Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 20, Ayat: 50-50)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ قال ربُّنا } أى الله ربنا ، ونالهما ، وقيل للعالمين كما قال : { إنا رسول رب العالمين } [ الشعراء : 16 ] تحقيقا للحق ورداً على اللعين القائل : { أنا الله رب العالمين } [ القصص : 30 ] مع أن ملكه فى القبط فقط لم يبلغ الشام ، أو غيرهما كما قال شعيب فى مدين : { لا تخف نجوت من القوم الظالمين } [ القصص : 25 ] { الذى } نعت أو رب مبتدأ أو الذى خبر ، ومعنى قوله : { أعْطَى كُلَّ شىء خَلْقه } أى إيجاده الذى وعد به إجمالا لذات كل شىء ، وتفصيلا لأجزائها كعينين وعين واحدة ، وصحة ومرض ، ولون وطول وعرض ، وغير ذلك ، ومن ذلك الذكورة والأنوثة ، وأولى من هذا أن الخلق بمعنى المخلوق أى أعطى كل شىء ما وعد من تلك الصفات . والأحسن فى حكمة الله ، هو ما قضى لكل أحد كعور الأعور ، ومرض المريض ، وكما الأعضاء وصحتها ونحو ذلك ، فلا حاجة الى دعوى ، أن المراد الأنواع تحرزاً عن نحو العرو والمرض ، مع أنه ليست فى الآية هذه ذكر الأحسنية ، حتى يحتاج الى تأويل ما لا حسن فيه ، كالعور ، وإن أراد القائل بالأنواع أن الأفراد لم توجد بكلها ، بل منها ما يأتى ، بخلاف الأنواع فإنها تمت بحسب الظاهر ، قلنا المعنى أثبت لكل شىء ما سبق به القضاء ، ودله على صلاحه ، وقيل يسر لكل شىء عضو مصالحه ، الرِّجْل للمشى ، واللسان للنطق ، والعين للنظر ، والأذن للسمع . وقيل : جعل زوجة البعير النافة ، والفرس الرمكة ، والحمار الأتان وكل مفعول أول ، وخلق مفعول ثان ، والهاء لشىء ، ويجوز أن يكون خلق مفعولا أو بمعنى الشىء المخلوق ، والهاء لله ، وكل مفعولا ثانياً أى أعطى مخلوقاته كل شىء يحتاجون إليه . { ثم هَدَى } دل بإعطاء كل شىء خلقه عل وجوده ، وجوده بالنعم التى لا تحصى ، وقيل : ألهم الذكر كيف يأتى الأنثى ، وثم لتراخى الرتبة إن لم يكن هنا تراخ فى الزمان ، ويجوز تفسير الهدى بالإرشاد الى المصالح والإلهام إليها ، وكل عاقل يعلم أنه لم يوجد نفسه ولا جسماً من الأجسام ، ومن هنا سؤال عما يعين ، ومن فى موضع آخر سؤال عن الماهية ، وقد مر أن فرعون عارف بالله تعالى إذ سجد له ، وسأله جريان النيل ، فهو من باب { وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم } [ النمل : 14 ] فيبقى قوله عز وجل : { لقد علمت ما أنزل هؤلاء إلا رب السماوات والأرض بصائر } [ الإسراء : 102 ] على ظاهره .