Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 24, Ayat: 26-27)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ الخبيثات } بالمعاصى وعدم العفة من النساء { للخبيثين } كذلك من الرجال على حد ما مر فى قوله : { الزانى لا ينكح إلاَّ زانية } [ النور : 3 ] الخ . { والخبيثون للخبيثات } كذلك أو الكلمات الخبيثات تثبت للخبيثين من الرجال والنساء ، يذمهم الله والمسلمون بها ، كاللعنة والغضب من الله ، أو الكلمات الخبيثات للخبيثين من الرجال والنساء ، تصدر منهم على المؤمنين ، وفى هذين الوجهين تغليب الذكور فى الخبيثين . { والطيبات } بالطاعة والعفة { للطيبين والطيبون للطيبات } ورسول الله أطيب الأطيبين فلا يجعل الله زوجه إلا طيبة ، ومن قذفها ضل وخالف الصواب . @ إن الطيور على أشباهها تقع @@ أو الكلمات الطيبات للطيبين من الرجال والنساء مدحاً من الله ، والمؤمنين لهم كرحمهم الله ورضى عنهم ، أو الكلمات الطيبات للطيبين من الرجال والنساء ، تصدر منهم للمؤمنين كالمدح والتبرئة من السوء والدعاء بالخير ، وفى هذين الوجهين تغليب الذكور فى الطيبين { أولئك } الطيبون أهل البيت النبوى رجالاً ونساء ، ودخلت عائشة أولاً والنبى صلى الله عليه وسلم وعائشة وصفوان رضى الله عنهما ، وقال الفراء النبى صلى الله عليه وسلم وعائشة إطلاقاً للجمع على اثنين { مبرَّءون مما يقُولُون } مما يقول أهل الإفك أو يقول الخبيثون . { لهم مغفرةٌ } عظيمة لذنوبهم ، ولا يخلو الانسان من ذنب { ورزقٌ كَريم } الجنة كما قال فى أزواجه : { وأعتدنا لها رزقاً كريماً } [ الأحزاب : 31 ] وهو الجنة ، وما غلظ فى القرآن لأحد ما غلظ لعائشة ، وكانت تفتخر على ضراتها بذلك ، وبنزول الآيات فى مدحها وبراءتها ، وبنزول جبريل بصورتها فى حريرة بيضاء عليه صلى الله عليه وسلم حين آمر بتزويجها ، وبأنه تزوجها بكراً ، وبأنه أتاه الوحى وهو معها فى لحاف ، وبأنها أحب نسائه إليه ، وأنها رأت جبريل ، أنه صلى الله عليه وسلم قبض فى بيتها ، وأن رأسه فى حجرها ، وأنه دفن فيه لم يله أحد غيرها وغير الملك ، وحفته الملائكة فى بيتها ، وأن أباها خليفته وصديقه ، وأنها خلقت طيبة ، ووعد لها رزق كريم ، ومغفرة . ومن ذلك حديث " فضلها على النساء فضل الثريد على الطعام " قالت : هجرنى القريب والبعيد ، حتى الهرة ، أنام جائعة وظامئة ، ولا يعرض علىَّ طعام أو شراب ، فرأيت فتى قال : مالك ؟ قلت : حزينة لما يقال ، قال قولى يفرج الله عنك : يا سابغ النعم ، ويا دافع النقم ، ويا فارج الغمم ، ويا كاشف الظلم ، يا أعدل من حكم ، يا حَسْب من ظلم ، يا ولى من ظُلم ، يا أول بلا بداية ، ويا آخر بلا نهاية ، يا من له اسم بلا كنية ، اللهم اجعل لى من أمرى فرجاً ومخرجاً ، فانتبهت ريانة شبعانة ، قد أنزل الله تعالى براءتى ، وهو دعاء الفرج . ويناسب الاحصان فرض الاستئذان قالت امرأة : يا رسول الله يفاجئنى فى بيتى داخل على حال لا أحب أن يرانى فيها أحد ، فنزل قوله تعالى : { يا أيها الَّذين آمنوا لا تدْخلوا بيوتاً غير بيُوتِكُم حتى تستأنسُوا } الخ من فيها ولو غير ملاكها ، فسر ابن عباس رضى الله عنهما الاستئناس بالاستئذان ، لأن الاستئناس طلب الايناس ، وهو العلم أو الابصار ، والابصار طريق الى العلم ، فالاستئناس طلب العلم ، والمستأذن يطلب أن يعلم ، هل يؤذن له ، أو الاستئناس طلب الأنس بضم الهمزة ضد الوحشة ، ومريد الدخول كالمستوحش من خفاء الحال ، هل يؤذن ، فإن أذن له حصل له الأنس ، أو الاستئناس طلب معرفة هل فى البيت إنس بكسر الهمزة أو من هو أى ناس أو واحد ليأذن له ، وهو اشتقاق من اسم العين ، كعانه أَبصره بعينه ، وأنف مسرج اشتقاقا من السراج ، وهو ضعيف لهذا الاشتقاق ، ولأن ذلك أنه يدخل بلا إذن ولا تلوم الضعفين مناسبة ، فإن لم تجدوا فيها أحداً أو حتى تطلبوا علم أهل البيت بأنكم تريدون الدخول فيأذنوا أو يتركوا ، بأن تسبحوا أو تحمدوا أو تكبروا طلباً للإذن أو تؤنسوا أهل البيت بإعلامهم بالتسبيح ونحوه ، كالتنحنح أو تؤنسوا أهل البيت من أنفسكم بالاستئذان ونحوه فيأذنوا أو يتركوا ، كما جاء به الحديث ، وتؤنسوا أنفسكم بأنه قد علم بكم وهو ضعيف . { وتُسلِّموا على أهْلِها } وكل من الاستئذان والتسليم واجب ، وذكر ابن جزء الكلبى الأندلسى أن وجوب الاستئذان أعظم من وجوب السلام ، وكلاهما واجب كما فسر كلامه محشية أو عبد الله الغرناطى ، والاستئذان قبل التسليم ، وقيل بعده لحديث : " السلام قبل الكلام " قال عطاء : سمعت أبا هريرة يقول : إذا قال الرجل : ادخل فقل : لا حتى تجيئ بالمفتاح ، فقلت المفتاح السلام عليكم ؟ قال : نعم ، وحمل بعضهم هذا الحديث على سلام الملاقاة ، وعلى كل حال لا بد من وقوعه قبل الدخول ، وأما قول أبى هريرة لا يؤذن لمن يستأذن حتى سلم بمعناه فرض السلام ، وأنه لا يؤذن له إن لم يسلم ، وممن يقدم السلام ابن عمر ، وكان عمر يقول : السلام على رسول الله ، أيدخل عمر ، واختار بعض أنه إن رأيت أحداً أو قرب فقدم السلام ، وإلا فالاستئذان . ولا يستأذن أكثر من ثلاث إلا أن تحقق أن من فى البيت لم يسمع ، قال الطبرانى ، عن أبى أمامة عنه صلى الله عليه وسلم : " من كان يؤمن أنى رسول الله فلا يدخل على أهل بيت حتى يستأذن ويسلم " وإذا تفسح الباب أو لم يكن باب استأذن من جانب لئلا يرى وما فى داخله ، ومن دخل بلا إذن أو نظر داخل البيت بعينه هلك ، وإن فقأ عينه أحد من داخل البيت هدر دمه ، كما قال صلى الله عليه وسلم للناظر فى بيته : " لو علمت أنك تنظرنى لطعنت فى عينك بهذه المدرى " وهو على ظاهره لقول أبى هريرة عنه صلى الله عليه وسلم : " لو أن امرأ اطلع عليك بغير إذن ففقأت عينه بحصاة لم يكن عليك حرج " واختار بعض أن ذلك بمعنى أن يفعل به مالا يعود معه الى النظر فى البيوت ، كما أمر بلالا بقطع لسان عباس بن مرداس حين مدحه وأراد إعطاءه . { ذلكم } المذكور من الاستئذان والتسليم ، أو ذلك الدخول بهما { خير لكم } منفعة لكم ضد السوء ، أو أفضل من الدخول بلا إذن ، فقد يشاهد ما لا يرضى رب البيت ، وبلا سلام كما تقول الجاهلية : حييتم صباحاً ، أو حييتم مساء فيدخلون ، ووجه التفضيل أن الجاهلية يعدون ما يفعلون حسناً ، ويعدون الانتظار مذلة ، أو اسم التفضيل خارج عن بابه { لعلَّكم } فرض ذلك لعلكم { تذكَّرون } أو لتذكروا فتعلموا بموجبه ، وأجر المسلم سلام الدخول أو سلام اللاقاة أكثر من سلام الراد ، لأنه ابتدأ فله فضل السبق ، وكل من البدء والرد فرض عند الدخول . وأما سلام الملاقاة فسلام البادى أفضل عند بعض ، لأنه بدء فله فضل السبق ، وفضل أنه سبب الرد الواجب ، وقيل الراد أفضل لوجوب الرد ، والواجب أفضل ويجب السلام عند الدخول على الصبى فى البيت ، ولو كان لا يجب على الصبى الرد ، أما سلام الملاقاة على الصبيان ، فزعم بعض أنه لا ينبغى ، فقيل لأنه لا يجب عليه الرد وليس بشىء ، والحق أنه يسلم عليهم استجاباً إن كانوا لا يعقلون ، وعدم وجوب الرد عليهم لا يبطل السنة الواردة فى عموم السلام ، وأيضاً فى السلام عليهم تعليم ، قال صلى الله عليه وسلم : " بعثت معلماً " . قال أنس كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسلم علينا ونحن صبيان ، ويبعثنى خصوصاً فى حاجة ، وكذا كان ابن عمر يسلم على الصبيان ، وكذا قال عمر بن عنبسة يسلم علينا ابن عمر ، ونحن صبيان ، والصواب عنبسة بن عمار ، لا عمر بن عنبسة ، وعن ابن سيرين : أنه كان يسلم عليهم بلا إسماع لهم ، وروى أن الحسن لا يسلم على الصبيان .