Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 23, Ayat: 27-27)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ فأوحَيْنا إليه } عقب ذلك بسبب ذلك { أن اصْنَع الفُلْكَ بأعْيُننا } ملتبساً بحفظنا لها عن أن يفسدوها ، وعن أن تزيغ فى صنعها { وَوَحْينا } إليك بكيفية صنعها ، قارنه ملك يعلمه الصنع ، وتغطيتها بما لا ينفذه الماء كالقطران مع الجير { فإذا جاء } قرب جداً أو حضر ابتداء { أمرنا } عقب اتمامها ، وهو واحد الأمور ، وهو العذاب أو أمرنا لك بالركوب فيها . { وفار } نبع بالماء نبعاً شديداً { التَّنُّورُ } الذى من شأنه المنافرة للماء تنور آدم عند نوح ، أخبرته امرأته لعنها الله بفورانه ، فركبُوا وهو فى موضع مسجد الكوفة عن يمين الداخل من باب كندة ، أو فى عين وردة من الشام ، أو بالجزيرة قريباً من الموصل ، او فى هند ، أو التنور وجه الأرض ، أو فار التنور عبارة عن شدة الأمر كحمى الوطيس ، وشمرت الحرب عن ساق . { فاسلك } أدخل { فيها من كلٍّ زوجَين } نوعين ذكر وأنثى { اثْنَين } فرد من ذكر أو أنثى مفعول به لاسلك ، ليتوالد فلا ينقطع الجنس ، فحمل ديكاً وديكة ونعامة ذكراً وأنثى وغير ذلك مما يلد البيض ، وجملاً وناقة ، وهكذا فلم يحمل بغلاً وبغلة ، لأنهما لا يتوالدان ، ويكفى حمل ما يلدهما ، ولم يحمل ما يتولد من الماء أو الصفونة كالذباب والدود والبق ، والآية صريحة فى أن قوله تعالى : { فاسلك فيها } متقدم على صنعها ، فيرد إليها قوله عز وجل : { حتى إذا جاء أمرنا وفار التنور } [ هود : 40 ] { قلنا احمل فيها } [ هود : 40 ] رد ظاهرة بعد صنعها ، وهو كذلك بأن القول قبل صنعها يتحقق ، وينفذ بعد صنعها ، أو ما هنا وهو القول قبل الصنع كالعدم بالنسبة إلى القول بعده لقوته ، وهو ما فى الآية الأخرى ، فكأنه قيل بعده ، وأولى من هذا أَن القول وقع قبل وبعد تنبيهاً وتأكيداً . { وأهْلك } أى من آمن بك ، ولو من غير قرابتك ، كما فى هود ، والعطف على اثنين ، ولا يتوهم أن الأهل من الزوجين ، لأن المراد اسلك فيها اثنين من كل زوجين وأهلك { إلاَّ من سبق } فى قوله تعالى وفى اللوح المحفوظ { عليه القَوْل } بالإهلاك { منهم } من القوم والاستثناء منقطع ، لأن المراد بالأهل من آمن به ، وإن فسرنا الأهل بقرابته ، ومن تحت حكمه ، كان المراد بمن سبق عليه القول زوجه وابنه الكافر ، فيكون سائر من آمن به لم يذكر فى هذه الآية اكتفاء بذكره ، فى غيرها ولدلاله استثناء من سبق عليه القول ، لأن استثناء لكفره ، وأخر الأهل عن الاثنين من كل زوجين ، ولو قدمهم لطال الفصل بالاستثناء ، وما اتصل به من قوله : { ولا تُخاطبنى فى الَّذين ظلمُوا إنَّهُم مُغْرقون } ولأن أهله يدخلون بأنفسهم واختيارهم مع قوله تعالى : { فاسلك فيها } والاثنان من كل زوج لا يدخلان باختيارهما ، بل بادخال نوح ، والمعنى لا تكلمنى فيهم بطلب انجائهم ، والمراد لا تخاطبنى فيهم ، وأظهر ليذكر سبب إغراقهم ، وهو الظلم لأنفسهم وللمؤمنين ولنوح ولدين الله ، أنهم مغرقون ولا بد أو مقضى عليهم بالإغراق فلا يتخلف ، ولا يقال خاطبت الله لعدم الأدب فيه ، ولعدم وروده ، ولو قال لا تخاطبنى .