Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 23, Ayat: 1-2)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ قد } لتحقيق الإفلاح الذى يتوقعه المؤمنون { أفلح } دخل فى الفلاح ، كأصبح دخل فى الصباح ، وأبشر دخل بالبشارة ، والفلاح الفوز بالمقصود ، وقيل البقاء فى الخير ، ومن الخطأ البين تقديم القسم ، مع أنه لا دليل عليه ولا محوج إليه يحوجنا { المؤمنون } بالله ورسوله ، وما جاء به بشرط أن يأتوا بما فى قوله : { الَّذين هُم فى صلاتهم خاشعُونَ } إلى قوله : { يحافظون } [ المؤمنون : 9 ] وما يتبع ذلك ، أو المؤمنون الموفون بذلك كله وزيادة ، فقوله : { الذين هم } الخ مدح لهم ، وهو أولى لأن الأصل اطلاق المؤمن على الموفى ، والخشوع التذلل مع خوف ويزاد فى الصلاة إذا فسر خشوعها بترك اشتغال القلب والجوارح بغيرها ، ولو بأمر الآخرة ، وتنكيس الرأس أفضل للخضوع ، أو إقامته أفضل ، لأنها إكمال للقيام ، وهو أصح مع ضم خشوع القلب إليها ، وعن أبى هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى مصليا يعبث بلحيته فقال : " لو خشع قلب هذا لخشعت جوارحه " وكان صلى الله عليه وسلم يرفع بصره إلى السماء فى الصلاة ، فأنزل الله عز وجل : { الذين هم فى صلاتهم خاشعون } فكان ينكس رأسه فاستدل به على فضل النكس ، وأجيب بأن النكس فى الحديث ترك الرفع إلى السماء ، ولو مع استواء القامة . وجاء عنه صلى الله عليه وسلم : " لينتهين أقوام عن رفع أبصارهم إلى السماء أو لتخطفنَّ " فقيل هذا شامل للأعمى ، ولا شك أنه لا يجوز له ، كما لا يجوز للمبصر ، وفى الأثر : " من رأى السماء عمدا فسدت صلاته ومن غمض عينيه عمداً بلا ضرورة فسدت صلاته " وجاء النهى عنه من طريق ضعيف ، واليهود تفعله ، واستحب بعض قومنا ، لآنه يحضر القلب قالت أم رومان ، والدة عائشة رضى الله عنها : رآنى أبو بكر أتميل فى الصلاة ، فزجرنى حتى كدت أنصرف عنها ، وقال : سمعته صلى الله عليه وسلم يقول : " يتميلن أحدكم فى الصلاة وليسكن " وفى الحديث : " الاختصار فى الصلاة أى وضع اليد على الخاصرة راحة أهل النار " ، أى راحة فى الصلاة لأهل النار فى الآخرة ، وهم اليهود ، إذ لا راحة فيها ، وقدم فى صلاتهم الفاصلة ، وليلى الإيمان كما أطلق الإيمان عليها فى : { وما كان الله ليضيع إيمانكم } [ البقرة : 143 ] . ويجوز أن يكون التقديم فى مثل هذا للاعتناء بالمقدم والتشويق للمؤخر لا للحصر ، لأنه هنا بمعنى خاشعون فى صلاتهم لا فى غيرها ، وليس هذا مراد ، أو ليس المعنى فى الحصر فى صلاتهم لا فى بعضها ، لأنه لم يقل فى صلاتهم كلها ، وعلى إرادته يحصل هذا المعنى ، ولو مع التأخير ، وعن عبادة بن الصامت موقوفاً : " يوشك أن تدخل المسجد ولا ترى فيه خاشعاً " وعن حذيفة موقوفاً : " أول ما تفقدون من دينكم الخشوع ، وآخر ما تفقدون الصلاة وتنتقض عرا الإسلام عروة عروة " ويقال الصلاة بلا خشوع جسد بلا روح .