Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 24, Ayat: 30-30)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ قل } يا محمد { للمؤمنين } وغيرهم ، وخصهم بالذكر لشرفهم ، ولأنهم المنتفعون بالشرع ، والأنسب فى المشرك أن نهى أولا عن الاشراك ، ولو كان مخاطباً بفروع الشرع فعلا وتركاً { يغضوا من أبْصارهم } مجزوم بلام الأمر محذوفة ، وذلك قائم مقام قل لهم غضوا ، قائم مقام لتغضوا بلام الأمر والخطاب ، أو مجزوم جواباً للشرط ، هكذا قل للمؤمنين فى شأن الغض إن قلت لهم يغضوا ، أو مجزوم فى جواب أمر محذوف قل لهم : غضُّوا يغضُّوا ، ومن للابتداء بمعنى يستعملوا الغض من أبصارهم ، أو يتوثقوا من أبصارهم ، ولا مفعول ليغضوا ، وأجيز أن تكون للتبعيض به مفعولاً ليغضوا ، على أن يراد بالبعض البصر الذى يشارف النظر ، لما لا يحل ، أو المفعول أبصار ، ومن صلة ولو فى الاثبات ، ومع المعرفة على قول . مر رجل فى طريق من طرق المدينة فنظر الى امرأة ونظرت اليه ، واستقبله حائط وهو يمشى وينظر اليها فصادم الحائط وشق أنفه ، فقال : والله لا أغسل الدم حتى آتى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأخبره بأمرى ، فأتاه فقال له : " هذا عقوبة ذنبك " فنزل : " للمؤمنين يغضوا من أبصارهم " الخ وقال صلى الله عليه وسلم : " لا تتبع النظرة فإن لك الأولى وليست لك الآخرة " فيحتمل أن النظرة الآخرة النظر ثانياً عمداً والأولى بلا عمد ، أو النظر بالقلب بعد الأولى بالعين ، قدم غض البصر على حفظ الفروج ، لأن النظر بريد الزنى ورائد الفجور . { ويحفَظُوا فُروجَهم } عن أن يراها أو يمسها ، أو يتمتع بها غير الأزواج والسرارى ، وعن الزنى ، وعن أن يتمتعوا بمسها ، أو النظر اليها ، وعن أن يصفوها لغيرهم ، ولم يكن هنا من التبعيضة ، كما كانت فى الأبصار ، لأن النظر أوسع ، ألا ترى أنه يجوز النظر بلا شهوة الى ما فوق سرة المحرَّمة ، ولو برضاع ، وتحت ركبتها ، كما قال أبو مسور رحمه الله ، والزمخشرى ، وابن حجر ، وكذا الأمة المعروضة للبيع ، والى وجه الأجنبية وكفها إن لم تكن فيها زينة ، وقيل ملطقا ، وفى ظاهر قدميها وباطنهما روايتان المشهور المنع ، وقيل : الى الباطن لا الظاهر أو التبعيض باعتبار أنه يجل النظر الى بعض الأجنبية ، وقيل لم تكن من التبعيضية هنا ، لأن المراد بحفظ الفروج هنا سترها ، وفى سائر القرآن منع الزنى . { ذلك } المذكور من الغض والحفظ { أزكى لَهُم } زكى لهم ، وطهارة من الريبة ديناً ودنيا ، ومن الزنى الذى فيه مضار دينية ودنيوية ، وأجيز إبقاؤه على باب التفضل ، اى أزكى من كل نافع ، وكل مبعد عن الريبة ، أو أنفع من الزنى والنظر الحرام ، لأن فيهما نفعاً دنيوياً طبعياً { إن الله خبيرٌ بما يصنعونَ } ولو بقلوبهم بتمنى الزنى فيعاقبهم .