Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 27, Ayat: 31-31)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ ألاّ تعْلوا علىَّ وأتُونى مسْلمينَ } كتب إليها وهى قارئة كاتبة بعربية سبأ وأشكال حروفهم ، لأن الهدهد أخبره أنها من سبأ ، ومن نسل يعرب بن قحطان ، أو نسل تبع ، وهو المشهور وفيهم جودة الخط ، وتعلم أهل الحجاز منهم الخط ، وقد علم الله عز وجل سليمان نطق الطير ، فهو أحق ان يعلمه لغة العرب ، وأشكال حروفها ، وهى أفضل لغة ، وحروفها أفضل أشكال ، ويحتمل أنه كتب اليها بالعربية وأشكالها على يد ترجمان يترجم اليها لغته ، أو لها ترجمان يترجم لها لغة سليمان وأشكال حروفها أو كانت تعرف لغة سليمان وحروفه . واختار بعض أن لا يغير لغته وحروفه الى لغتها وحروفها ، فزعت أولا بالكتاب ، ثم اشتد فرحها ، ألا ترى الى قولها : إنِّى وقولها كتاب كريم ، ومن كرمه أنه مختوم بالمسك ففى الحديث : " كرَّم الكتاب خمته " ، وفسره ابن عباس به ، فيستحب ختم الكتاب لذلك ، وهو أن يطوى ويقلق عليه بمانع ، كما تختمه بعلك ، ويقال : من كتب الى أخيه كتابا لم يختمه ، فقد استخف به ، ومن كرامته أنه باسم ملك عظيم ، وأنه على غير معتاد ، إذ جاء به طائر ، وأنه قصدها او لبدئه باسم الله عز وجل ، فقد أقرت به ، ولو عبدت غيره ، وأن لم تعرفه فقد استعربت ذكره . وقيل : من كرمه أنه من السماء ، ويرده أنه من سليمان ، فلا تظنه أنه من الله عز وجل ، ولا من الشمس التى تعبدها ، ولم تذكر اسم الملقى لجهلها به على أنه ألقى اليها ، وهى نائمة ، أو لتحقيرها اياه على أنها أخذته من الهدهد فى الكوة ، أو يقظت حين ألقاه ، وهو خلاف ما مر أنه من الكرم ، وذلك محتمل ، أو لايهام قومها ان لها اتصالا بأمور لا يعلمون طرقها ، وعلى أنه ألقاه إليها بحضرة الناس فللعلم به ، ولعدم الاهتمام به ، وهو خلاف ما مرّ من الكرم وكأنه قيل ممن هذا الكتاب وما مضمونه ؟ فقالت مؤكدة لشأنه وللجواب : انه من سليمان ، والهاء الأولى للكتاب والثانية لمضمونه ، أخرج ابن أبى حاتم ، عن يزيد بن رومان أن لفظ العنوان بسم الله الرحمن الرحيم من سليمان بن داود ، الى بلقيس ابنه ذى شرح وقومها ، أن لا تعلوا على الخ فقدم اسم الله ، ولو لم تقدمه بلقيس فى كلامها ، أو ذكر فى العنوان لسليمان وحده ، وقدم عليه فى داخل الكتاب البسملة . ولا ضعف فى قول ابى حيان إنه بدأ باسمه وقاية لاسم الله عز وجل ، عما قد يصدر منها ، إذ كانت كافرة ، وقوله : { إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم * ألاَّ تعلوا علىَّ وأتونى مسلمين } لفظ واحد بالحكاية خبر لأن مفرد ، وأما قبل الحكاية فلبسم الله الرحمن الرحيم متعلق بمحذوف خبر مقدم ، وأن لا تعلوا علىَّ مبتدأ بالتأويل ، وأن مصدرية ولا نافية أى بسم الله الرحمن الرحيم انتفاء علوكم على ، وأتونى مسلمين جملة طلبية معطوفة على خبرية ، بل لا تخلوا هذه الخبرية عن طلب ، ويجوز أن يكون ان تفسيرية لمضمون الكتاب ، ولا ناهية وخصت هذه الأمة بالبسملة الا سليمان أو هى فى كلامه بغير العربية ، ومعنى مسلمين مؤمنين بالله وحده ، وأن سليمان رسوله ، وهكذا دعاء الأنبياء ، وإن طولبوا بالحجة أقامواها ، وهذا شأنه لا يقدح فيه أنها سمته ملكاً لجهلها .