Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 3, Ayat: 148-149)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ فَآتَاهُمُ اللهُ } لاستغفارهم وطلب التثبيت والنصر على أهل الكفر لكفرهم ، كما دلت له الفاء { ثَوَابَ الدُّنيْا } النصر والعز والفتح وحسن الذكر فى الدنيا ، والغنيمة بأن يتغلبوا عليهم حتى يأخذوها ، ولو كانوا لا يأكلونها بل تنزل نار فتأخذها أمارة على قبول جهادهم والرضا عنهم ، ولا تأكل الحيوان والعبيد بل تبقى لهم دون أنبيائهم ، وأكل الغنيمة مخصوص بالنبى محمد صلى الله عليه وسلم وأمته { وَحُسْنَ ثَوَابِ الأَخِرَةِ } ثواب الآخرة كله حسن ، بفتح السين والحاء ، وفى كله حسن بضم الحاء وإسكان السين ، وأكد بجعله هو نفس الحسن ، بضم فإسكان ، أو حسنة بالضم والإسكان ، التفضل المحض فوق ما جعله الله بفضله مستحقا لأعمالهم وثوابا لها ، وعلى كل حال فهو الحشر فى أمن ، والتسهيل فى الموقف ورضى الله عز وجل ، والجنة ونعيمها ، والإسراع إليها فضلا واستحقاقا بلا وجوب ، ولم يصف ثواب الدنيا بالحسن لأن ما فى الدنيا يزول ويتكدر بالمشاق والآلام والآفات ، وقد يعد الغفران من ثواب الآخرة الحسن ، أو ذو الحسن { وَاللهُ يُحِبُّ المُحْسِنِينَ } مطلقا ومنهم هؤلاء ، علمنا الله معشر الأمة أن نقتدى بهؤلاء فى ترك ما لا ينبغى فى الحرب ، والإنصاف فيها بما ينبغى ، فننال فوق ما نالوا ، ونزل فى قول المنافقين المؤمنين فى هزيمة أحد ، ارجعوا إلى الشرك وفى النزول على حكم أهل الشرك مطلقا ، وفى طلب المؤمنين الضعفاء ، ابن أبى أن يأخذ لهم الأمان من أبى سفيان ، قوله عز وجل : { يَآيُّهَا الَّذِينَ ءِامَنُوا إن تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا } تهتموا بطاعتهم أو تصمموا عليها ، وذلك غير الرد على الأعقاب فلم يتحد الشرط والجواب ، وأيضا قد تعتبر المخالفة باعتبار الخسارة من الجواب ، وهى ضر الدنيا والآخرة ، وهى غير الإطاعة ، هم هؤلاء المنافقون القاتلون للمؤمنين ، ارجعوا إلى الشرك وإلى إخوانكم ، وطاعة الذين كفروا شاملة للنزول على حكم أبى سفيان بالأمان ، فهو وأصحابه داخلون فى الذين كفروا ، وقيل اليهود والنصارى ، إذ يقولون ، لو كان محمد رسولا لم يغلب ، وقيل ، الكفار مطلقا { يَرُدُّوكُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ } أى الشرك بعد كونكم فى التوحيد ، كما يرد ماش إلى ورائه ، فمحط الكلام فى تشبيه الرجوع إلى الشرك المحض الصريح من المنافقين المضمرين للشرك بالمشى إلى الوراء مجازاة على ظاهرهم ، وإن خوطب من ضعف إيمانه فمحط الكلام فى الرد إلى الشرك هكذا ، وهو أنسب بقوله يأيها الذين آمنوا { فَتَنقَلِبُوا } ترجعوا إلى باقى دنياكم وإلى آخرتكم ، أو تنزلوا عن مراتبكم الدينية المحقة { خَاسِرِينَ } فى الدنيا والآخرة ، بأن تنزلوا منازل المسلمين فى النار ومنازلكم ، ويفوتكم منازلكم فى الجنة وغيرها ، فتكون للمؤمنين ، وتذالوا فى الدنيا ، وتكونوا تحت القهر ، ومن أشق الأشياء الإذعان للعدو وإظهار الحاجة إليه .