Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 21, Ayat: 30-30)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ أو لَمْ ير الذين كَفَروا } تجهيل لهم وتوبيخ على عبادة ما لا يملك ولا نفعاً ، ولا يضر ولا ينفع ، وترك الإيمان والإخلاص بمالك كل شىء من أجسام وأعراض ، ومنافع ومضار ، وخالق ذلك ، والتقدير ، ألم يتفكر الذين كفروا ولم يروا ، ولما حذف ذلك أظهر الذين كفروا ، والرؤية رؤية علم ، والمراد أن يخبرهم الله بالرتق والفتق ، فيدركوهما لا الأمر باستعمال النظر استعمالا يدركونهما به ، لأنه لا يدركونهما به ، ولو كان ممكناً ، أو أراد ألم يعلموا من أهل الكتاب { أنَّ السماوات والأرض كانتا رتقاً } ثنى لاعتبار أن السموات كمفرد بمعنى فريق أو طائفة ، كقوله عزوجل : { السماوات والأرض وما بينهما } [ الأنبياء : 16 ] وقوله عز وجل : { إن الله يمسك السماوات والأرض } [ فاطر : 41 ] الخ وقول الشاعر : @ إن المنية والحتوف كلاهما دون المحارم يرقبان سوادى @@ وأفرد رتقاً لأنه فى الأصل مصدر بمعنى الضم ، فيأول مرتوقتين بمضمومتين ، أو ذاتى رتق ، أو مبالغة كأنهما نفس الضم ، أو كانتا شيئاً واحداً مضموماً . { ففتقناهما } الى سبع سماوات ، وجعلناهن حيث كن الآن ، والى سبع أرضين جعناهن حيث هن الآن بين كل من ذلك وآخرى خمسمائة عام ، سمى كل ما يكون سماء أو أرضا من ذلك المجموع ، والمضموم سماء وأرضاً على مجاز الأول ، والممكن قبل وجوده متميز فى نفس الأمر ، لأنه متصور ، ولا يمكن تصور الشىء إلا بتمييزه عَن غيره ، وإلا لم يكن بتصوره أولى من غيره ، ولأن بعض المعدومات قد يكون مراداً دون بعض ، ولولا التمييز بينهما لما عقل ، لأن القصد لإيجاد غير المتعين ممتنع ، لأن ما ليس متعيناً لا يتميز القصد اليه ، عن القصد الى غيره ، وعن الحسن خلق الله الأرض كالفهر فى موضع بيت المقدس ، عليها دخان ملتصق به ، فصيَّره سماوات ، والفهر أرضين والفتق بقدرته تعالى . وعن كعب الأحبار : بريح توسطها ، أو خلقهن كالواح متطابقة وسمى تماسهما رتقاً ، وروى عن ابن عباس رضى الله عنهما أن السماوات والأرضين فى محالهن من حين خلقهن الله ، وأن الرتق هو عدم نزول الماء ، ونبت الأرض ، والفتق إنزال الماء وإنبات الأرض بعد أن خلق الله للأرض من يسكنها ، وللسماوات مدخل فى نزول الماء بقدرة الله عز وجل ، وشهر أن الماء من السماء الدنيا ، وشهر أنه من السحاب . { وجَعَلنا } خلقنا أو صيرنا { من الماء كُل شَىءٍ حىّ } عطف على فتقنا لا على أن السماوات الخ ، لأن يرى لا يتسلط على جعلنا بلا حرف مصدر ، ولا معلق كالاستفهام ، والمعنى خلقنا كل حيوان من الماء كقوله : { والله خلق كل دابة من ماء } [ النور : 45 ] ومن للابتداء ، ولو قدرنا ثابتاً من الماء ، ومعنى كونه من الماء أن الإنسان من طين ، الطين ماء تراب ، وهو والدواب من نبات وثمار ، من تولدة من الماء ، والماء أعظم ما يحتاج اليه أيضاً ، وخصت الملائكة والجن ، فليست من الماء ويجوز أن يكون المعنى لا ينفك عن الماء ، فتدخل الجن لأنها تأكل وتشرب ، ويجوز أن تكون من للتجريد مبالغة فى شدة الاحتياج الى الماء ، كقولك : رأيت من زيد البحر والأسد ، فالمعنى جرد من الماء الحى ، أو الماء النطفة ، فلا تدخل الملائكة أيضاً ، ولا ما يتولد بدونها { أفَلا يُؤمنُون } أيعلمون ذلك ، فد يؤمنون ، أنكر لياقة انتقاء إيمانهم مع مشاهدتهم موجبة .