية انقلاب الشىء عن حقيقته ، كانقلاب النحاس ذهباً ، وبه قال جمع ، ولا مانع فى العقدة من توجه الأمر التكوينى الى ذلك ، وتخصيص الإرادة له ، وقيل لا يجوز لأن قلب الحقائق محال والقدرة لا تتعلق به ، والحق الأول بمعنى أنه تعالى يخلق بدل النحاس مثلا ذهباً على ما هو رأى المحققين ، أو بأن يسلب عن أجزاء النحاس الوصف الذى صار به نحاساً ، ويغلق فيه الوصف الذى يصير به ذهباً على ما هو رأى بعض المتكلمين من تجانس الجواهر ، واستوائها فى قبول الصفات . والمحال إنما هو انقلابه ذهباً مع كونه نحاساً لامتناع كون الشىء فى الزمان الواحد نحاساً وذهباً ، وانقلاب العصا كان بأحد الاعتبارين هذين ، والله تعالى أعلم بأيهما كان . انتهى كلام البعض ، ولا خفى أن انقلاب العصا حية انما هو بالمعنى الثانى ، لأن فى كون خلق البدل انقلاباً خفاء ، ثم رأيت ذلك البعض صرح بهذا .