Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 29, Ayat: 20-20)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ قُلْ } يا محمد لقومك ، وزعم بعض ان التقدير قال الله لابراهيم : قل لقومك { سيروا } سيحوا لتعتبروا { في الارض } بأرجلكم او بالركوب ، واجيز ان يكون سيروا بقلوبكم سير تفكر لا انتقال جسم ، كما ان الانبياء في الارض ، وقلوبهم جائلة في الملكوت { فانْظُروا كَيفَ بدأ الخَلْق } على اختلاف بالاجناس والأطوال والاعراض والالوان ، والصحة والضعف والطبائع وغير ذلك ، وهذه لكيفية غير الكيفية السابقة التي هي بالمادة وغير المادة في قوله : { كيف يُبدئ الله الخلق ثم يعيده } [ العنكبوت : 19 ] والمضارع هنالك للتجدد او الاستحضار ما مضى كانه حاضر ، لما لا يخفى من ان ابداء الشئ بعد عدمه ، اغرب في القدرة من جعله أطواراً مختلفة ، كما اشار الى تلك الغرابة بغرابة اللفظ ، وهو يبدئ مضارع ابدأَ ، فان الاشهر بدأ يبدأ الثلاثي ، لكن المناسبة يعيد الرباعى ، كما حذف ياء يسرى حذفاً غريباً مناسباً لسريان الليل في الغرابة ، ومن ذلك الجنس كتابة الف ابن بين علمين اذا كان اول السطر ، كما ينطق به همزة اذا ابتدئ به نطقاً ، او وجه التغاير ان الابداء هنالك علمى على ما مر والبدء هنا عينيى ، او هنالك نفسى ، وهنا افقى . { ثُمَّ الله } لم يقل هو لمزيد التاكيد { ينشئ النشأة الآخرة } يحدثكم الاحداثة الاخرة وهى البعث ، والاولى هي الخلقة الاولى ، والابداء والاعادة كلاهما اخراج من العدم الى الوجود ، والاولى دليل على الثانية كيف يحكم باستحالة الثانية عقلا من يقر بالاولى ، كما حكم بعض الكفار او كيف يستبعدها ، كما اجازها بعض الكفار ، واستبعدها بل قد خلق اشياء لا من شئ ، ولا فرق بين خلق الشئ لا من شئ ، وبين رد ما فنى ، واما ما كان من شئ فاولى لبادئ الرأي كما ان رد ما كان لبادئ الرأي اسهل ، والكل عند الله سواء ، واحتج الله تعالى بذلك في قوله : { يا أيها الناس إنْ كنتم في ريب من البعث } [ الحج : 5 ] وما بقى يخلق الله فيه الروح ، وما فنى كله يرد كله ، ويخلق فيه الروح ، وما فنى بعضه وبقى بعضه ، يرده الله فيه ما فنى ويخلق الروح فى الكل ، كما شاهد في حمار الرجل الذي مر على قرية . وزعم بعض ان ما فنى من بعض او كل يد الله مثله لا نفسه ، ولم يصح عند اصحابنا حديث البخارى ومسلم ان كل ابن آدم يفنى الاعجم الذنب ، فانه يبقى ، ومنه يبنى ، وكذا تأوله بعض قومنا ، وأطال ولا بأس به الا ان زعم احد انه لا يقدر على انشائه الا بذلك فقد اشرك والنشأة مفعول مطلق قائم مقام الانشاءة ، والعطف على سيروا عطف اخبار على انشاء لجوازه اجماعاً فيما فيه القول لا على بدأ ، لانه سلط عليه النظر ، والنظر بالعين لا بتصور في البعث من الآن ، والنظر بمعنى العلم لا يتصور في البعث ، بل في دليله { إنَّ الله على كل شئ قدير } لا يعجزه ممكن ولا يصعب عليه .