Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 3, Ayat: 164-164)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ لَقَدْ مَنَّ اللهُ } أنعم ، وأصله القطع ، فإن البلية تقطع بالنعمة ، وإذا أعددت على أحد بما فعلت به من الخير فقد مننت ، أى أبطلت ما فعلت وقطعته { عَلَى المُؤمِنينَ } بالفعل ، أو من يئول أمره إلى الإيمان ، أنعم عليهم برسوله ، والإيمان به ، ومنهم الرسول ، منّ الله عليه بالوحى وإيمانه به ، ومنَّ عليه بمن اتبعه ، وكل نبى هو أول من يؤمن بما أوحى إليه أنه من الله ، ولو تقدم الإيحاء به إلى غيره والرسول منة على كل أحد ، لأنه منجاة لكل من أرادها ، إلا أنه خص المؤمنين لأنهم المنتفعون به ، والمراد المؤمنون من العرب ، او من قريش ، أو من الناس { إذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنْفُسِهِمْ } نسبهم من إسماعيل ومن عدنان إليهم ، ونسبه فى كل العرب إلا بنى تغلب ، تنصَّروا واستمروا عليها ، وكان فى قومه يشاهدونه من حيث نشأ إلى ادعائه الوحى ما يرون منه محرما ولا مكروها ، ولا شيئا من مساوىء الأخلاق وما رأوا منه إلا عبادة الله بما أمكن له قبل الوحى ومكارم الأخلاق ، فيبعد أن ينسبوه إلى الكذب فى دعوى الوحى ، لا كذب أقبح من دعوى الوحى كذبا إلا دعوى الألوهية وعبادة الأصنام ، وجحود الله ، وأنواع االشرك ، فبعثه فيهم من أكبر النعم إذ كان أقرب لهم إلى فهم كلامه وإلى الإيمان فلا يكذبونه لمشاهدتهم صدقه فى كل أحواله ، وإذ كان أنسب لهم بالافتخار به فيكون من دواعى الإيمان به ، أو أنفسهم قريش ، ويدل له قراءة من أنفسهم ، بفتح الفاء ، فذلك أشد لهم فخراً ونعمة ، أو أنفسهم الإنس لا من الجن ولا من الملائكة فهو أليق بالأخذ عنه ، وأخرج البيهقى عن عائشة ، أن المراد العرب خاصة ، وذلك فى الآية ، وإلا فهو رحمة للعالمين كلهم ، ومن يتعلق ببعث ، أو بمحذوف نعتا لرسولا ، ومن لم يعلم أنه من الجن أو الإنس أو الملائكة أشرك ومن لم يعلم من العرب أو العجم أشرك ، لأنه كونه من العرب معلوم كالأمر الضرورى ، وقيل ، لا يشرك ، ومن جزم بأنه من العجم أو من الملائكة أشرك ، لا إن لم يعلم أنه من أشرف القبائل { يَتْلُواْ عَلَيْهِمْ ءَايَاتِهِ } أي القرآن ، وهو أفضل كتب الله ، بعد ما لم يجدوا إلا ما قلَّ جداً من أهل الكتاب من الوحي ممزوجاً بأكاذيب { وَيُزكَّيهِمْ } يطهرهم من الشرك وما دونه من المعاصى وسوء الطباع والاعتقاد وفساد الجاهلية وأهل الكتاب ، أو يشهد لهم أنهم أزكياء { وَيُعَلِّمُهُمُ الكِتَابَ } القرآن { وَالحِكْمَةَ } السنة ، يعبر عن القرآن تارة بالآيات ، وتارة بالكتاب تلويحاً بأنه علامة ونعمة من حيث إنه كلام مجموع ، وقد يعبر عنه بالحكمة من حيث إنه عصمة فوسط التزكية للإيذان بذلك التعدد فى النعم ، فإن التزكية تكميل بالعمل لمرتب على التعليم ، المرتب على التلاوة ، وأما قوله تعالى { ربنا وابعثْ فيهم رسولاً } [ البقرة : 129 ] . إلخ فيتبادر منه أن الكل نعمة مشتملة على نعم { وَإن كَانُوا } إن الشأن كونهم ، وليست إن علامة فى مذكور ولا محذوف ، لكن بينت المعنى ، وقيل عملت فى ضمير الشأن محذوفا ، ويجوز تقدير غيره إذا أمكن ، مثل أن يقدر هنا ، وإنهم كانوا ، ونسب للبصريين أنها تهمل ولا يقدر لها ضمير ، وأجازوا إعمالها فى ظاهر { مِن قَبْلُ } قبل بعثه صلى الله عليه وسلم { لَفِى ضَلاَلٍ } عن الدين والمصالح { مُّبِينٍ } ظاهر .