Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 23, Ayat: 50-51)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وجَعَلنا ابْن مَرْيم وأمَّه } معاً { آيةً } واحدة إذ ولدته بلا أب ، أو أفردت الآية لتقدير جعلنا حال ابن مريم وأمه آية ، أو جعلنا ابن مريم وأمه ذوى آية ، أو جعلنا ابن مريم آية إذ تكلم صغيراً ، وأحياء الموتى ، وأشفى المرضى كبيراً وأمه آية إذ ولدته بلا أب ، وإذ قالت فى شأن الرزق { هو من عند الله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب } [ آل عمران : 37 ] وقدم لأصالته فى ما ذكر من الآية ، وقدمت فى وجعلناها وابنها الخ لأصالتها فى الإحصان والنفخ . { وأويناهما } جعلناهما يذْهبان { الى رَبْوةٍ } مرتفع دون الجبل وهى دمشق كما روى عن ابن عباس ، ويزيد بن شجرة الصحابى موقوفاً ، وعن أبى امامة مرفوعاً وقيل رملة فلسطين ، قال مرة البهزى : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " الربوة الرملة " وقيل : بيت المقدس ، وهو كبد الأرض بينه وبين السماء ثمانية عشر ميلا ، كما روى عن كعب الأحبار ، ولا يصح هذا القرب ، وقيل مصر ، ويقال : كل قرية منها على ربوة لئلا يغرقها النيل إذا زاد ، وقيل : الاسكندرية ، وليس كذلك ، وشهر أنه ولد فى بيت لحم ، أمرها الله عز وجل أَن تذهب به الى الربوة لئلا يقتله هيرودس فذهب بهما يوسف النجار ، ولما مات هيرودس ردهما الى بيت لحم ، ولما استخلف ابنه أرشلاوس خاف عليه وذهب بهما الى تخوم الخليل ، وسكن مدينة تسمى ناصرة من أرض الشام . { ذات قرار } استقرار للناس لحسنها ، وانبساطها ، وزروعها وثمارها ، { ومعين } ماء معين أي جار ، يقال : معن أى جرى ، وأصله الإبعاد فى الشىء ، كما يقال : أمعن النظر أو قد كثر ، والميم أصل والياء زائد ، أو ماء على وجه الأرض تراه العين ، فالميم زائد والياء أصل ، والأصل معيون ، { يا أيها الرسُل كلُوا } الخ مفعول لحال محذوفة محكية من نامن قوله : " جعلنا " أو قوله : " آوينا " أى قائلين فيما مضى قبل عيسى ، لكل رسول فى زمانه يا أيها الرسول كل ، فاقتد يا محمد بهم فى هذا الأكل ، أو مفعول لقول مستأنف ، أى قلنا فيما مضى لكل رسول يا أيها الرسول كل أو مستأنف مراد فيه بالرسل سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم تعظيماً ، ولا يختصر ذلك فى كلام العرب بالضمير نحو : " ربِّ ارجعون " أو يقدر تعظيماً كذلك قائلين لعيسى يا أيها الرسل ، لاتصال الآية بذكر عيسى عليه السلام ، وكان ياكل من غزل أمه ، وهو أطيب كسب ، والأمر للإباحة نهياً عن الرهبانية التى ابتدعها النصارى ، إذا قلنا المراد سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ، أو مطلق الرسل ، وقلنا الطيبات فى قوله : { من الطيبات } المستلذات ، والشراب مستتبع للأكل ، وإن قلنا : الحلال ، فالأمر نهى عن أكل الحرام ، وقوله : { واعملوا صالحاً } أنسب به ، ويجوز أن يكون أمراً بالشكر على المستلذات ، وفى حديث مرسل : ان عيسى يأكل من غزل أمه ، ولعل هذا فى صغره ، ثم بعد يأكل من البرية ، وروى " أن أم عبد الله أخت شداد بن اوس بعثت لبناً اليه صلى الله عليه وسلم عند إفطاره ، فقال : من أين ؟ فقالت له : من شاتى ، فقال : أنى لك الشاة ؟ قالت : اشتريتها من مالى فشرب منه ، فقالت له من الغد : لم قلت ذلك ؟ فقال : أمرت الرسل قبلى أن لا تأكل إلاَّ طيباً ولا تعمل إلا صالحاً " وهذا نص فى ان الطيب الحلال ، وأن المشروب كالمأكول ، ولا ينافى ذلك ، ما روى أنه نهى أن يسأل من أين هذا الطعام ، لأن هذا تبليغ وتحذير ، والنهى تحذير عن التخرج ، وقدم الأكل لأن به الحياة ، وفيها يكون العمل ، ولأن الحلال يعين على اصلاح العمل ، وإن فسر بالمستلذات كان تقديم الأكل أنسب بالقرار والمعين . { إنى بما تعْمَلون } أيها الرسل ، ولعل المراد بالذات أممهم { عليمٌ } فأجازيكم .