Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 20, Ayat: 9-10)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وهل أتاك حديثُ مُوسَى } تسلية لرسول الله صلى الله عليه وسلم بما أو ذى به موسى عليه السلام كغيره ، أنهم عراهم من أفواههم ما عراك ، وإعلان بأن شأن الأنبياء القيام بالتوحيد وأموره . وتحمل المشاق بعد ما سلاه عن تكذيب قومه تقوله سبحانه : { ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى } [ طه : 2 ] والاستفهام للتقرير ، وأجاز بعض أن يكون للنفى أى ما أتاك حديث موسى قبل ، بل نخبرك به الآن ، وقيل هو بمعنى قد ، وحديث بمعنى اسم مفعول أو المصدر ، ولذلك علق به قوله : { إِذ رأى ناراً } أى ما تحدث به إذ رأى ناراً ، أو تحدثه إذ رأى ناراً ، ويجوز تعليقه به مع بقائه على معنى الكلام أو الخبر بلا تأويل ، لأن الظرف يكفى فيه رائحة الفعل ، أو يعلق بمحذوف ، أى إذ رأى ناراً الخ ، كان كيت وكيت ، أو كان كيت وكيت إذ رأى ناراً ، أو يجعل مفعولا لمحذوف ، أى اذكر إذ رأى ناراً . استأذن موسى شعيباً عليهما السلام أن يخرج من مدين الى مصر لزيارة أمه وأخيه ، وقد طالت المدة من حين قتل القبطى بمصر ، ورجا خفاء أمره ، فأذن له ، وكان غيوراً فخرج بلا رفقة لئلا ترى زوجه ، وقيل برفقة يصحبهم ليلا ، ويفارقهم نهاراً ، وكانت على أتان على ظهرها جوالق فيها أثاث البيت ، ومعه غنمه ، وأخذ على غير طريق فيما قيل خوفاً من ملوك مصر ، ولما وافى طوى بالجانب الغربىّ من الطور ، ولد له ابن فى ليلة مظلمة شاتية مثلجة ، ليلة الجمعة ، وقد ضل عن الطريق ، وتفرقت ماشيته ، ولا ماء عنده ، وقدم زنده ولم يور ناراً ، فبينما هو كذلك إذ رأى ناراً بيضاء ، على شجرة خضراء ، تتقد من أسفلها الى أعلاها ، كلما قرب منها بعدت ، وكلما ذهب عنها قربت ، وهى نور على صورة النار ، وقيل نار لا تحرق ، يدنو منها ليقبس فى حطب بيده ، فتبعد ويذهب فتقرب ، وهى على يسار الطريق من جانب الطور . { فقال لأهْله امْكُثوا } هنا لا تتبعونى فى مسيرى الى هذه النار ، خطاب لزوجه وخادمه وما ولد له ، ولو كان لا يعقل لأنه توسط ، أو خاطبهما دونه بلفظ الجمع ، أو لزوجه للتعبير بلفظ الأهل ، أو لتعظيمها كقول الشاعر : @ وإن شئت حرمت النساء سواكم @@ { إنى آنسْتُ ناراً } أبصرتها إبصاراً لا شبهة فيه ، أو أبصرت ما يؤنس به وهو النار ، أو وجدت ناراً { لعلِّى آتيكم منها } أى من النار ، ومن للابتداء { بِقَبَسٍ } بشعلة مقتبسة على رأس جزلة من الحطب ، والجاران متعلقان بآتيكم ، وهو مضارع لا اسم فاعل ، لأنه أنسب بالمضارع فى قوله : { أو أجدُ على النَّارِ هُدًى } هادياً أو ذا هداية الى الماء ، ويجوز إبقاؤه على ظاهره من المصدرية بلا تأويل ، كأنه قال أو أجد هداية إليه من هاد ، والمقام لذلك لا كما قال مجاهد وقتادة المراد الهداية الى أبواب الدين . من حيث إن قلوب الأبرار مغمورة بالدين ، لا يشتغلون عنها إلا يريان الى قوله : { لعلى آتيكم منها بخبر أو جذوة } [ القصص : 29 ] وأو لمنع الخلو لا لمنع الجمع ، إذ لا يكره أن يجد قبساً ولا دلالة على الماء جميعاً ، بل يجب ذلك ، ولا مانع من أن تكون أو فى الآية بمعنى الواو ، فيكون قد طلبهما جميعاً ، ولكن الأصل أن تكون بمعنى أو إلا لدليل . والاستعلاء على مكان يقرب من النار ، كما قال سيبويه الإلصاق بمكان يقرب من زيد فى : مرت بزيد ، وقد يعتبر فى الاستعلاء أن المطابخ مثلا أو المصطلى يعلو جسده على النار ، ولا سيما إن كان لهما شغل بالانحناء فوقها كالاصطلاء ، وإصلاح شواء ، ولا مانع من جعل على بمعنى عند ، أو مع وما تقدم هو المشهور ، ويجوز تعليقه بمحذوف حال من هدًى ، ومقتضى الظاهر : أو أجد عليها ، ولكن أظهر ليصرح بالعلة . فإن النار لا تخلو من وجود نافع منها ، ولو واحد ، ولا سيما جماعة . والمقصود المنون إن كان عن ياء كتب ياء ، أو عن واو كتب ألفاً فقيل ألفه لام الكلمة ، ففى حال النصب يوقف بألف الأصل كالجر ، والرفع على أنه يحذف التنوين للوقف ، فيرجع ألف الأصل ، ومن قال : يقلب ألفا كتبه ألفاً ، ومن يقف على المنصوب المنون بالإسكان كتبه ياء إذا كان عن ياء .