Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 3, Ayat: 15-16)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ قُلْ } للناس كما عم في قوله زين للناس أولى من أن يقال ، قل لقومك { أُؤُنَبِّكُم بِخَيْرٍ مَّن ذَلِكُمْ } أى من ذلكم المزين من الشهوات ، والاستفهام لتحقيق خيرية ما عند الله على ذلك ، والخير ية الزيادة المطلقة ، أو من قبيل ، العسل أحلى من الخل ، أو باعتبار أن الخير متحقق فى مستلذات الدنيا ، إذا كانت على وجه قصد الدين ، واستأنف بقوله { لِلِّذينَ اتَقَّوْا } الخ ، أو بقوله { عِندَ رَبِّهِمْ } الخ ، أى عندهم ، أو بقوله { جَنَّاتٌ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا الأَنْهَأرُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مًُّطَهَّرَةٌ } أى هو جنات ، وفى الأوجه الثلاثة تفصيل بعد إبهام ، والاستئناف نحوى أو بيانى ، أى ما هو ولمن هو ، والتقوى اجتناب الكبائر ، أو مع الصغائر ، والإصرار عليها كبيرة لا اجتناب الشرك فقط ، إلا من مات بعد توحيده وقيل وجوب فرض فعل ، أو ترك الشهوات الشاغلة من الطاعة ، وضعف ما قيل من أن المراد بالتفوى ترك الإعراض عن الله ، وخالدين بمعنى مقدرين الخلود ، وصاحب الحال الذين قبل ، أو جنات ، أو نعت جنات ، في قراءة كسر جنات على أنه بدل خيراً ، أي جنات موصوفة بأنهم خالدون فيها ، وعليه فلم يبرز الضمير مع جريان الوصف لغير ما هو له ، لظهور المراد ، وهذا على قول الكوفيين كما هو وجه فى { أجراً حسنا ماكثين فيه } [ الكهف : 2 ، 3 ] ، ولو برز لقيل خالداهم وماكثاهم ، والمراد بتطهير الأزواج جعلها غير مقترنة بما يستقذر كالحيض ، ورطوبة الفرج ، والبصاق ، المنى مع لذة الجماع ، لا يدرك أحد غايتها ، والوسخ ، ودنس الطبع ، وسوء الخلق ، وقدم الخلود عن الأزواج هنا ، وأخر فى البقرة ، لأن النساء من جنس ما يشتهونه فى الدنيا فذكرت بأن حالها مخالفة للنساء التى يشتهونها فى الدنيا ، ولذا خصت بالذكر من بين النعم التى تفهم من ذكر الجنة ، وأيضا ذكر الجنة ، وأزال خوف الفوت بذكر الخلود وذكر بعض نعمها . ومنها الأزواج ، فبين أن نساء الجنة الآدميات والحور ليس فيهن ما فى الدنيا من الكدر ، وللذين خبر لمحذوف ، أى ذلك الخير للذين ، وجنات كذلك ، أى هو جنات ، أو جنات خبره للذين أو للذين متعلق بخير ، وجنات خبر لمحذوف كما رأيت ، ويجوز تعليقه بمحذوف نعت لخير ، وعند متعلق بمحذوف نعت لخير ، أو حال منه أو متعلق باستقرار للذين أو به لنيابته عنه إذا جعل خبر الجنات أو المحذوف نعتا لخير { وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللهِ } عظيم كثير ، بمعنى إحسان ، وهو فعل لله ، أو نفى لسلب النعم ، ولحلول النقم وإثبات لكونهم من أوليائه أبدا ، وهو صفة لله عز وجل ، وأخر الرضوان على سبيل الترقى ، يقول الله عز وجل ، " يا أهل الجنة هل رضيتم ؟ فيقولون : يا ربنا ما لنا لا نرضى وقد أعطيتنا ما لم تعط أحداً من خلقك ، فنقول جل شأنه : ألا أعطيكم أفضل من ذلك ، فيقولون ، يا ربنا وأى شىء أفضل من ذلك ؟ قال : أحل عليكم رضوانى فلا أسخط عليكم أبدا " { وَاللهُ بَصِيرٌ بِالعِبَادِ } عليم بهم وبأحوالهم ، فيجازى كلا من المطيع والمعاصى بما يستحق ، أو المراد بالعباد الذين اتقوا ، فلذلك أُعد لهم الجنة ، والأول لعمومه أولى ، وعلى الثانى يكون قوله : { الَّذِينَ } نعتا للعباد ، وعلى الأول نعتا لقوله ، الذين اتقوا ، أو التقدير ، هم الذين ، أو أمدح الذين { يَقُولُونَ رَبَّنَآ إِنَّنَآ ءَامَنَّا فَاغْفِرْ لَنآ ذُنوبَنَا } صغائرنا وكبائرنا { وَقِنَا عَذَابَ النّارِ } المراد آمنا إيماناً تامَّا ، وهو التوحيد وأداء الفرائض ، واجتناب المناهى ، أو آمنا وامتثلنا وانتهينا بحسب ما يظهر لنا ، ويدل لذلك ذكر التقوى قبل . فلا دليل فى الآية على أن الإيمان ، أى التوحيد ، كاف مطلقا فى الغفران ووقاية النار ، وأنت خبير بأن الإيمان يطلق كثيراً شائعاً على العمل ، كقوله تعالى : { وما كان الله ليضيع إيمانكم } [ البقرة : 143 ] ، وقوله صلى الله عليه وسلم : " الإيمان بضع وستون جزءاً ، أدناها إماطة الأذى " .