Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 27, Ayat: 82-82)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وإذا وقَعَ القَوْل عَلَيْهم } دنى وقوع القول عليهم ، فذلك مجاز مشارفة ، وهو استعارة لشبه القرب بالوقوع لجامع الاستحضار ، وانتفاء البعد ، او مجاز اللزوم ، او السببية ، والقول بمعنى القول ، وهو آية القرآن الدالة على العذاب المستعجل به أو يرد مضمون القول ، واختير ذكر ذلك بالقول ، ليكون تصديقا للقول ، وقال : { عليهم } لأنه صار لهم { أخْرجنا لَهُم } لام استحقاق كقوله تعالى : { وللكافرين عذابٌ } والضمير ان الكفار مطلقا او لكفار مكة . { دابَّةً } مخلوقة من قبل ، حتى قيل : إن موسى عليه السلام سأل الله عز وجل أن يريه إياها ، فطلعت من الأرض ثلاثة أيام الى السماء ، ولم تتم فقال : يا رب ارددها ، وقيل تخلق يوم تخرج ، والأدلة على الأول ، والتعبير بالخروج ظاهر فى ذلك أنها مضطرة ، فأظهرت ، وكيف قول ابن عباس ، إذ ضرب الصفا بعصاه محرما وقال : إنها تسمع قرع عصاى ، وما قيل إنها الثعبان الذى اختطفه العقاب حين أراد قريش بناء البيت ، فخرج ومنعهم ، والصحيح أن الدابة غيره ، وفيها من هذه الأمة التكلم بالعربية ، ومن كل أمة شىء ، ورأس ثور ، وعين خنزير ، وأذن فيل ، وقرن أيل ، وعنق نعامة ، وصدر أسد ، ولون نمر ، وخاصرة هرة ، وذنب كبش ، وقوائم بعير ، بين كل مفصلين اثنا عشر ذراعاً بذراع آدم ، وصوت حمار ، وزغب وريش وأرجل قوائم وجناحان ، وأنا أذكر هذه الأمور كارها ليتروح إليها السامع ، ولو لم أصدقها ، وهى دابة واحدة كما دل عليه الافراد فى الاثبات ، نكرت للتعظيم ، وقيل لكل أرض دابة ، وهو ساقط ، ومن أبعد ما قيل : إنها ترى من المغرب والمشرق ، مع انا لا نرى ما على المشرق من السماء ، ولا نرى الشمس والقمر والنجوم إذا غربت ، وقبل طلوعها ، مع أن السماء أعلى من الدابة . { من الأرض } أرض الصفا أو المسجد الحرام ، أو بدو مكة القريب منها أرض يابسة ، حولها رمل كما بينه صلى الله عليه وسلم ، أو فى اليمن ، او جبل جياد أيام التشريق ، والناس فى منى ، أو من مدينة قوم لوط ، أو من أقصى البادية ، أو تخرج فى أقصى اليمن ، ولا تشهر ، ثم فى البادية ، ثم ناحية الركن الأسود ، وباب بنى مخزوم ، وتنفض التراب عن رأسها ، فيفر الناس إلا طائفة من المؤمنين مع عيسى عليه السلام ، يطوف وتجلو وجوههم كالكوكب الدرى ، وتكتب فيها مؤمن بخاتم سليمان ، وتتحرك القنادل ، وتنكت الكافر فى وجهه بعصا موسى ، ويسود وتكتب فيه كافر ، ولا يلحقها طالب ، ولا يفوتها هارب ، وتقتل إبليس ، والصحيح انه يقتله عزرائيل بكئوس موت الأولين والآخرين . وبعد موت عيسى والمهدى يرفع البيت ولا يدرى محله ، وينزع القرآن من القلوب والمصاحف والألواح ، وحيث كتب ، فيرجعون الى أمر الجاهلية ، ولا قائل لا إله إلا الله ، فأكثر الطواف والقراءة ، وادعوا الله عز وجل ينصر السلاطين العثمانية ، ويسددهم الله لا إله إلا هو رب العرش العظيم ، يا حى يا قيوم ، يا ذا الجلال والاكرام . { تُكلِّمهم } تحدث المشركين المنكرين للبعث فى عصر خروجها ، أو المؤمنين والمنكرين ، وذلك نصرة للمؤمنين ، وهذه الجملة من الله { انَّ الناس } بيان الناس ، وهم هؤلاء المشركون المنكرون ، وصح ذلك لأن قوله : { أنَّ الناس } من كلامها ، كما أن الجملة قبله من كلامها ، أو الناس منكروا البعث فى عصرها او غيره ، أو الناس مشركو مكة على عهده صلى الله عليه وسلم ، شهدت بذلك ما لهم وتخطئة وتزكية له صلى الله عليه وسلم ، بحجة قوية ، وهو نطق الدابة ، وعلى كل حال الآية زجر منها للمنكرين الحاضرين لها ، أو تكْلَمهم تجرحهم جرحاً شديداً ، أى تذمهم كما يجرح الشاهد ، ويناسبه قراءة فتح التاء وإسكان الكاف ، فاللام مخففة . { كانُوا } ربما قوى هذا المضى أن المراد بالناس مشركو مكة على عهده صلى الله عليه وسلم ، ولكن لا يلزم ذلك لأنها خرجت ، والناس ماضون على الانكار { بآياتنا } تعنى الآيات الدالة على البعث ومبادئه ، أو الآيات مطلقاً ، وفى نفس الأمر شملت خروج الدابة ، ونا لله لأن ذلك كلام منها عن الله عز وجل ، ولا يحتاج الى تقدير مضاف ، أى بآيات ربنا أونا للدابة لجريان ذلك بها فنسبت الآيات لنفسها كما ينسب الجندى لنفسه ما للسلطن ، لأنه فى يده ، وعلى معنى الجرح تكون الباء سببية { لا يُوقِنُونَ } بل يكذبون ويشكون .