Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 26, Ayat: 214-214)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وأنْذِر } بالعقاب على الاشراك { عشيرتك الأقْربينَ } اليك ، واسم التفضيل خارج عن بابه ، فمعناه القريبون ، أو باق على معنى الذين هم أكثر قرباً اليك من غيرهم ، والعشيرة الرهط الأدنون ، يتكثر بهم الرجل ، فانهم العدد الكامل ، وهو العشرة ، ويقال الشعب النسب الأبعد كعدنان ، فالقبيلة وهى ما انقسم فيه الشعب كربيعة ومضر ، فالعمارة وهى ما انقسم فيه أنساب القبيلة كقريش ، وكنانة ، فالبطن وهو ما انقسم فيه أنساب العمارة كبنى عبد مناف ، وبنى مخزوم ، فالفخذ وهو ما انقسم فيه أنساب البطن كبنى هاشم ، وبنى أمية ، فالفصيلة وهى ما انقسم فيه انساب الفخذ كبنى العباس ، وبنى عبد المطلب ، وليس دون الفصيلة إلا الرجل وولده . وقال الكلبى : الشعب ، فالقبيلة ، فالفصيلة ، فالعمارة ، فالفخذ ، وأما العشيرة فقيل تحت الفخذ ، وفوق الفصيلة ، وقيل كل كثير راجعين الى اب مشهور ، بأمر زائد شعب ، كعدنان ، فالقبيلة وهى ما انقسمت فيه أنساب الشعب كربيعة ومضر ، فالعمارة وهى ما انقسمت فيه أنساب القلبية كقريش وكنانة ، فالبطن وهى ما انقسمت فيه أنساب العمارة ، كبنى عبد مناف ، وبنى مخزوم ، فالفخذ وهى ما انقسمت فيه أنساب البطن ، كبنى هاشم ، وبنى أميه ، فالعشيرة وهى ما انقسمت فيه أنساب الفخذ ، كبنى العباس ، وبنى أبى طالب ، والحى يصدق على الكل ، لأنه الجماعة النازلون بمريع ، ولعل قائل هذا لم يذكر الفصيلة لاتحادها بالعشيرة . وفى أمر الله تعالى إنذار عشيرته تقديم النفع لهم إيذاناً بأن الأقرب مقدم فى النفع ، وذلك من باب صلة الرحم المعروفة فى الجاهلية ، كالاسلام ، ودفع لما يتوهم أن انذاره وتبليغه تشديد على غيرهم دونهم ، قال ابن عساكر ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أزهد الناس فى الأنبياء ، وأشدهم عليهم الأقربون " ذلك فيما أنزل الله عز وجل : { وأنذر عشيرتك الأقربين } وفى البيهقى ، أن كعب الأحبار قال لأبى موسى الخولاى : كيف تجد قومك ؟ قال : مكرمين مطيعين ، قال ما صدقتنى التوراة إذن ، وايم الله ما كان رجل حليم فى قوم قط إلا بقوا عليه وحسدوه . وعن أبى الدرداء : أزهد الناس فى العالم اهله وجيرانه إن كان فى حسبه شىء عيروه ، وان كان قد عمل فى عمره ذنباً عيروه به ، ويقال ما كان كبيرهم فى عصر إلا كان له عدو من السفلة إذ الأشراف لم تنزل تبتلى بالأطراف ، فكان لآدم إبليس ، وكان لنوم حام وغيره ، وكان لداود جالوت وأضرابه ، وكان لسيمان صخر ، أى ثم قبض عليه ، وكان لعيسى بخت نصر ، وبعد نزوله الدجال ، ولإبراهيم نمروذ ، ولموسى فرعون ، وكان لمحمد صلى الله عليه وسلم أبو جهل ، وكان لابن عمر عدو يعبث به كلما مرّ ، وكان لعبد الله بن الزبير أعداء يرمونه بالرياء والنفاق فى صلاته ، وصبوا على رأسه فى الصلاة ماءً حميماً فزلغ وجهه ورأسه ، وهو لا يشعر ، ولما سلم قال : ما شأنى ؟ ذكروا له ما وقع فقال : حسبنا الله ونعم الوكيل . وكان لابن عباس نافع بن الأزرق ، يؤذيه أشد الايذاء ويقول : يفسر القرآن بغير علم ، وكان لسعد بن ابى وقاص جهال من جهال الكوفة يقولون لعمر : إنه لا يحسن الصلاة ، وأما إخراج الأئمة الأربعة فلمخالفتهم جمهور الأمة بإثبات الرؤية ، واعتقاد أن صفات الله غيره فجعلوه تعالى محتاجاً الى قدماء معه ونحو ذلك ، كما أخرجوا محمد بن الفضل من بلخ لاجرائه آيات الصفات والأحاديث على ظاهرها بلا تأويل ، والحق التأويل ، وكان يقول : آمنا بها ووكلنا تفسيرها الى الله تعالى ، والبدأة مطلقا أهم بمن يلى ، كما قال الله عز وجل : { قاتلوا الذين يلونكم } [ التوبة : 123 ] الآية . ولما نزل : " وأنذر " الخ نادى على الصفا صلى الله عليه وسلم : يا بنى فهر ، يا بنى عدى ، يا بنى كذا ، يا بنى كذا ، فجاءوا من لم يجىء أرسل نائباً ، فقال : " " أتصدقونى إنْ أخبرتكم أن خيل العدو فى الوادى أو وراء الجبل ؟ " قالوا : نعم ما جربنا عليك كذبا . قال : " إنى لكم نذير بين يدى عذاب شديد " فقال أبو لهب : تباً لك سائر اليوم ، ألهذا جمعتنا ، فنزلت : { تبت يدا أبى لهب } " الخ ، وروى أنه قال : " يا معشر قريش أنقذوا أنفسكم من النار فإنى لا أملك لكم ضراً ولا نفعاً " وقال هذا أيضاً لبنى كعب ، وقاله لبنى قصى ، وقاله لبنى عبد مناف ، وقاله لبنى عبد المطلب عم فخص ، وقاله بعد ذلك لفاطمة . وروى أنه صعد جبلا فنادى : واصباحاه كلمة تقولها العرب لحضور العدو ، وحضر قومه فقال : " يا معشر قريش اشتروا أنفسكم من الله ، فإنى لا أغنى عنكم ، يا بنى عبد المطلب لا أغنى عنكم ، يا عباس لا أغنى عنك ، يا صفية لا أغنى عنك ، يا فاطمة لا أغنى عنك سلينى من مالى ما شئت " وروى أنه جمع بنى هاشم على الباب ، ونساءه وأهله فأنذرهم ، وأنه أمر عليا أن يصنع طعاماً ، ويجمع له بنى عبد المطلب ، وهم أربعون ، ولما أكلوا أراد أن يكلمهم ، فقال أبو لهب : سحركم صاحبكم ، فتفرقوا ، وأَعاد ذلك من الغذ ، فلما أكلوا سبق أبا لهب بالكلام فقال : " يا بنى عبد المطلب إنى نذير وبشير جئتكم بالدنيا والآخرة ، فاتبعونى تنالوهما " . نزلت الآية فتربص متأملا كيف يفعل لشدة قومه ، لا كسلا عن التبليغ ، فأوحى الله تعالى اليه : " إنْ لم تبلغ عذبتك " فأمر بندائهم كما مر ، وأمر علياً بصنع أربعة أمداد ورجل شاة ، وعس لبناً ، وجمع بنى المطلب وهم أربعون أو أقل أو أكثر برجل ، وفيهم أعمامه : أبو طالب وحمزة والعباس وأبو لهب ، وشق لحمة بأسنانه ، وجعلها أطراف الطعام ، فشبعوا ورووا ، والطعام بحاله الأولى ، وقد قيل إن ذلك كله قدر ما يأكل الواحد ويشرب ، فقال أبو لهب : سحركم محمد ، وأمر علياً بصنع مثل ذلك غداً فأكلوا وشربوا كذلك ، فسبق صلى الله عليه وسلم أبا لهب فقال : " جئتكم بخير الدنيا والآخرة فاتبعونى فأيكم يؤازرنى فيكون أخى وخليفتى بعدى " وكرهوا كلهم إلا علياً ، وهو صغير السن قال : أنا . فقال آخذاً برقبته : " هذا وصيى وخليفتى فيكم " يعنى بعد الأئمة الثلاثة ، أو قصده عقبة بلا وحى ، ولم يكن كذلك عند الله ، بل بعد الثلاثة ، فخرجوا يضحكون قائلين لأبى طالب : أمرك أن تطيع طفلك وتسمع له .