Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 3, Ayat: 151-152)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ سَنُلْقِى فِى قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ } الخوف بعد أحد كما علا أبو سفيان أحدا ، فقال ، أبن ابن أبى كبشة ، يعنى رسول صلى الله عليه وسلم ، أبن ابن الخطاب ، فأجابه ابن الخطاب ، هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا أبو بكر وأنا عمر ، ولم ينزل مع كثرة قومه إليهم مع قلتهم خوفا ، بل قال ، يوم بيوم ، والأيام دول ، والحرب سجال ، أُعل هُبَل ، فأجابه عمر ، الله هو العلى الأجل ، فى كلمات دارت بينهم ، ورجع أبو سفيان إلى مكة من غير سبب غير الخوف ، وقال ، " يا محمد ، موعدكم موسم بدر ، من قابل ، فقال صلى الله عليه وسلم نعم : إن شاء الله " ، وكما روى أنهم ساروا ما شاء الله عز وجل ، وقيل وصلوا هاد كجبل قريبا من المدينة وندموا ، وقالوا ، ما صنعنا شيئا لم يبق إلا أقلهم فتركناهم وفيهم رؤساء يجمعون إليكم ، ارجعوا إليهم نستأصلهم ، فخافوا ولم يرجعوا ، وأرسلوا بعض الأعراب ، أن يبلغه صلى الله عليه وسلم أن أبا سفيان يجمع لكم ، وقال قائلهم الغلبة لكم ، فلعلكم إن رجعتم تكونوا مغلوبين فيفسد أمركم ، وذلك الإلقاء بعد الوقعة كما ألقى أولا قبل ترك المركز ، وحمل الآية عليه يحتاج إلى دعوى تقدم نزول سنلقى الآية على الآيات قبله ، ولو تكلفناه لشمل هذا الرعب والرعبين المذكورين الواقعين بعد الوقعة ، وتبعهم النبى صلى الله عليه وسلم بعد رجوعهم فى ستمائة وثلاثين ممن شهد أحدا ، حتى وصلوا حمراء الأسد على ثمانية أميال من المدينة ، ولم يدرك منهم أحدا ، وقيل الآية نزلت فى الأحزاب { بِمَآ أَشْرَكُوا } بإشراكهم { بِأللهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ } الأصنام والشياطين ، وروعى لفظ ما ، أو المراد العبادة كذلك ، أو الإشراك ، أى بعبادته أو إشراكه { سُلْطَاناً } حجة لعدمها ، فضلا عن أن ينزلها ، والسالبة تصدق بنفى الموضوع ، سميت سلطانا لقوتها ووضوحها وحدتها ونفوذها ، والنون زائدة لا وجه لأصالته { وَمَأْوَاهُمُ } مرجعهم { النَّارُ وَبِئْسَ مَثْوَى الظَالِمِينَ } مقامهم أبدا ، وذلك ترتيب بحسب الوجود ، فإن الذهاب لى موضع سابق على الإقامة فيه والظالمون عام ، ومنهم هؤلاء ، والظلم عام ، وأعظمه الشرك ، والمخصوص مقدر ، أى هى ، ولما رجح رسول الله صلى الله عليه وسلم من أحد إلى المدينة قال بعض الصحابة من أين اصابنا هذا وقد وعدنا بالنصر ، فنزل قوله تعالى : { وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللهُ وَعْدَهُ } وَفىَّ لكم وعده بالنصر المذكور فى قوله تعالى ، بلى إن تصبروا وتتقوا … الآية { إِذْ تَحُسُّونَهُم } أى تبطلون حسهم بالقتل ، أو تصيبون حواسهم بالسوء ، كقولك ، كبدته ، أصبت كبده ، وركبته ، أُصبت ركبته كما أطلقته فى شرح لامية أبن مالك ، قال صحابى : @ ومنا الذى لاقى بسيف محمد فحس به الأعداء عرض العساكر @@ { بِإِذْنِهِ } بإرادته أو قدرته كما وعدكم بالنصر لما أقبل المشركون ، جعل رماتكم يرشقونهم بالنبل ، وباقوكم يضربونهم بالسيف والرمح حتى انهزموا وأنتم بإثرهم ، فهذا وفاء بالوعد حتى تركتم الشرط وهو الصبر والاتقاء بانقسامكم قسمين ، بسبب ميل قسم إلى الغنيمة ، فالمائل إليها معرض عن القتال ، ضعيف فيه ، وغير المائل منكسر القلب ضعيفه بالانفراد عن الآخر ، ولا سيما أن غير المائل قليل ، وحتى للابتداء ، وجواب إذا يقدر بعد قوله ، ما تحبون ، هكذا منكم نصره أو انهزمتم أو امتحنكم أو جبنتم ، واعترض تقدير امتحنكم يجعل الابتلاء غاية للصرف المترتب على منع النصر ، ويضعف تقديره بأن لكم أمركم ، أو انقسم قسمين لقلة فائدة ذلك ، ولأنه يغنى عنه قوله عز وجل ، منكم من يريد الخ ، وإن أخرجناها عن الشرط وجررناها بحتى كان المعنى تحسونهم إلى وقت فشلكم ، أو صدقكم وعده إلى وقت فشلكم ، أو دام ذلك إلى وقت فشلكم ، وتعلق بتحس أو صوتكم { وَتَنَازَعْتُمْ فِى الأَمْرِ } أمر الحرب ، أو أمره صلى الله عليه وسلم ، فمن قائلين ، ما مقامنا هنا وقد انهزم المشركون ، هلموا نغنم ، وهم الأكثر ، ومن قائلين ، لا تخالف موضعاً أمرنا صلى الله عليه وسلم به ، وهم أمير المركز ، عبد الله بن جبير ونفر دون العشرة ، قتلوا رضى الله عنهم ، والباقون الأكثر عصوا ، وهم المراد بقوله { وَعصَيْتُم } فالمراد فيه المجموع لا الجميع ، لأن من لزم المركز مطيع ، وإنما عصى من انتقل عنه ، وهو سفح الجبل ، أمر الجميع بلزومه والرمى منه معاونة لأصحاب السيف { مِّنْ بَعدِ مَآ أَرَٰكُمْ مَّا تُحِبُّونَ } من الظفر والغنم وانهزام العدو ، وروى أحمد وغيره عن ابن عباس ما نصر الله عز وجل نبيه فى موطن كما نصره فى أحد ، فأنكروا ذلك ، فاحتج عليهم بقوله تعالى ، ولقد صدقكم الله وعده ، { إذ تحسونهم } ، قال مجاهد ، نصر الله تعالى المؤمنين ، حتى ركبت نساء المشركين على كل صعب وذلول ، وقد قال صلى الله عليه وسلم للرماة ، " لا تفارقوا موضعكم ولو رأيتم الطير تأكلنا " ، ففارقوه وجاءهم خالد وعكرمة بن أبى جهل فأرسل إليهم صلى الله عليه وسلم الزبير فهزمهما ومن معهما ، فدخل الرماة العسكر ودخل خالد ومن معه موضعهم ، وقتل بعض المسلمين بعضا التباسا { مِنكُم مَّن يُرِيدُ الدَّنْيَا } وهم من تحولوا عن المركز للغنيمة { وَمِنكُم مَّن يُرِيدُ الأَخِرَةَ } وهم الملازمون للمركز حتى قتلوا { ثُمَّ صَرَفَكُمْ } عطف على جواب إذا ، والمعنى كفكم { عَنْهُمْ } بالانهزام ، وغلبوكم { لِيَبْتَلِيَكُمْ } يعاملكم معاملة المختبر ليظهر إخلاصكم وثباتكم على الإيمان وعدمها ، وفى ذلك استعارة مركبة تمثيلية ، والآية دليل على أن كل فعل لمخلوق فعل الله ، بمعنى أنه خلقه ، ولو معصية ، إذا أسند الصرف إلى نفسه ، مع أن الانهزام كبيرة ومخالفة لأمره صلى الله عليه وسلم بلزوم المركز { وَلَقَدْ عَفَا عَنكُمْ } لعلمه بتوبتكم عن المخالفة ، فلا ضمان دية ولا عتاب ، فهذا تفضل ، فلا دليل فى الآية على تصور العفو بلا توبة ، نعم يتصور فى ناسى ذنبه الذى لم يصر عليه ، ولا سيما من يستغفر من الذنوب عموما وخصوصا فيدخل ذنبه فى العموم ، وهو تعميم واجب عَلَى المكلف ، وقيل : عفا عنكم بمحض فضله ، عفا عن الاستئصال ، وقيل عن من لم يعص بانصرافه { وَاللهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى المُؤْمِنيِنَ } يعفو عنهم ويرحمهم ، غُلبوا أو غَلبوا ، والمراد المخاطبون ، أو عموم المؤمنين ، فيدخلون أولا .