Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 3, Ayat: 140-140)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ إن يَمْسَسْكُمْ } أيها المسلمون ، شبه الإصابة بالمس { قَرْحٌ } جرح ، شبه مطلق الضر بنفس الجرح فى أُحد { فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ } المشركين فى بدر { قَرْحٌ مِثْلُهُ } فنسلوا أيها المؤمنون بما أصابهم ، لأنه قد مس القوم ولم يهنوا ولم يحزنوا ، فكيف تهنون وتحزنون إذ قتلوا منكم مثل ما قتلتم لا أكثر ، وقيل : قتلوا من المسلمين خمسة وسبعين ، وقيل سبعين , وجرحوا سبعين ، ولا يلزم من قوله تعالى مثله مساواة العددين ، وقيل : الفرح رجوعهم خائبين مع كثرتهم ، مع أنكم ترجون من الله ما لا يرجون وقد وعدتم النصر ، بل قيل المسّان فى أحد ، قال الله جل وعلا : ولقد صدقكم الله وعده الخ ، وقد قيل : فى أحد من المشركين سبعون رجلا ، وعقرتم خيلهم وكثرت فيهم الجراحات ، وهزموا أول النهار ، وقتل على ابن أبى طالب طلحة بن أبى طلحة ، كيس الفئة حامل لوائهم ، وأخذ اللواء بعده عثمان بن أبى طلحة فقتله حمزة ، ثم أخذه أبو سعيد بن أبى طلحة فقتل وفرق الله شملهم ، وجرح منهم عدد كثير ، وعقر عامة خيلهم ، ومن أول الأمر قتل منهم نيف وعشرون رجلا ، ولعنهم الله عز شأنه ، وأنزل نصره ، قال الزبير بن العوام فرأيت المشركين قد بدت أشرافهم ونساؤهم وعلى ميمنتهم خالد ، وعلى ميسرتهم عكرمة بن أبى جهل ، وعلى مقدمتهم سفيان بن أمية ، وهند امرأة أبى سفيان وصواحبها ، أخذن الدفوف حين حميت الحرب يضربن بها ويقلن : نحن بنات طارق ، نمشى على النمارق ، إن يقبلوا نعانق ، أو يّدبروا نفارق ، فراق غير وامق ، ثم إن خالد لما رأى إقبال المسلمين على الغنائم خرج فى خيله ، مائتين وخمسين ففرقوا المسلمين ، فهزم المسلمين ، وقصد عبدالله بن قمئة قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم فذب عنه مصعب بن عمير ، وهو مصعب بن عمرو ، صاحب راية بدر وأُحد ، فقتله عبد الله بن قمثة ، وظن أنه قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : قد قتلت محمداً ، وصرخ صارخ ، هو إبليس ، قد قتل محمد ، فزاد المسلمون انهزاما ، وروى أنه حمله طلحة لماغشى عليه بالشج وكسر الرباعية ودافع عنه على وأبو بكر ونفر آخرون ، ويروى أنه يقول صلى الله عليه وسلم : إلىّ عباد الله ، فانحاز إليه ثلاثون ، فحموه حتى كشفوا عنه المشركين ، وتفرق عنه الباقون { وَتِلْكَ الأَيَّامُ } مجموع الماضية والآنية ، مطلق أوقات النصروالغلبة والذل والعزة ، ومثل ذلك الغنى والفقر والخمول والشهرة ، { تَدَاوِلُهَا } نصرفها دولا ، تارة لهؤلاء { بَيْنَ النَّاسِ } المشركين والموحدين ومثل ذلك بين الموحدين بالبغى منهم ، أو من طائفة مع محقة ، وقد بينت فى شرح التبيين أو شرح الدماء أنه قد تحق الفئتان ، وهو خلاف المشهور ، وتقدير الآية نداولها بين الناس ليتعظوا { وَلِيَعْلَمَ اللهُ } لا يخفى من الله تعالى شىء لكن المراد ليعاملكم معاملة الختبر ، فذلك استعارة تمثيلية { الَّذِينَ ءَامَنُوا } اى ثبتوا على الإيمان ولم يكونوا على حرف ، أو يقدر ، وفعلنا ذلك ليعلم الله الخ ، أو يقدر وفعلنا مؤخراً ، أى ، وليعلم الله الذين آمنوا فعلنا ذلك أو نداولها بينكم وبين عدوكم ، ليظهر أمركم ، وليعلم . . الخ ، أو نداولها بين الناس ليظهر حكم وليعلم { وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَآءَ } قدر بعض ، وليعلم الله الذين آمنوا ويتخذ منكم شهداء ، فعلنا ذلك ، أو يقدر ، وفعل ذلك بالبناء للمفعول ، أو فعل الله ذلك والله عالم بكل شىء قبل وقوعه بلا أول ولا آخر ، وعلمه تعالى لا يتجدد ولا تبدو له البدوات ، فكل آية دلت بظاهرها على خلاف ذلك كهذه الآية ، فالمراد بالعلم فيها التمييز من الله لخلقه ما خفى عنهم إطلاقا للسبب على المسبب ، أو للملزوم على اللازم ، وإطلاق العلم على المعلوم ، والقدرة على المقدور مجاز مشهور ، يقال ، هذا علم فلان ، أى معلومه ، وهذه قدرته ، أى مقدوره ، فكل آية دلت بظاهرها على تجدد العلم ، فالمراد تحدد المعلوم كهذه الآية ، وقوله تعالى : { فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين } [ العنكبوت : 3 ] ، وقوله : { لنعلم أى الحزبين } [ الكهف : 12 ] ، وقوله : { حتى نعلم المجاهدين } [ محمد : 31 ] ، وقوله : { لنعلم من يتبع الرسول } [ البقرة : 143 ] ، وقوله تعالى : { ليبلوكم أيكم أحسن عملا } [ هود : 7 ] ، وكل آية دلت بظاهرها على نفى العلم ، فالمراد فيها نفى المعلوم ، كقوله تعالى : { ولما يعلم الله } [ آل عمران : 142 ] ، وعلم الله تعالى بشىء برهان لنحققه ، وعدم اللازم برهان لعدم الملزوم ، فمعنى الآية ليمييز لكم الثابت على الإيمان من المتزلزل ، أو ليعلم الله الذين آمنوا موجودين كما علم قبل وجودهم ، أنهم سيوجدون ومعنى شهداء قتلى أحد فى سبيل الله اصطفاهم الله جمع شهيد ، أو عدول يشهدون يوم القيامة بما وقع ، سألت امرأة عن قتيلين ربطا على جمل ، فقيل ، أخوها وزوجها أو زوجها وابنها ، فقالت ، ما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقيل : حى ، فقالت ، فلا أبالى ، يتخذ الله من عبده الشهداء فنزلت الآية على لفظها { وَاللهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ } أُبيَّا وأتباعه الذين فارقوا جيش الإسلام ، أو الكافرين مطلقا ، أى لا يحب من لا يؤمن ، أى لم يثبت على الإيمان ، بأن تزلزل ، أو كان مشركا صراحا ، وهو مقابل لقوله ، الذين آمنوا مع الزيادة ، أو الظالمون الكافرون ، ونفى الحب عنهم كناية عن عقابه ، ونفى لنصرهم ، فغلبتهم استدراج له وابتلاء للمؤمنين لا نصر لهم .