Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 25, Ayat: 21-22)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وقال } فى شأن إنكار رسالة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم { الَّذين لا يرجُون لقاءنا } لا يطمعون فيه كما يطمع المؤمنون فيه لايمانهم بالبعث ، فيثابون ، وهؤلاء الكفرة لم يؤمنوا بالبعث ، فهم لا يطمعون فى لقاءنا ، ومعنا لقائنا لقاء ثوابنا ، وهم لم يعملوا له أيضاً ، فلا يرجونه ، والرجاء الطمع أو التمنى ، أو لقاءنا مجاز عن الثواب بلا تقدير مضاف ، وقيل : الرجاء الخوف كما فسر به قوله تعالى : { لا ترجون لله وقاراً } [ نوح : 13 ] وقول الشاعر : @ إذا لسعته النحل لم يرج لسعها وحالفها فى بيت نوب عواسل @@ وقوله : @ لا يرتجى حين يلاقى الدابدا أسبعة لاقى له أو واحدا @@ حقيقة فى لغة تهامة ، وهذيل مجاز فى غيرها ، اى لا يخافون لقاء عذابنا ، أو اللقاء عبارة عن العذاب ، وذلك لعدم إيمانهم بالبعث { لولا أنزل } من الله { عليْنا } معشر الأكابر الأشراف ، أو على كل واحد ممن أنكر رسالته ، وهذا أشد عتواً { الملائكة } الجنس أو كلهم ، وهو أشد عتواً ليخبرونا انك رسول الله { أو نَرى ربَّنا } ليخبرنا أنك رسول منه { لَقَد اسْتكبرُوا فى أنفسهم } الأصل استكبروا أنفسهم أى عدوها كبيرة الشأن ، وضمن معنى ألقوا الكبر فعدى بفى أو المعنى أضمروا الكبر فى قلوبهم ، وذلك أنهم راموا ما لا يصلح للرسل والملائكة ، وهو رؤية الله ، فانها لا تثبت لأحد فى الدنيا ولا فى الآخرة ، لأنها تنافى الألوهية ، وأنهم احقروه صلى الله عليه وسلم عن أن يؤمنوا به وبآياته ومعجزاته . { وعَتَوْا } العتو مجاوزة الحد فى الظلم ، وزاد على مطلق ذلك بقوله : { عتواً كبيراً } أقصى ما يكون ورد الله عليهم بذكر الملائكة ورؤيتها لا على وجه طلبوه ، بل على وجه العقاب فى قوله : { يوم يَرونَ الملائكة } مفعول لا ذكر ، أو ظرف أى لا يفرحون يوم يرونهم ، أو يعذبون يوم الخ ، وهو يوم القيامة أو الموت أولا بشرى يوم الخ ، ودل على المحذوف قوله : { لا بشرى يومئذ } يوم إذ يرونهم { للمجرمين } عموماً ، وهم من المجرمين ، وهذا احتجاج عليهم ، فلا بشرى لهم أولا وبالذات ، أو هم المراد بالمجرمين إظهاراً فى مقام الاضمار ليذكرهم باسم الاجرام المنافى للبشرى ، أو المراد الرؤية فى الدنيا على سبيل الفرض لثبوتها ، وعلى طريق الاخبار بأنهم لا يؤمنون ، ولو رأوهم ، فاذا رأوهم كما طلبوا ، ولم يؤمنوا لم يؤخر عذابهم ، كما أهلك قوم صالح ، وأصحاب المائدة ونحوهم ممن اقترح آية { إلاَّ قوم يونس لما آمنوا } [ يونس : 98 ] الخ ، وقال : { يوم يرون الملائكة } ولم يقل تنزل الملائكة كما قالوا : ولولا أنزل إيذاناً من أول بأن ملاقاتهم الملائكة ليس على طريق ما طلبوا بل على وجه آخر . { ويقولون } لنزول العذاب عليهم على طريق الدعاء { حِجْراً مَحْجُوراً } أحجرك الله حجراً محجوراً ، أى منعك منعاً ممنوع الترك ، أى منعاً لا بد منه كلام تقوله العرب عند الخوف من شىء ، فهم يقولونه للملائكة إذا رأوهم وخافوهم حين خرجوا من قبورهم ، يجوز عود الضمير للملائكة كما قال أبو سعيد الخدرى : إن القائلين الملائكة حجرت البشرى عنكم حجراً محجوراً ، لأنكم لم تقولوا : لا إله إلا الله محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وعن ابن عباس : الجنة ، وقيل الغفران ، ونفى البشرى كناية عن الخزى ، لأن المقام إذا كان لأحد الشيئين فقط ونفى أحدهما بقى الآخر ، والآخرة إما عقاب أو ثواب .